سرعان ما ستستحق مسيرة الوزراء الجدد في كابينة السيد عادل عبد المهدي الحكومية مراجعة أوّلية للأداء. والأمر مسألة وقت قبل أن يواجه هؤلاء المسؤولون أسئلة تتعلق بالمنجز المُنتظر من ولايتهم ومباشرتهم مسؤولياتهم على رأس سلطاتهم الحكومية. نعم، مسألة وقت. لكن لنبدأ بترتيب الحقائق كالآتي أولاً: إن الوزراء الحاليين منهم من جرى اختياره من قبل رئيس الوزراء نفسه، ومنهم من جرى ترشيحه من قبل قوى سياسية واضحة المعالم، معروفة وموجودة في العمل السياسي وفي البرلمان. وفي كلا النموذجين، فإن"الوزير المعني"، هو من سعى بنفسه الى المنصب والاستيزار، وهو من عرض نفسه ابتداءً، سواء على الكتلة البرلمانية التي رشّحته، أو على رئيس الوزراء (المُكلّف) وقتها.

والمنطق يفترض أن من يتصدّى لمسؤولية معيّنة بحجم وزارة، فالأولى أن تكون لديه فكرة عامة عن مشاكلها واحتياجاتها، وهي ما يمكن إجماله بوصف (رؤية ستراتيجية) عن العمل الوزاري ومستلزماته.

خلاصة هذه الحقيقة، أن من غير المبرر للوزير أن يعرض لنا حاله بأن ما يواجهه من عقبات ومصاعب ومشاكل في إدارته إنما يتسبب في عرقلة تقديمه المُنجز المنتظر والأداء المرجو. العقبات هي العقبات، والمشاكل لم تختف يوماً أو تتراجع حتى يبرر أحد ما سيسوقه الوزراء من أعذار وعلل يعلّق عليها تلكؤهم. على أن المسار العام للأداء الحكومي يشير بالفعل الى بداية كسر لإرادة الإعاقة والممانعة التي يواجهها معسكر الفساد المتجذّر في قبالة معسكر الإصلاح البطيء والمتعثر بالضرورة. لهذا، فمن غير الممكن أن يبدأ خطاب الوزراء تجاه الجمهور بالمقدمات المعتادة حول الصعوبات والانسدادات التي يواجهونها في عملهم، ومن غير المقبول أيضاً أن نستمع لذات الأعذار التي كانت تبتدئ بها مواسم الكابينات السابقة، إذ لم تكن التحديات بأوضح مما هي عليه الحال الآن.

ولا يبدو أن هناك أي انعطافة في الطريق ستقود الى البداية الحقيقية للإصلاح سوى تبنّي انعطافة واضحة وصريحة في مسيرة الاقتصاد المشوّهة التي درجت عليها الموازنات الحكومية المنصرمة. يعني، أن أي مكافحة للفساد لن تبدأ ما لم نشهد عملاً حقيقياً يغير من سلوك صرف الأموال العامة. وهو سلوك محكوم بالدرجة الأولى بتخطيط الوزراء وأدائهم الفردي في وزاراتهم.

النفقات الحكومية ليست رواتب فقط، إنما مصاريف تفوق الرواتب بضعفين أو ثلاثة، والترشيد هنا هو من صُلب مسؤولية الوزراء، نعم، هذه أولى مهامكم.

عرض مقالات: