اهتم اغلب الكتل السياسية بتسمية الوزراء، وترقب توزيع المناصب، ولم يهتم بالمنهاج الحكومي. وبدا ان منهج المحاصصة ما زال مهمينا على تفكير هذه الكتل، التي لا ترى في المناصب الا صفقات ومغانم وامتيازات. فالمصالح الذاتية والطائفية هي معيار تعاملها في الشأن السياسي، وهي باب تعاطيها مع الحكومة الجديدة.
قلة قليلة من الكتل أصرت على مغادرة منهج المحاصصة الطائفية والاثنية، ويسجل لـ "سائرون" السبق والريادة في ذلك، وقدمت مثالا في عدم التزاحم مع الآخرين على المناصب. فقد منحت حقها في ترشيح وزراء الى رئيس الحكومة المكلف، كي يختار شخصيات مستقلة مهنية كفؤة لتسنم المناصب التي حددت حسب الاستحقاق الانتخابي. وبهذا أعطت درسا بالغ الأهمية في كون صاحب المشروع الإصلاحي غير صاحب المصالح الخاصة والنفعي.
هكذا منحت سائرون رئيس الوزراء المكلف إمكانية اختيار فريقه الوزاري بصورة تسهم في تنفيذ برنامجه، ومن جانب آخر احرجت بموقفها كل المنادين بالمحاصصة البغيضة والمتطلعين اليها، بل وشجعت كتلا أخرى على ان تحذو حذوها.
صحيح ان التمثيل البرلماني لقوى الإصلاح اقل من ان يحسم مسألة انهاء المحاصصة الطائفية والاثنية، الا انه رغم حجمه المعروف هذا لعب دورا مؤثرا في محاصرة المحاصصة ومنهجها المدمر.
وفي الوقت الذي انشغلت فيه كتل المحاصصة بالمناصب، أصرت القوى المطالبة بالإصلاح على طرح البرنامج الحكومي علنا، وهذا ما تم فعلا حيث صدر المنهاج الحكومي ونشر في وسائل الاعلام قبل يوم من جلسة منح الثقة. وهذه بادرة اولى من نوعها، ونحن نعدها خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح. فرغم المدة القصيرة، وسعة المنهاج وتعدد محاوره، فستتوفر فرصة لعامة المواطنين للاطلاع عليه، كما تتوفر فرصة جيدة لمناقشته من قبل الكتل البرلمانية، وذلك ما بدأ صباح امس الأربعاء. ومن يطلع على نص المنهاج، يكتشف انه يحتاج الى تدقيق في نصوصه، لكنه يستجيب عموما بشكل مناسب لمشروع الإصلاح وان القضايا التي طالبت بها حركة الإصلاح وردت ضمن محاوره.
ان من غير الممكن تصور المضي في طريق الإصلاح والتغيير من دون برنامج واقعي قابل للتحقيق، برنامج يستجيب لمطالب المواطنين وحقهم في الامن والاستقرار والخدمات والتنمية والبناء.
ومن جانب آخر، لا يمكن وضع احسن البرامج موضع التطبيق من دون حكومة تضم كفاءات وطنية، مقتنعة بان واجبها الأساسي هو توفير الخدمات وتقديمها على احسن وجه للمواطنين. وتضم شخصيات قديرة وشجاعة، لديها القدرة على التصدي للفساد ـ الذي لا يمكن للبناء ان يأخذ طريقه من دون مواجهته وقطع الطريق على الفاسدين.
كل خميس.. توزيع مناصب ام تطبيق منهاج؟
- التفاصيل
- جاسم الحلفي
- آعمدة طریق الشعب
- 2507