من جديد يعود حراك البصرة بقوة ، سيما بعد تجدد التظاهرات والاحتجاجات ، التي اضافت الى مطالبها العادلة والمقبولة مطلبا اخر لا يقل اهمية، يتعلق بايقاف أية ملاحقة للمتظاهرين والمحتجين، سواء من قبل القوات الأمنية الرسمية اوغيرها، كذلك إيقاف الملاحقات القانونية بتهم لها علاقة بما حصل في البصرة من تجاوز وحرق لمقار حزبية او دور سكنية او مؤسسات حكومية ، وهو امر ادين من قبل جمهور واسع من المتظاهرين وخاصة المدنيون منهم .
وفِي هذا السياق لا بد من الإشارة الى تصريح رئيس الوزراء من مدينة البصرة ذاتها ، وتأكيده الواضح ان من قام بالحرق هم جماعات مسلحة تابعة لجهات سياسية ! حسب قوله وتصريحه الموثق . وكان منطقيا طالما توفرت هذه المعلومات لدى القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء ، ان يقدم على احالة المعتدين ، وهم على ما يبدو معروفون له ، الى التحقيق والقضاء نظرا لما الحقوه من أضرار بالغة بالممتلكات العامة والخاصة ، ولكي تصان ارواح المواطنين والمتظاهرين والمحتجين ، الذين يطاردهم شبح الموت على فعل هم بريئون منه. فالاقدام على مثل هذه الخطوة فيه إسهام كبير في العودة بالامور الى سياقها السليم، ذلك ان المتظاهرين سلميون يتطلعون الى الاستجابة لمطالبهم التي بحت اصواتهم وهم يناشدون ويتطلعون الى تلبيتها .
الا ان ما نقلته وسائل الاعلام في الايام الاخيرة عن موجة اعتقالات شملت ما يزيد عن ٣١ من الناشطين، امر يثير القلق ويستوجب الادانة والاستنكار، ويفرض المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين فورا، والكف عن مثل هذه الملاحقات التي لا مبرر لها، والتي لا تزيد الأوضاع الا تعقيدا، ولا تقدم حلولا للمشاكل العديدة التي تعاني منها محافظة البصرة وغيرها من المحافظات العراقية .
ومن المؤكد انه لو تم اعتقال جميع المتظاهرين، فسوف يخرج غيرهم وربما اكثر ، مطالبين بذات الحقوق وبحل نفس القضايا التي تتردد على السنة المحتجين منذ سنين ، وهي تنتظر الحل والمعالجة، فيما تضخمت جوانب منها كثيرا وساءت وتدهورت، رغم ضياع المليارات من الدولارات وهدر الكثير من الوقت الذي ذهب هباء ، والبلد يتراجع وينتقل من سيّء الى اسوأ. فالمتظاهرون انما يعبرون عن تطلعات الملايين التي تتقاسم معهم المعاناة والحرمان والفقر والجوع والمرض والبطالة وسوء الخدمات ، وقد وصلت حتى الى شُح الماء الصالح للشرب ، ناهيك عن أزمة الكهرباء المستعصية .
تقول تجارب التاريخ ان الاعتقالات والاغتيالات والإعدامات والتغييب القسري وغيرها من أساليب القمع والعسف ، لم تحل يوما عقدة نظام مأزوم. ومن سلك هذا الطريق غير القانوني وغير الدستوري والمخالف لابسط حقوق الانسان ، فقد ألحق الضرر البليغ ببلده وشعبه ، وكان ذلك طريق حتفه.
ان سبيل الحل بسيط وواضح : اسمعوا كلام الناس ولبوا مطالبهم.

عرض مقالات: