منذ التغيير الذي حل بالوطن عام 2003 وحتى الساعة تتواصل المشاكل في كل قطاعات المجتمع ومنها القطاع الرياضي حيث أصيبت الرياضة بالمصائب التي أصابت القطاعات الأخرى ذاتها. وسأحاول في هذه السلسلة من المقالات والأعمدة الأسبوعية الحديث عن واقع الأندية الرياضية وهمومها ومشاكلها إضافة إلى ما أصاب الاتحادات الرياضية وأخيراً وليس آخرا ما حصل للأولمبية. متمنيا نقاشا موضوعيا هادئا ومقترحات سريعة تساهم ولو بشكل تدريجي في تحسين واقع هذه المؤسسات للخروج من أزماتها وتجاوز محنتها. فالأندية الرياضية ومنذ منتصف ثمانينات القرن الماضي تعرضت الى التخريب والإهمال والتدخل وضياع الهوية وتقليص الألعاب إضافة إلى سطوة أنصاف الرياضيين والطارئين وقليلي الخبرة والباحثين عن الوجاهة. والشيء الأهم الذي أساء الى الأندية ودمر شخصيتها وصول وجوه من أبناء النظام والمتنفذين إلى قيادتها وبهذا اجتمعت على الأندية كل البلايا ! وما ان حل التغيير في 9/4/2003 حتى تزايدت الهموم وتضاعفت المشاكل وتعقد الحال ومع أخطاء وزارة الشباب والرياضة وتضاعف عدد الأندية مع غياب القانون واعتماد التعليمات والتوجيهات والأوامر تعقد الحال وصار المحال ممكنا ومقبولا ! الامر الذي ضيّع الأندية وغيّبها عن الميدان فعلى الرغم من زيادتها عددا الا أنها غابت تأثيرا عن الميدان بسبب ضعف إمكاناتها وغياب نشاطاتها واقتصار اغلبها على لعبة واحدة او لعبتين باستثناء بعض الأندية العريقة التي واصلت دورها في بعض الألعاب التي تتراوح ما بين ثلاث الى خمس العاب. واليوم تعيش الأندية بواقع حال لا يسر صديقا ولا محبا فهي تعيش بإمكانات بسيطة ومتواضعة ولا تسد حتى تكاليف إدامتها وبسبب هذا الواقع والحال تراجعت عن ممارسة أغلبية ألعابها وقلصت وألغت فئاتها العمرية وجمدت مشاركاتها وسرحت فرقها ومنتسبيها. والخاسر الأول هم أبناؤها وإبطالها ورياضيوها. وهذا الحال شمل أكثر من 90في المائة من الأندية الأهلية التي كانت في يوم من الايام شموعا تضيء الدرب للرياضة العراقية وإبطالها فأما اليوم فقد صارت اثرا بعد عين !. اما الباقي من أندية المؤسسات فإنها اكتفت بكرة القدم (خماسيّها وشاطئيتها) وان كانت هناك العاب أخرى فبعضها لكرة السلة وأخرى لكرة الطائرة او كرة اليد وقليل من الملاكمة والمصارعة ورفع الأثقال وبعض من الفنون القتالية بتنوعاتها ! وهنا نقولها بصراحة لنقرأ على رياضتنا السلام حيث لا تستطيع هذه الألعاب ووفق هذا الواقع أن تحقيق انجازات ولا نتائج ولا نجاحات وحتى نتجاوز هذا الواقع الصعب ونعيد الحياة إلى أنديتنا الرياضية ونسير بها إلى منصات الإبداع والانجاز علينا أن نضع خطة واضحة وبرنامج متكامل وقانون يتناسب مع الواقع الجديد وظروف وإمكانات أنديتنا وفلسفة الدولة ونظامها الاقتصادي والسياسي والقائم على منح الأندية الحرية والاستقلالية في نشاطاتها وفعالياتها بعيدا عن المركزية والسطوة ومن اجل ان يحصل الاستقرار وحرية العمل نجد ان المطلوب اليوم هو إصدار قانون جديد للأندية الرياضية قائم على أساس أندية للهواة وأندية للمحترفين او أندية مؤسساتية (حكومية) وأندية أهلية وعملها كما يلي:
أندية الهواة او الأندية الأهلية تعتمد على منح وزارة الشباب والرياضة السنوية واشتراكات أعضائها وما تحققه من إرباح من فعالياتها الرياضية والنشاطات الاجتماعية والثقافية وهنا يتوجب على الحكومة ان تساعد هذه الأندية بقروض بلا فوائد ومنح مالية للمساعدة و قطع أراض لإنشاء بعض المنشآت الرياضية التي تساعد هذه الأندية بنشاطاتها وفعالياتها وتطوير إمكاناتها ودورها الاجتماعي. أما أندية المحترفين او أندية المؤسسات (الرسمية) فتكون ذات صلة بمؤسساتها الرسمية وتحول إلى شركات مساهمة وتكون جزءا من مؤسساتها المشرفة عليها ووفق نظامها الإداري والمالي ويقودها مجلس إدارة وتشرف هيأتها الإدارية على نشاطات النادي الرياضية والاجتماعية والثقافية ومن خلال هذا الإشراف الرسمي يتم تفعيل الاستثمار والنشاطات الاقتصادية وقوانين الاحتراف وبهذا تتحول هذه الأندية الرسمية (المحترفة) إلى شركات منتجة لا مستهلكة للأموال بل موفرة لها بما يسهم في انتقال الأندية هذه إلى جهات قادرة على عملها وتحقيق إرباحها. أعزائي أن دعوتنا هذه ستنقل الأندية إلى واقع جديد تدير نفسها بنفسها وتبتعد عن التبعية لهذه الجهة او تلك وتتوفر لها الإمكانية للانتقال إلى واقع جديد وهو الشكل الصحيح التي تسير عليه اغلب أندية العالم والمنطقة والجوار .. ولنا عودة..
وقفة رياضية.. الأندية الرياضية.. إلى أين ؟
- التفاصيل
- منعم جابر
- آعمدة طریق الشعب
- 3390