بعد فراق طويل، تسنى لي ان ازور مدينتي بغداد، وقد فوجئت بما رأيت، اذ تغير حالها عن السابق وبشكل كبير، واختلف وضع المدينة القديمة التي عشت فيها وتربيت بين أزقتها (ودرابينها). ففي منتصف القرن العشرين كانت بغداد مدينة جميلة، وتعد قبلة العراقيين وعاصمتهم، حتى تغنى فيها الشعراء وضربت الأمثال في حُسن معمارها ونظام شوارعها النظيفة، وكم تمنى البعض من العرب ان تكون عاصمتهم شبيهة ببغداد.
اليوم واقع العاصمة هو أنها مدينة لا تشبه نفسها، وبدأ في باب المعظم حيث درست في مجمع الكليات، شاهدت الساحة مليئة بسيارات الأجرة المتنوعة واصوات المنادين تتعالى "شعب، حسينية، البنوك، حي اور، واخرين بعقوبة والخالص" اعتقد ان الكل يصرخ ويدعو الركاب الى الصعود، لقد تحولت الساحة الى سوق هرج ومرج اضافة الى وجود بائعي الخضروات والفواكه خارج سور القواطع الإسمنتية وبائعي العصائر والماء، والمارة والداخلون والذاهبون الكل ينتظر الفرج ابتداء من شرطي المرور ومفارز العسكر وانتهاء بالركاب والبائعين الجوالين، ومن يدير التحكم بهذا الكراج هو( الزلمة ) ! ولااعرف من هو حقا.
اتجهت نحو الباب الشرقي، واذا بالحال لا يختلف كثيراً عن كراج باب المعظم، ربما بزيادة عدد السيارات وعدد الساحات لوقوف خطوط النقل الى مدينة ( الصدر) الثورة – الداخل - الجوادر وخط نقل الى بغداد الجديدة وجسر ديالى والكرادة والزعفرانية والكاظمية والشعب وغيرها، وكل سائق تحصن في زاويته من الشارع، وينادي من على صهوة (كيته او كوستره) لمكان وجهته طلبا للركاب. كما يعج الباب الشرقي بمحال بيع الملابس والادوات المستعلمة (البالات) ومختلف الحاجيات، وباعة الفلافل والعصائر وأصحاب البسطات وووووو..الخ، واعتقد لهذا السبب استهدفت المنطقة من قبل الإرهابيين اعداء الحياة والفقراء والكادحين.
الاان الحال يختلف بعض الشيء في كراج علاوي الحلة، ربما السبب هو ان الكراج مخصص للنقل الخارجي (المحافظات)، اما سيارات النقل الداخلي فهي محددة باتجاهات معينة البياع والدورة والاسكان والنهضة وباب المعظم وغيرها، لكن يقال ان السبب هو المسيطرون لانهم (زلم زينة) يديرون امور الكراج بشكل منظم.
بادرني سؤال، اين دور نقابة النقل العام في الكراجات الثلاثة التي تحدثت عنها، ولم هذه الفوضى والارتباك في سير تنظيم الكراجات والتي تتطور الى خلافات وصدامات بين بعض السائقين، ولم ساحات وقوف سيارات النقل الداخلي خالية من الخطوط، في حين تجد ان الشارع اصبح بديلا لوقوف الخطوط تلك!
دعوة المعنيين الى تحمل المسؤولية على عاتقهم، بارجاع الشوارع الى سابق ألقها وللكراجات نظامها وضعوا قواعد للنظام العام.