قال الراوي، وهو يقسم بأغلظ الايمان بان ما حدث في ذلك الزمن، قبل ستين عاما، لم يكن من خياله او من بنات افكاره، بل هو واقعة حقيقية.

قال: كان هناك اديب أودع السجن بسبب قصة قصيرة كتبها فوشي به بتهمة انه يقصد بقصته الزعيم فأودع التوقيف. سارعت زوجته وشكت الى الزعيم فاستغرب قصتها وامر بإطلاق سراح زوجها فورا.

ويقول الراوي ان هذا الاديب العراقي هو ثاني مثقف، في تاريخ العراق السياسي الحديث يودع السجن بسبب ادبه، اذ سبقه الشاعر حسين مردان حيث تمت محاكمته بسبب قصائده الماجنة التي ضمها ديوانه قصائد عارية! وعقدت محكمة جزاء بغداد الاُولى جلستها الاُولى لمحاكمة الشاعر حسين مردان في اليوم السادس والعشرين من حزيران 1950، وقد تقاطر عدد كبير من الاُدباء الشباب الى ساحة المحكمة، ولم يصدر القرار الا بعد الجلسة الثالثة حيث قررت المحكمة الافراج عنه لعدم توفر أركان الجريمة وفق المادة 155 من قانون أصول المحاكمات واُفهم علنا في 26 تموز 1950.

وفي العودة الى صاحب القصة ترى ماذا كتب لكي يدخل مراكز المخابرات ومواقف الشرطة؟!

يختصر الراوي قصة صاحبنا الخيالية على النحو التالي قائلا:

في يوم ربيعي جميل راح "القمر" يتبختر في شوارع بغداد وازقتها الشهيرة في وضح النهار، وإذا به يلتقي بـ "الشمس" صدفة وهي ترتدي بدلة جميلة اخاذة مزركشة تبهر الناظر وتأخذ بلبابه، فسالها القمر عن " الخياط" الذي فصل وخاط لها هذه البدلة الجميلة فأشارت له مكان الخياط الذي يقع في زقاق العوادين، الخاص بصناعة الالة الموسيقية الاشهر "العود"، بين ساحة الميدان و"الحيدر خانة". لم يكذّب القمر خبرا فذهب يبحث عن الخياط حتى وجده، فطلب منه خياطة بدلة له تليق بقوامه ووجهه الجميل، وبمقامه بين العشاق والأحبة، مذكرا اياه ببذلة الشمس الجميلة. صعق القمر حين افصح الخياط عن عدم قدرته على خياطة بدلة له، وحين استفسر القمر من الخياط عن السبب اجابه الاخير بلهجة اهل بغداد في ذلك الزمان: عيني اروحلك فدوة، انت لا يرهم عليك " اولچی " ( قیاسات الفصال)، لأنه يوم تختفي، يوم تطلع خيط دقيق، يوم تظهر بدر، يوم هلال،  يوم قمر كامل..شلون تريد اضبط قياساتك؟!