بعد أيام قلائل، ستفتتح عاصمتنا معرضها السنوي للكتاب، المتميز بنسخته الجديدة لهذا العام. وفي العام الماضي كانت هناك العشرات من دور النشر العربية والعالمية التي عرضت كتبها لمستهلك عراقي متميز. قارئ يبرهن أن سوق العقل العراقي مازال ندياً وقابلاً لتقبّل المعرفة. وفي مساء جميل وقفتُ قرب بوابة المعرض أراقب الخارجين، أطفالاً ونساء وشباباً، كانت عيني لا تفارق مشهد الايادي المحملة بأكياس مرصوصة من الكتب. هذا المشهد له معنى عميق، فلطالما تحدثت وسائل الإعلام عن تراجع دور الكتاب لصالح التواصل الألكتروني والإعلام المرئي.
لا أنكر بالتأكيد تراجع المقروء لحساب الفضاء الألكتروني، لكن الأصل في تسويق المقروء، مطبوعاً في كتاب أو جريدة، هو المحتوى الذي يحكم الرواج الفعلي.
وكثيراً ما عانت صحف العاصمة والمحافظات من تراجع المبيعات. وكانت نظرية تفسير هذا التراجع والهزيمة أمام الإعلام الإلكتروني هي السائدة والحاضرة لتبرير هذا الضعف في المنتج، لكن ما بال معرض بغداد للكتاب يبيع ملايين الكتب في كل عام إن كان سوق المقروء قد تراجع بالفعل؟
التفسير الأقرب الى الواقع كما يبدو هو أن المحتوى يشكل العامل الأساس في تسويق المطبوع، سواء كان كتاباً أم جريدة أم مجلة. ولأن معرض بغداد قدّم مائدة واسعة مترامية الأنواع والأشكال من حاجة القارئ، نجد أن الإقبال يتزايد في كل عام، ونتمنى أن يسجل هذا العام ذروة قياسية أخرى في المبيعات, فهل ستتعظ الصحف وتعيد النظر في محتوى ما تطبع وما تحرر أمام منافسة الإعلام الإلكتروني؟
في مساحة أخرى، سأفرد كلاماً للحديث عن معنى الإقبال على القراءة في مجتمع تتجاذبه مؤثرات الإعلام بأشد ما يكون، والى ذلك الوقت سنتمتع بالتأكيد بالمائدة الفكرية العامرة التي يقدمها معرض بغداد للكتاب، فهو بحق معرض قرّاء هذه الكتب قبل ان يكون معرضاً للمؤلفين والكتّاب، أو للناشرين ومطبوعاتهم.

عرض مقالات: