تشير الاخبار الى ان مجلس الوزراء قد صادق على مشروع قانون مجلس الاعمار المرسل من رئاسة الجمهورية بانتظار عرضه على البرلمان لكي يأخذ طريقه الى التشريع، واذا كان من حقنا ان ندعم فكرة المشروع اذ يذكرنا بمجلس الاعمار الذي أنشئ عام 1950 مع ما انجز من مشاريع على قلتها ولكنها كانت في ظرفها تطوراً كبيراً في مجال التنمية، فهل سيجد مشروع القانون هذا طريقه للتشريع والتنفيذ في ظل اختلاف الآراء في شأن افاقه وتداعياته في هذا الوقت؟

ومن استقراء الآراء التي قيلت في شأن مشروع القانون يمكن القول ان هناك رأيين، الاول يتفق مع المشروع من الناحية النظرية دون الدخول في التفاصيل حيث تكمن فيها عقد ربما تعيقه، ولأننا  نتفق والى حد كبير  مع هذا الرأي فسنذهب لمناقشة الرأي الاخر الذي يرى ان المشروع سيلغي دور مجالس المحافظات وبالتالي يشكل انقلابا على اللامركزية التي نص عليها الدستور في رفض مطلق للمركزية الخانقة التي غادرها النظام الجديد ولكننا نسأل اصحاب هذا الرأي ماذا فعلت مجالس المحافظات سوى الاهمال وانتشار الفساد والمحسوبية والمنسوبية التي ابعدت الكفاءات عن عملية البناء وسجلت فشلا اثر فشل مما يتطلب بالأساس اعادة بناء هذه المجالس على اسس جديدة بعيدا عن الهوياتية المكوناتية .

لقد تكبد العراق منذ عام  1979   ولغاية  عام 2020تكاليف فرص ضائعة  وخسائر كبيرة، فحسب تقديرات الاكاديمية الامريكية  للفنون والعلوم، فان حجم هذه الخسائر تبلغ  830 مليار دولار منها 450 مليار دولار تمثل خسائر الحرب العراقية الايرانية و350 مليار دولار خسائر حرب الكويت و150 مليار دولار خسائر العراق بسبب توقف اصدار النفط نتيجة الحصار الاقتصادي التجاري والمالي  وذلك ما رتب على العراق تخلفاً في مختلف المجالات يمكن التأشير عليها  في انخفاض التراكم الرأسمالي بسبب انخفاض مستوى الدخول وارتفاع نسب الاستهلاك وضعف المؤسسات المالية والمصرفية والبطالة وهرب الرأسمال الوطني وانهيار البنى التحتية وضعف الزراعة والصناعة والاستثمار في قطاع السياحة  وغبرها .

 ان مشروع القانون بحسب البيان يهدف الى انشاء البنى التحتية واقامة المشاريع الكبرى كالطرق والجسور والمطارات والموانئ وبالتالي توفير فرص العمل ومعالجة البطالة والاهم في الموضوع ان التمويل لا يعتمد على الموازنات السنوية بل عن طريق الاستثمار المباشر وغير المباشر واذا ما  تحقق كل ذلك فان العراق قد  يتجاوز الخسائر التي تكبدها في المرحلة الماضية .

  وحتى يكون المشروع واعدا ويحقق اهدافه فذلك يقتضي تحديد صلاحياته وسلطاته واختصاصاته وهيكليته والمعايير العلمية والمهنية والمواصفات الشخصية لمن يتولى ادارته ويكون عضوا فيه وفي كل الاحوال فان المشروع خطوة ايجابية مهمة توفر الاطر المؤسسية لقيادة وادارة عملية الاعمار وبناء القواعد الارتكازية للتنمية الاقتصادية لكن النجاح. مع توافر كل تلك المواصفات يتطلب اجراءات واقعية تمكينية لضمان نجاح هذا المشروع الكبير وبهذا الخصوص نقترح من بين حزمة شاملة من الإجراءات ما يلي :

وضع خارطة طريق مستقبلية متوسطة وبعيدة المدى من خلال برنامج استراتيجي يأخذ بنظر الاعتبار الاولويات حسب حاجة الاقتصاد والمجتمع والسوق العراقية واسواق المنطقة وحاجاتها واجراء عملية تقييم شاملة للدمار لجميع قطاعات السكن والصناعة والطرق ومنشئات الطاقة والمدارس والمستشفيات والتنسيق مع الشركات الصينية التي يفترض ان تدخل الى العراق تنفيذا للاتفاقيات المبرمة بين الحكومتين العراقية والصينية .

ضمان تمويل المشاريع المبرمجة في المجلس من دون الاعتماد على الموازنات السنوية التي تشكو في الغالب من عجز افتراضي يؤثر على حركة الاقتصاد والتنمية ولكن من خلال انشاء صندوق سيادي حكومي يتمتع باستقلالية تامة وفق المبادئ الدولية واقتطاع جزء من الموارد النفطية لهذا الغرض.

انهاء الازدواجية في المؤسسات المتخصصة في مجال الاستثمار ومعالجة التقاطع في الصلاحيات بين الهيئة العامة للاستثمار التي لم تحقق نجاحا ملموسا في العملية الاستثمارية التنموية التي تتحمل مسؤوليتها السياسات الحكومية  المضطربة.

عرض مقالات: