الصف الثالث المتوسط، حلقة وصل بين ثلاث مراحل (الابتدائية، المتوسطة، الإعدادية) مَنْ يجتازها بسهولة سيمر عبر بوابة الإعدادية بسهولة أيضاً، ولن يقف في محطة ما إلاّ بعد التخرج، ومَنْ يتعثر عندها سيظل متلكئا ومتعثرا، وفي اغلب الأحيان يترك الدراسة نهائيا ويكون خارج أسوار التعليم كلياً.
كم من الشباب الذين تعثروا في المتوسطة ساقتهم أقدارهم إلى الجيش في سنوات المِحَنِ والحروب ليكونوا حطبا لعبثية حاكم أرعن ومستبد؟
وكم من الشباب صاروا عالة على أهلهم بسبب انتكاستهم في اجتياز هذه العتبة ؟ وكم.. وكم..؟
اليوم وبعد أن ظهرت نتائج امتحانات المتوسطة بهذا البؤس والتدني وارتفاع نسبة الرسوب غير الطبيعية، علينا أن نتوقف قليلا، ونعيد النظر بكل حساباتنا، ونجعل الوطن وناسه ومستقبل الأجيال بين أعيننا، ونحكّم ضمائرنا، كي ندرس هذه الحالة التي بدأت تسوء أكثر فأكثر، ونضع أيدينا على السبب والمسبب لنعالجها، ونجد حلولا لها قبل أن تأكل الأخضر واليابس، عندها لن نجد كوة صغيرة يمر منها بصيص ضوء مستقبلا.
هل من المعقول أن تكون نسبة أغلبية المدارس الأهلية قبل الحكومية صفراً ؟!، بمعنى لم ينجح أي طالب فيها!
وهل من المعقول أن تكون بهذه النسبة ؟!، وأهل الطالب يدفعون القسط تلو القسط لضمان تدريس ابنهم بالشكل الذي تعلن عنه هذه المدارس، حيث الإغراءات بالنجاح المضمون والتدريس الأفضل ووو، لكن جاءت النتائج معكوسة.
بسبب هذا التدني والخراب في التربية والتعليم يكون العراق خارج قائمة نسب تصنيف التعليم عالميا، بعد أن كان في عام 1977 الأول، والسبب يعرفه الجميع تماما، هو المحاصصة التي دمرت كل شيء، والفساد الذي أكل الأخضر واليابس، ونحن في سفينة بلجة بحر تتلاطم أمواجه بسب انعدام الضمائر، وتغليب المصلحة الشخصية على العامة.
إذا تدهور التعليم خَرُبَ البلد، وساء كل شيء فيه، وعمَّ الجهل وتفشت الجريمة والأمراض، وهذا الحاصل الآن حيث سادت الجريمة والفساد والنصب والاحتيال وسوء الخلق والخزعبلات والخرافات التي أصبحت علامة دالة لزمننا هذا وفي كل مكان.
بناء البلد وتطوره وتقدمه من بناء التعليم وتطويره والبحث عن منافذ جديدة لزيادة هذا التطوير.
لكن ...وآآآآه من هذه الــ (لكن) كيف سيتطور التعليم ولحد هذه اللحظة لم نتفق على شخصية وزير للتربية وكأننا في سوق للخضار والسمك، لا نريد هذا ولا نريد ذاك، وكأن البلد خلا من شخصية كفوءة تسد هذا الفراغ.
الفساد والمحاصصة سبب رئيس لكل ما يمر به بلدنا وأبناؤنا وشعبنا، وهما السبب الأول في تفشي كل هذا الخراب، وازدياد حالات الانتحار في صفوف الشباب خير دليل على يأسهم من مستقبل مجهول وغامض في ظل حاضر سيء.