تعيش رياضتنا أياما صعبة وظروفا قاسية منذ عدة عقود بسبب تدخلات الأقوياء والمتنفذين سياسيين وطائفيين وغيرهم، مع ابعاد وابتعاد للمختصين والخبراء والأكاديميين.
وهذا الحال بدأ منذ ثمانينات القرن الماضي الامر الذي دفع بالرياضة الى الوراء وان تحققت في تلك الحقبة بعض الإنجازات والنجاحات الا انها محدودة.
لكن الهم الأكبر والمشاكل الأعظم التي رافقت ما بعد التغيير العاصف الذي حل بالوطن في 9 نيسان 2003، عكس وبشكل واضح ما تعانيه رياضتنا من واقع بائس وظروف صعبة وفساد كبير، الامر الذي دفع بالرياضة لأن تعيش اصعب ايامها وأقسأها، وبذلك صار لزاماً على المختصين والخبراء والمعنيين ، والجهات الرسمية وعلى رأسها الحكومة والبرلمان ان تدرس الحال وتناقش الواقع الرياضي بحرص وعناية واهتمام وان تضع الحلول لما هو قائم، فالصراع ما زال متواصلا بين وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية العراقية (وموروثاً) منذ العهد السابق. ومن هي الجهة الأحق بقيادة الرياضة العراقية؟
ومن خلال التجربة الطويلة والنقاشات المتواصلة والفشل المتكرر والاحباطات والتراجع وجدت العقول المتنورة والخبيرة ضرورة اعتماد منهج جديد وسياسة علمية واقعية للسير بالرياضة نحو المستقبل المشرق، وهذا لا يتم الا من خلال تشكيل مجلس أعلى للرياضة يقوده أحد نواب رئيس مجلس الوزراء ويضم في عضويته وزراء الشباب والرياضة والتربية والتعليم العالي إضافة الى 3- 5 مستشارين في الرياضة وتكون واجبات المجلس وضع الخطط والبرامج ولاستراتيجيات للرياضة العراقية وتنسيب مجموعة صغيرة من الموظفين المختصين لا يتجاوز عددهم العشرة لإعداد وتحضير العمل لهذا المجلس، على ان يراعي في اختيار العاملين الشخصيات الوطنية والنزيهة ويفضل أن يكونوا من الاكاديميين الذين لم يسبق لهم العمل في المؤسسات الرياضية.
تكون مهمة هذا المجلس وضع الخطط والبرامج والاستراتيجيات للقطاع الرياضي وانهاء الاشتباك والعمل لمتابعة تنفيذ ما هو مطلوب رياضيا من الجهات المختصة فيه على مستوى الوطن. وتكون المؤسسات الرياضية المسؤولة عن الرياضة المدرسية والجامعية ورياضة الفئات العمرية ورياضة الصحة ورياضة المجتمع إضافة الى رياضة الإنجاز العالي وغيرها..
أيضا الاهتمام بنوعية هذا المجلس وتوصية ومتابعة رئيسه الذي هو بدرجة عالية في السلطة التنفيذية سيجعله مجلساً قويا ويجعل الرياضة قطاعات حيوية تهم كل الناس.
لقد عانت رياضتنا وما زالت من ارتباك حالها وسطوة بعض ألعابها على الألعاب الأخرى، ونقولها بصراحة ان الرياضة العراقية تحولت الى (طوبة فقط) بينما الألعاب الأخرى تعاني عدم الاهتمام والإهمال ومنها العاب كان لها أيام زمان إنجازات مثل المصارعة ورفع الاثقال والملاكمة وكرة السلة إضافة الى ألعاب أخرى. وسبب هذا الإخفاق والتراجع يكمن في غياب السياسة العلمية والعملية المتوازنة في البناء والتنسيق لتتطور كافة الألعاب بشكل متوازن وحسب واقعها وانتشارها في عموم الساحة العراقية.
ان وجود مجلس اعلى للرياضة بصفته التخطيطية والاستشارية والتوجيهية والرقابية سيساهم بشكل كبير في تصفية الخلافات وانهاء التقاطعات وتوزيع الجهد للنهوض بواقع الألعاب وتنظيم فعالياتها ومراقبة كل الجهات العاملة في الرياضة من خلال مراقبة نشاطاتها وفعالياتها وانجازاتها وهي اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية والاتحادات الرياضية المركزية وفعالياتها ودورها في نشر وتطوير الرياضة، إضافة الى الأندية الرياضية ودورها في حياة المجتمع العراقي لأنها تعتبر القلب النابض لرياضة الوطن.
وهنا نجد ان هذا المجلس يتوجب ان لا يكون دائرة كبيرة وفيه جيش من الموظفين ويشكل إضافة وعبئا ثقيلا على الدولة، بل الاكتفاء ببعض المستشارين والموظفين والاكاديميين لإعداد الخطط والبرامج ووضع الأسس الصحيحة لرياضة عراقية ذات توجهات تخدم الوطن وتحقق الإنجاز العالي، ولتنتهي المرحلة السابقة لرياضة مشوشة وقلقة وساحة للخلافات والصراعات وضياع بوصلة العمل الصحيح..
ولنا عودة.

عرض مقالات: