شهدت محافظتا البصرة وذي قار، يوم 30 حزيران 2019، تظاهرات جوبهت باستخدام العنف من قبل السلطات الامنية. واستخدام العنف هو خرق للدستور، الذي كفل في المادة (38) منه حق التظاهر السلمي. كما ان العراق موقّع على عدد من الاتفاقات والمعاهدات الدولية، التي تضمن الحق في التعبير بشتى الوسائل السلمية، وبضمنها وسيلة التظاهر. وان من واجب الاجهزة الامنية ذات العلاقة حماية المتظاهرين، سيما وهم يحملون مطالب مشروعة، ضمنها الباب الثاني من الدستور.
ان استخدام العنف لا ينهي التظاهرات، ولا يوقف الاحتجاجات، وهي التي لم تتوقف يوما، وظلت تخرج بين الحين والاخر في اغلب المحافظات، حاملة مطالب عامة لا تغيب بينها، خاصة في التظاهرات التي تنطلق في المناطق والاحياء الشعبية، المطالب الخدمية. وهناك الى جانبها اعتصامات الخريجين العاطلين عن العمل في بغداد، والتي نراها امام وزارتي النفط والموارد المائية، وحشود المعتصمين منذ اكثر من ثلاثة اشهر في ساحة التحرير في أجواء حر الصيف اللاهب. كذلك الحال مع تظاهرات اصحاب العقود، ومطالبتهم بالتثبيت تنفيذا للمنهاج الوزاري الذي تعهد بذلك.
نعم، ستستمر الحركة الاحتجاجية وتتواصل أنشطتها المتنوعة، ما دامت الاوضاع المعيشية تزداد صعوبة، ومعدلات البطالة ترتفع باضطراد، مع غياب الحلول الواقعية الممكنة التي من شأنها تحسين الاوضاع. وستتواصل الاحتجاجات ان لم تتحقق المطالب، ويلجأ الشباب اليها اضطرارا وليس لقضاء ساعات لهو وتبديد للضجر. انها صيحة غضب عام وتعبير عن اوجاع كل المتضررين من الفساد والارهاب والتهميش والاقصاء، وكل المكافحين ضد الاستبداد والتسلط.
ولا بد من تكرار القول ان التظاهر والمطالبة بالحقوق يستلزمان التمسك بالأساليب السلمية، ورفض الدعوة الى العنف وممارسته، حتى لو جوبه المتظاهرون به. لقد استنزف العنف العراق، وخلّف ندوبا لا يزال شعبنا العراقي يعانيها، فليس بالإمكان السماح باستخدامه من اي طرف كان. ولذلك نقول ونكرر: لا لإراقة المزيد من الدماء العراقية، نعم للكفاح السلمي اللاعنفي اسلوبا ناجعا للتعبير وسبيلا قويما للتعبير عن الرأي.
من جهة اخرى وبالرغم من كل التضييقات والاجراءات القمعية، التي يتعرض لها المتظاهرون على يد قوات امنية، ستتواصل الاحتجاجات السلمية، وليس في الافق ما يشير الى توقفها قبل ان تتحقق مطالب المحتجين. ومن بين هذه المطالب تحسين الوضع المعيشي، وتوفير فرص العمل، وتقديم الفاسدين وناهبي أموال الدولة إلى القضاء ليقول حكمه العادل، وهو القضاء الذي نريده نزيها ومستقلا على الدوام، لا يحابي أحداً ولا يجامل القوى المتنفذة على حساب مصالح الشعب ومصالح الوطن العليا.

عرض مقالات: