قبل يومين ذهبت إلى مدينة الفاو لمراجعة إحدى الدوائر الرسمية ، وأثناء عودتي مررت بناحية السيبة لأتفرج قليلاً على متنزهها الكائن على ضفة شط العرب .. تجولت بين أشجاره ووقفت قبالة الشط انظر إلى الجهة الأخرى .. حزّ في نفسي أنّ ضفتنا تملك ما يؤهلها لتكون أجمل المتنزهات وليؤمها الناس من كل حدب وصوب للترويح عن أنفسهم، وبالأخص هذه الأيام الآذارية الجميلة ، حيث يعتدل الطقس وتهب نسمات الربيع المنعشة إلاّ إنها بحاجة إلى اهتمام كبير !
عدت بذاكرتي الى أيام الستينات والسبعينات من القرن الماضي حينما كانت الفاو محجّة للسياح وسفرات طلبة الجامعة والمدارس وسباقات الدراجات الهوائية والزوارق وغيرها !
إننا نمتلك الكثير من الأماكن التي تصلح أن تكون متنزهات وكازينوهات ومرافق سياحية تسر الناظر، وان دراسة جدية لاستثمارها من قبل الشركات السياحية أو بعض رجال الأعمال يمكن ان تمهد لجعلها من أجمل المرافق السياحية حيث الخضرة والماء وما بينهما !
لكن ،، الشط يعاني من امتداد اللسان الملحي الذي حوّل مياهه إلى مالحة لا تصلح للسقي والزراعة، ما أدى إلى موت الحشائش والأشجار والنخيل وانعدام الزراعة وتربية الحيوانات !
لهذا إذا أردنا أن نجعل منها مرافق سياحية يؤمها الناس ، ونحول الأراضي الجرداء إلى خضراء زاهية ببساطها المطرز بالورود والأزهار، فما علينا إلاّ التفكير بفتح قناة أروائية من منطقة ملتقى النهرين أو من أي مكان ملائم لتسير بمحاذاة الشط أو بعيدا عنه وتمتد الى حيث الفاو ، كي نحول الأراضي الملحية هذه إلى أراضٍ زراعية يستفيد منها الناس جميعا ونقوم بتشجيع الشباب على إقامة مشاريع زراعية وسياحية وذلك بمنحهم قروضاً ماليةً بفوائد بسيطة بعد إقامة المشروع وتشغيله. وبهذا نكون قد ضربنا ثلاثة عصافير بحجر واحد ، الاستفادة من مياه النهرين وعدم ذهابها هدرا إلى الخليج وتشغيل الشباب وحل أزمة البطالة وكذلك تحويل الصحراء إلى بساتين نخيل وأعناب ومزارع خضروات وفاكهة. والاستفادة أيضا من ضفة الشط وتحويلها إلى متنزهات تشتمل على كافة الخدمات السياحية وتشجيع الزائرين والسياح على دخولها مقابل ثمن ، بدلا من جلوسهم على الأرض الطينية والتراب وتحت أشجار الخرنوب بين الغبار والنفايات !
نمتلك ضفة تمتد من البصرة حتى رأس البيشة دون الاستفادة منها ، كما نمتلك نهرين عظيمين تذهب مياههما هدرا إلى البحر. وعندنا العديد من أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين ، فما علينا سوى تشجيع العمل وفتح القناة واستثمار الضفة وتحويل الأماكن الفقيرة سياحيا إلى مرافق زاهية وغنية بما تملك من محطات استراحة وخدمات ترفيهية وألعاب مائية، كي تنتعش السياحة وتدر مالا لاقتصادنا الوطني وتملأ المكان جمالاً وبهجة !