حين يتوقف كل شيء عن الحياة، صناعيا وزراعيا، ونبدأ بفتح عدد كبير من المدارس والجامعات الأهلية، بالإضافة إلى الحكومية، لتخريج أكبر عدد من الشباب ورميهم على قارعة الطريق بلا عمل .. خطأ كبير!
وحين تتدنى الخدمات ويتدهور التعليم وتزداد نسبة الفقراء والمتسولين والمعوزين، فنرفع نسبة استيرادنا لكل شيء من الألف الى الياء .. خطأ كبير!
وحين تتفاقم أزمة السكن وتكثر العشوائيات والتجاوزات وبيوت الصفيح هنا وهناك، ونسد الباب بوجه من يطلب حقه في السكن، من خلال توقف أو ارباك آلية توزيع قطع الأراضي على مستحقيها .. خطأ كبير!
وحين يخرج الشباب منتفضين ومطالبين بأبسط حقوقهم في وطن حلموا أن يكون الابهى والأجمل، ونواجههم بالعنف والرصاص الحي والاعتقالات خطأ كبير!
وحين نريد أن نجد بعض الحلول وفرص عمل للشباب، ونقترح إحالة فئات عمرية جلّها في ريعان نضجها العملي والفني الى التقاعد، متناسين أننا سنفتح ثغرات أكبر وأزمات اكثر من البطالة والفقر وترك المعامل والمصانع على خرابها دون صيانة وتشغيل.. فخطأ كبير جدا!
وحين نترك المشاريع العمرانية دون إكمال وكأنها خشب عاثت به الأرضة، دون محاسبة الشركات المتلكئة.. خطأ كبير ايضا!
وحين ..، وحين ..، كلها أخطاء أشحنا الوجه عنها ،لنترك البلاد والعباد في مهبّ الريح ، وكأننا نحكم بلادا اخرى !
الأخطاء تولّد انفجارات السخط والغضب والمطالبة بالتصحيح!
لهذا علينا أن نقف ونتأمل وضعنا ومسيرتنا خلال السنوات الست عشرة الماضية، ونتفكّر.. لنسأل أنفسنا: ماذا فعلنا، وهل نحن على صواب؟ ومالذي نريده، وكيف سنبدأ؟ ؟
لكي نقدم حالة من النزاهة الحقيقية، ونكران الذات، والضمير النابض بحب الوطن والناس، ونكون جديرين بحكمه، علينا أن نبدأ بالعمل بعيدا عن المحاصصة الطائفية والحزبية المقيتة التي ادخلت البلاد في نفق مظلم وليل من الخراب والبؤس طويل!
وعلينا أن ندير آلات المصانع والمعامل المتوقفة، ونفتح قنوات مع فلاحينا لدعمهم وتشجيعهم، ونضع خطة تدريس ومنهاج جديد للتربية والتعليم بعيدا عن التفكير بالربح والخسارة من خلال تحديد نسبة المدارس والجامعات الأهلية على وفق الرقع الجغرافية والسكان!
كما علينا أن نهتم بالشباب ولا نتركهم عرضة لمن هبّ وكل، على الأرصفة بلا أدنى أمل!
ان معالجة الأخطاء بتغاضينا عنها سيوقعنا في أخطاء اكبر، كما ان تركها دون دراسة وحلول هو السبب الرئيسي في كل ما يحصل الآن من بؤس وخراب وغليان شعبي وجماهيري!
ليس عيبا أن نتوقف ونتأمل ونعالج هذه الأخطاء حتى وإن ضغطنا على أنفسنا كثيرا.. بل العيب أن نظل سادرين بغيّنا لنقع في أخطاء اكبر!
الوطن لن تبنيه المحاصصة بكل اشكالها، بل الوحدة والتآلف والمحبة ونكران الذات والضمير الحي. الوطن نبنيه نحن جميعا فلا تديروا وجوهكم عنه ابدا، ولا تسددوا الرصاص والعنف الى من يقول لكم هذا خطأ فصححوه.. لأنكم عندما تدور بكم الدوائر وتفتقدون الوطن لن تجدوه حصنا دافئا وقلبا حنونا !
الوطن يكبر ويزدهر بناسه الحقيقيين وبُناته الفعليين، أما اذا بقينا على حالنا فلن نجد وطناً ذات يوم ..، وحينها لات ساعة مندم!
ليس مجرد كلام.. الأخطاء لن تبني وطناً !/ عبد السادة البصري
- التفاصيل
- oscar
- آعمدة طریق الشعب
- 1136