قبل أيام أصدرت وزارة الصحة مشكورةً قراراً يقضي بتخفيض أجور مراجعة المؤسسات الصحية ، وحصرها ببطاقة واحدة يقطعها المراجع ( المريض ) ثم تتم العمليات الأخرى كالفحص والأشعة والعمليات الجراحية بدون استيفاء أي مبلغ. وهذا دليل اهتمام الوزارة بالمراجعين المرضى ، والوقوف معهم لرفع الحيف ومساعدتهم في العلاج وما شابه ذلك. كل هذا تشكر عليه الوزارة التي تدلل على اهتمامها بالمواطن والوقوف معه للتخفيف من معاناته ، ولكن ..
ــ هل تعلم الوزارة أن أغلب احتياجات المريض أثناء الفحص والتداوي والعلاج غير موجودة في المستشفيات مما يضطره إلى شرائها من الصيدليات الأهلية خارج المستشفيات ؟ بمعنى أن ــ البطانة أغلى من الوجه ــ كما يقول المثل ، إذ يضطر المريض إلى جلب الإبر والسرنجات والكانونات والشاش واليود وغيرها ، إضافة إلى العلاجات والأدوية، من خارج المستشفيات ، لأن اغلبها تفتقر إلى أدنى وجود لهذه المواد ، كما ان أسعارها غالية في الصيدليات ، ما يضعه في محنة أخرى ودوامة جديدة من البحث عن ارخص العلاجات. فاغلب الصيدليات عند مراجعتها يخيّرك الصيدلي بين الدواء الأصلي والعادي ، ولا اعرف ما المقصود بهذه التسمية ، وهل أن العلاج يقسم إلى نوعين، أم أن المناسئ غير مضبوطة الجودة ؟!
أضف إلى ذلك تكاليف مراجعة المستشفيات الأهلية وأسعارها التي تكسر الظهر ، مثلما هي مراجعة الأطباء الأخصائيين في عياداتهم والأجور العالية. فبطاقة الفحص والمختبر والتحاليل والأشعة والرنين المغناطيسي والمفراس وغيرها تكون أسعارها أغلى مما يتصوره البعض ، لهذا تجد المريض يقف حائرا وعاجزا أمام هذه التكاليف !
علينا أن نفكر بوضع حد لهذه المعاناة وتحديد أجرة فحص الطبيب الأخصائي ، كي لا يكبر جشع البعض من الأطباء الذين لم يتوانَ البعض منهم عن طرد المريض وعدم فحصه أو معالجته إذا لم يتمكن من دفع الأجرة كاملة !
كذلك علينا أن نقوم بتحديد أسعار الأدوية على وفق تسعيرة ثابتة لا تخضع لأهواء أصحاب الصيدليات ، أو جودة العلاج من عدمها رجوعا إلى الشركة المنتجة هذه أو تلك !
الاهتمام بالمريض جزء من واجب وزارة الصحة ، لأنها خطت هذه الخطوة الصحيحة والرائعة بتحديد مراجعة المؤسسات الصحية بتعريفة ثابتة وببطاقة واحدة ، فعليها أن تقوم بتحديد أجرة مراجعة الأطباء وأسعار الأدوية بالتنسيق مع نقابتي الأطباء والصيادلة ، كي لا يظل الأمر معلقا بين أهواء هذا وذاك ، ويضيع المريض في دوامة اللف والدوران بين المستشفيات التي تفتقر للعلاجات والمستلزمات الطبية وبين جشع البعض من الأطباء والصيدلانيين !
كما على الوزارة أن تقوم بتوفير كميات كافية من العلاجات والمستلزمات الطبية بشكل كامل أو بالحد المعقول الذي يريح المراجع من البحث والدوران!
تجهيز المستشفيات بالكمية الكافية من المستلزمات الطبية والأدوية والعلاجات يعطي للتعريفة قيمتها المعنوية وصدى كبيرا في نفوس المواطنين وراحة للمرضى ، فالتعريفة وحدها لا تكفي أبدا إذا لم يتوفر الركن الأساسي في عملية الفحص والعلاج بالشكل الأمثل !
مادمنا قد خطونا هذه الخطوة الكبيرة فما علينا سوى تعزيزها بما يدعمها ويجعلها سعادة وفرحا للمرضى وعوائلهم لأن الإنسان هو أثمن رأس مال في الوجود !