في هذه الايام استبشرت الناس خيرا بمقدم موسم المطر بعد جفاف دام طويلا، حيث اضر كثيرا بالزرع والضرع خصوصا بالنسبة للمزارعين والرعاة واصحاب البساتين، وبنزول المطر سيفرح الناس كثيرا لتحول ربوعهم الجرداء الى فراش اخضر ، لذا يسترزق الكثير من العاطلين من جني ثمار الطبيعة المعطاء.
وقد يكون نزول المطر بالنسبة لابناء المدينة وبالا عليهم، ويغدو كارثة بسبب طفح مياه الصرف الصحي التي تتدفق دون استئذان الى غرف النوم وتتلف السجاد والاخشاب وتضيف خسائر مادية لا احد يعوضها لهم، كما يحرم الصغار من الذهاب الى مدارسهم لصعوبة المسير في الشوارع التي تصبح انهارا والخوف من الاعمدة والجدران المكهربة، كل ذلك بسبب عدم صيانة وتأهيل شبكات الصرف الصحي، نظرا لسوء الادارة والفساد المالي والاداري.
المهم طلب مني احد الاصدقاء ايصاله الى داره في وقت كانت السماء تمطر ، وما ان رمت دخول احد الفروع الم}دية الى داره حتى لاحظت ان الفرع الاول مبلط والثاني ترابي !
سألته، لماذا الفرع المجاور لبيتك مبلط وفرعكم متروك ما مبلط؟
اجاب : قضية التبليط في المحلات السكنية لدينا عبارة عن ( تك وتك)، فقبل سنتين بلطت دائرة البلدية الفرع الاول الا انهم تركوا الثاني بلا تبليط، مما حدا بالاهالي الى عرض شكواهم على الجهات المعنية لكن دون جدوى، وقمت اخيرا بمراجعة عضو مجلس المحافظة ووعدني خيرا، وبقى الحال مثل ما "عينك تشوف".
اتضح لي بعد ان اجريت جردا في عموم المدينة فوجدت ظاهرة هذا الزقاق تتشابه كثيرا مع الازقة الاخرى في محافظة كربلاء، ومنها حي المحاربين. كذلك في حي التحدي وقبل شهر افتتح شارع تم تبليط السايد الايسر وترك الايمن منه. حتى البنايات التي احيلت الى مقاولين بنيت هياكلها وتركت لتدخل عمر الاندثار، والامثلة كثيرة منها القاعة الرياضية في حي التعليب والمدارس الجاهزة ومستشفى الولادة والاطفال في حي النصر وبناية دائرة صحة كربلاء في حي الموظفين وعشرات المشاريع التي لم تنجز حتى الان.
اصبح جليا وواضحا للعيان ان الحكومات المتعاقبة غادرت النظم الادارية الحديثة المتمثلة بالتخطيط والتنفيذ والمتابعة وتركت الامور على الغارب لتعمل وفق مبدأ "تك.. وتك" ما يعني العمل على انصاف الحلول ، وعشنا وشفنا وراح نشوف مع فرسان المحاصصة الطائفية المزيد من الخراب والدمار.
على الحكومة الجديدة ان تعيد النظر بدءا في تنظيف الجهاز الاداري من الفاسدين وفتح ملفات المشاريع المؤجلة والتي صرفت عليها المليارات، لاعادة تدويرها وتنفيذها بشكل صحيح، ولابد من ملاحقة الفاسدين الذين هربوا باموال الفقراء.