كلّ يومٍ يعصر قلبي ألمٌ ، حين تعبر سيارتنا من تحت مجسّر الخطوة على طريق بصرة ــ زبير، الذي مضى على العمل فيه أكثر من خمس سنوات ولم يكتمل بعد، بل صار عبئاً ثقيلاً على السائقين والركّاب ، حيث اتخذه البعض سوقاً لبيع الفواكه والخضر والأسماك والدجاج وغيرها ، إضافة إلى الطرق التي تمر من تحته وما فيها من التواءات ومطبّات ، لأنه مشروعٌ قد يكون حضارياً ولكن ليس في مكانه أبداً ، ماذا لو بقيت الساحة على حالها سابقاً كونها لا تسبب زحاماً في السير، وتم العمل على تشجيرها وزراعتها وجعلها حديقةً غنّاء والاهتمام بها من خلال المتابعة والسقي والنظافة وتزويدها بالإنارة وما إلى ذلك من أمور لكانت أفضل وأجمل واجهة تقابل القادم من البصرة إلى الزبير أو عند زيارة خطوة الإمام علي (ع) ، إضافة إلى نظارة منظرها عند القادم من الكويت أو أم قصر وسفوان إلى البصرة أيضاً، ولكن.. وآآآه من هذه الــ ( لكن ) !
كما يعصر قلبي ألمٌ وأنا أنظر إلى البناية الكبيرة والجميلة للمستشفى التركي ــ كما يسمونه ــ الواقع قريبا من الطريق الذي تقوم إحدى الشركات بفتحه وبناء المجسّر الواصل بين المدينة الرياضية ومطار البصرة الدولي، إذ أنها من المشاريع الكبيرة التي تتسع لأكثر من 400 سرير، إضافة لما فيها من أقسام ومختبرات ومحطة تعبئة وقود لكنها مهملة ومتروكة لم تُستخدم أو تفتتح بعد ، وإذا تركنا المستشفى المنسيّ واتجهنا صوب المدينة الرياضية نجد الفنادق التي بنيت داخلها ولم يكتمل بناؤها وهي تشكّل منظراً غير جميل ويعطي للزائر صورة عن تلكؤ العمل فيها ، أو بالأحرى تركها للنسيان والإهمال لأسباب لا يعرفها إلاّ المعنيون بالأمر طبعاً !
وهناك مشاريع كثيرة وكبيرة كالمدن الاستثمارية والشقق التي بقيت على حالها ولم تكتمل رغم العمل عليها منذ سنين ، ما يدلّ على أن الشركات المقاولة قد تركتها أو سلّمتها دون انجاز العمل بالتمام والكمال ، والذي ينظر إلى جسور المشاة التي أكلت تقلبات الطبيعة جزءاً منها وبان الإهمال عليها ، إضافة إلى الجزرات الوسطية التي كل يوم في حال يصاب بالقنوط حتماً !
أما الأرصفة فحدّث ولا حرج ، تُبنى وتُهدم ، ثم تُبنى وتُهدم وكأنها أفعى تُبدّل جلدها كل موسم !
المشاريع العمرانية مصدر رزق وسعادة وراحة بال وتقدم حضاري للمواطن والوطن ، لكنها بهذا الشكل تكون مصدر قلق وتعاسة وإرباك وزيادة في الفساد والخراب والتدهور دائماً !
علينا أن نخطط بشكل مدروس ومتقن ونتعامل مع شركات صادقة ومخلصة في عملها ، كي ينتهي العمل ويُنجز على وفق ما نريده وفي المدة المقررة وعلى أكمل وجه !
لا أن نتعامل مع هذا وذاك ، وكلٌ يبيع للآخر حتى يصل الأمر بنا إلى أن ننظر الى هياكل لمشاريع دون إكمالها بل تتحول إلى مبانٍ متهالكة يعلوها الخراب بتعاقب الأيام وتحولات الطقس !
البناء والعمران لن يكون فساداً وخرابا إذا تم العمل عليه بإخلاص ونزاهة وحرص وانتماء حقيقي للناس والوطن !