أخفقت مجموعة السبعة من ممثلي الكتل الشيعية في تسمية مرشح معين لرئاسة الوزراء، رغم إتفاقهم على بعض الإشتراطات والمواصفات الضرورية، منها إستبعاد ترشيح زعمائهم من الخط الأول، والتركيز في الإختيار على شخصية من الخط الثاني. وقد تم تحديد عشرين شخصية، ليجري الاختيار من بينها عبر آلية التصويت السري. مع ذلك انهار إتفاقهم وفشل جهدهم الهادف في النهاية الى إبقاء هيمنتهم على القرار السياسي.
هكذا لم ينجح المتنفذون في تسمية مرشح لرئاسة الوزراء. وكانت الحصيلة الوحيدة لإجتماعاتهم التي امتدت أياما، هي إنقسامهم وتعمق اختلافهم، الذي بان بشكل جلي بعد تكليف رئيس الجمهورية للسيد عدنان الزرفي مرشحا لرئاسة الحكومة.
وسارعت أربعة أطراف من مجموعة السبعة (هي تحالف الفتح وائتلاف دولة القانون وكتلة العقد الوطني وكتلة النهج الوطني) الى إصدار بيان يوم ١٧ آذار، وهو يوم التكليف نفسه، بيّنت فيه موقفها الرافض لاختيار الزرفي، رغم كونه أحد المرشحين العشرين ضمن ما يعرف بالخط الثاني. فقد وقعت في التكليف حسب بيانها "مخالفات دستورية وتجاوز للأعراف والسياقات السياسية المعمول بها في الدولة العراقية" وحذرت في الوقت نفسه من "هذا التداعي الذي ان استمر لا سامح الله فانه سيهدد السلم الاهلي ويفكك النسيج الوطني).
وتتيح لنا لغة البيان وما ينطوي عليه من مواقف من ناحية ،ووضوح حالة الانقسام والتشرذم بين القوى المتنفذة من ناحية ثانية، والتي هي أحد مخرجات فشلها في حل أزمة الحكم المعبرة عن أزمة النظام، كذلك عجز المتنفذين عن الاستمرار في نفس منهج الحكم، إدراك خلفيات عدم القدرة على إيجاد حلول تحفظ سياقات المحاصصة، وتديم الأعراف السياسية التي تضمن هيمنة طغمة الحكم على أبسط تفاصيل القرار السياسي، مثلما سارت عليه العملية السياسية منذ التغيير.
ويدرك المتنفذون ان فتح أية ثغرة في جدار المحاصصة، والابتعاد قليلا عن النمط الذي جرى عليه الحكم في العراق، يعني فتح كوة امل للتغيير الذي يهدد مصالحهم الانانية والحزبوية الضيقة.
أما ما لا يدركه المتنفذون فهو أن الأزمة من العمق والخطورة بحيث يستحيل عليهم وعلى أدواتهم حلها. فإلى جانب الأزمة السياسية الخانقة، التي بلغت مديات خطيرة، تتفاقم الأزمات الأقتصادية والمعيشية والأجتماعية وتضغط، وتضع نفسها على جدول التنفيذ العاجل بقوة الاستحقاقات الواجبة التي يطالب بها الشعب، لا بالخطابات الرنانة والوعود المعسولة.
ومن أين للكلام الاجوف ان يحمي الناس من خطر فيروس كورونا، الذي لم ترتق الإجراءات الحكومية الى مستوى المواجهة معه. وليس القصد هنا تقديم الأرشادات الطبية التي ينبغي على المواطن إتباعها دون أدنى إهمال او تقاعس، فهذا يحتاج ايضا الى مستلزمات طبية وإجراءات وقائية، وهذه تتطلب كلفا مالية لا تتحملها جيوب المهمشين والفقراء وأصحاب الدخل المحدود والكسبة وأصحاب الأعمال اليومية، فلا بد بالتالي من دعم حكومي وتعويضات مالية.
ان الكارثة الاقتصادية قادمة لا ريب فيها، ومعها إنعكاسها المخيف على معيشية الكادحين والمعوزين ومحدودي الدخل والفقراء والمهمشين. فإذا كانت طغمة الحكم تعيش في ترف، وقصور آمنة، ومناطق محصنة، وتعدها مناطق قوة لتأمين وحماية نفسها فيها، فان هذا الترف هو نقطة ضعفها الأساسية، وباب هزيمتها الواسعة. حيث انه يشكل منطلق الغضب العارم المقبل لا محال، والذي سيكون هدفه إزاحة طغمة الفساد عبر تغيير شامل في منهج الحكم. وسيأتي هذا التغيير على أيدي كادحي العراق وفقرائه، الذين لا يجدون في بيوتهم ما يسد احتياجاتهم واحتياجات اطفالهم المعيشية الأساسية.
سيأتي التغيير بقوة الملايين الذين يعيشون تحت خط الفقر، ومعهم كل وطني غيور، وكل عراقي يرى كيف تذهب طغمة الحكم بعيدا في أنانيتها وضيق مصالحها، بعد ان نهبت ما استطاعت من ثروات العراق وتركته بلدا فقيرا بائسا يعاني الهوان.