منذ تسع وتسعين سنة ، تم تأسيس أول فوج عسكري عراقي، والذي يعتبر النواة الأولى للجيش ، سمي بفوج موسى الكاظم، وتوالت بعده العجلة بالدوران ، فتوسّع شيئا فشيئا ، ليصبح القوة الضاربة التي يشار إليها بالبنان في مسيرة الحكومات العراقية منذ ذلك الوقت عبر تحرّك بعض القادة العسكريين لتغيير الحكومات بالانقلابات والثورات ، وآخرها ثورة 14 تموز التي أطاحت بالحكم الملكي ، ولا يمكن نسيان ما فعله ضباط الجيش عام 1941 حين أعلنوا الثورة ضد الوجود البريطاني في العراق ، ومشاركة الجيش العراقي في جميع الحروب العربية ضد إسرائيل من خلال المشاركة في 1948، 1967 ، 1973 ، ودوره البطولي فيها لولا خيانات بعض الحكام العرب!
أثبت الجيش منذ تأسيسه ولغاية عام 1991 بطولة لا مثيل لها في الدفاع عن الأرض والشعب وحماية الوطن، لكن ما حصل عام 1991 من هزيمة مُرّة عندما أجبر الأحمق المقبور صدام الجيش على غزو الكويت والوقوف في وجه تحالف دولي لجيوش تمتلك من الخبرة التكنولوجية والتسليح الحديث الشيء الكثير ، وتحديدا بعد انسحاب القوات العراقية من الكويت وما حصل لها من إحراق ودمار بفعل قصف الطائرات الأمريكية والبريطانية وغيرها ، حيث أبكتنا هذه المواقف المحزنة جداً ولابد من استذكارها :ــ حين دخل الجنود العراقيون المنسحبون البصرة وعلى جسر الزبير قصفتهم الطائرات الأمريكية فتناثرت الجثث الممزقة على الجسر وفي شط البصرة واصطبغ الشارع العام بالدم ، يا له من منظر رهيب تقشعر له الأبدان حزنا وألما على جيش قدم الانتصارات تلو الانتصارات لكنه يُهان بهذا الشكل وفي حال يرثى لها ، جنود يبكون وضباط يرمون رتبهم على الأرض ويدوسونها والدموع تملأ مآقيهم ، عجلات ودبابات ومدرعات محترقة تفوح منها رائحة اللحم البشري، لقد ابتدأ العدّ التنازلي لهيبة وسطوة الجيش العراقي منذ تلك اللحظة ، لتكتمل بهروبه أمام شرذمة الأوباش الدواعش تاركين ثلث مساحة العراق نهباً لأعتى شرذمة مرّت على وجه الأرض لتستبيح الأرض والعرض والتاريخ ذبحا وسبيا وتخريبا!
لو كان الجيش العراقي آنذاك بقوته المعهودة لما استباحت داعش شبرا واحدا من ارض العراق!
لقد تم تحطيم سطوة وعنفوان جيشنا منذ عام 1991 ثم بحلّه عام 2003، وتشكيل جيش بسيط التسليح وخلق تشكيلات مسلّحة موازية له تفوقه تسليحاً، ما جعله هشّاً لا يمتلك القدرة حتى في الدفاع عن نفسه، وهذا ما أراده الفاسدون من إضعاف الجيش وجعله هامشيا من خلال عدم تسليحه بالشكل اللائق وبالأسلحة المتطورة والحديثة التي تلائم التكنولوجيا العسكرية المتطورة، لجعل سطوته أقل من أذرع البعض!
ونحن اليوم نستذكر جيشنا في ذكرى تأسيسه التاسعة والتسعين علينا أن نقف ونتأمل تأريخه المشرّف، ثم نقوم بعمل يليق بهذا التاريخ من خلال إعادة النظر في تسليحه بالشكل الموازي لكل ما تتسلح به الجيوش العالمية، وإعطائه المكانة التي يستحقها قولا وفعلا، لأنه السور الحقيقي للوطن والحامي لكل شبر فيه والمدافع عن الأرض والعرض والتاريخ، أمس واليوم وغدا، انه الجيش العراقي وكفى، وكل كانون وجيشنا بألف خير!