مما لا ريب فيه أن مفردات البطاقة التموينية تمنح للمواطنين عندما تمر دولهم بكوارث طبيعية أو حروب تتسبب في إيقاف عجلة الانتاج، أو أن هذه الدول فقيرة ولا تمتلك ثروات طبيعية. لذلك تقوم بتوزيع المواد الغذائية، بصورة مقننة على المواطنين، كي تسد رمقهم أولا، وتحقق الأمن الغذائي ثانيا.
هذا الحال ينطبق على العراقيين، الذين كانوا يتسلمون مفردات البطاقة التموينية منذ بدء الحصار الاقتصادي في تسعينيات القرن الماضي. إلا أن الأمر اختلف بعد عام 2003، فقد اختزلت تلك المفردات إلى الثلث مقارنة بما كانت عليه عام 1996 وما تلاه.
أن هذه المفردات الغذائية، وبالرغم من قلتها، تشكل مصدرا رئيسا لغذاء العائلات العراقية. فالرز ورغيف الخبز لا يمكن لأي عائلة الاستغناء عنهما. وكل من يتابع حال العراقيين طيلة السبعة عشر عاما الأخيرة، يرى ان مؤشر نسبة الفقر تزداد تدريجيا عاما بعد آخر، حتى وصلت الى اكثر من ٣٥ في المائة، حسب الاحصائيات المتوفرة، وهي لا تزال تزحف نحو الـ 50 في المائة، ما يشكل خطرا على الأمن الغذائي والسلم الأهلي.
“طريق الشعب” استطلعت آراء عدد من البغداديين حول مفردات البطاقة التموينية، من حيث كميتها ونوعيتها وانتظام توزيعها من عدمه.
وليد العزاوي، وهو كاسب من سكان منطقة الشرطة الرابعة، تساءل مستغربا: “عن اي حصة تموينية أتحدث؟ فمادتا الرز والطحين اللتان توزعان علينا، لا تصلحان للاستهلاك البشري نظرا لرداءة نوعيتيهما”، مشيرا إلى أنه “غالبا ما يتم توزيع مادة أو مادتين للمواطنين، وبالمقابل يستوفى منهم مبلغ الحصة كاملة، بواقع 1500 دينار عن الفرد الواحد”.
وأضاف قائلا، أن “حصة شهري تشرين الثاني وكانون الأول 2019، تم إلغاؤها، ولا نعرف السبب. كما تم إلغاء حصة شهر نيسان من العام الجاري”.
أما نائل صبيح، وهو كاسب أيضا، ومن حي الإعلام، فقد أشار إلى أن “وكلاء الحصة التموينية يستوفون مبلغ 1500 دينار عن الفرد الواحد شهريا، حتى إذا كانت الحصة غير كاملة، وهذا يعني انني يجب أدفع شهريا مبلغ 120 ألف دينار عن أفراد عائلتي الثمانية، وأتسلم مادة أو مادتين فقط!”، مطالبا رئيس الوزراء بمحاسبة كل من يتلاعب بقوت المواطنين، ومناشدا في الوقت ذاته، إلغاء المبالغ التي يستوفيها وكلاء الحصة التموينية من المواطنين، خاصة إذا كانت الحصة مؤلفة من مادة واحدة.
وطالب صبيح أيضا بزيادة كمية المواد الغذائية، وتحسين نوعيتها، وإضافة أصناف أخرى إليها.
من جانبه، ذكر المواطن ياسر فاضل، أن سكان مناطق الشرطة الخامسة والمواصلات والشهداء، الذين كان قد التقى ببعضهم، أكدوا له استحالة أن تجتمع المواد الغذائية الأربع المقرر توزيعها شهريا للمواطن، مبينا أن المواطنين أخبروه بأنهم يتسلمون مثلا، مادة الزيت في شهر، وفي الشهر التالي يتسلمون السكر والطحين فقط، أو الرز والزيت، وأن المواد التي لم توزع عليهم هذا الشهر، لا يتم تعويضها في الشهر التالي “ما يعني أن المواد الغذائية تسرق في وضح النهار! إذا ما علمنا أن تخصيصات الحصة التموينية مثبتة مسبقا في قانون الموازنة، باعتبارها نفقات حاكمة” – الحديث لـ فاضل.
المواطن سامر فاضل، أكد هو الآخر لـ “طريق الشعب”، ان عائلته لم تتسلم مواد الرز والسكر والزيت وحليب الأطفال للأشهر الأربعة الماضية، سوى مادة الطحين، لافتا إلى أن وكيل الحصة التموينية استوفى منهم مبلغ الحصة كاملا.
وأضاف قائلا أن طحين الحصة التموينية رديء جدا، ما يضطر المواطن إلى بيعه بسعر بخس.
وفي السياق، قالت إحدى المواطنات، وتدعى حسنية، أن المواطن عندما يحتج على عدم تزويده بمفردات الحصة التموينية كاملة، يخبره الوكيل في الغالب، بأن السبب يعود إلى وزارة التجارة، التي لم تجهز الوكلاء بالمفردات المقررة جميعها.
فيما قال المواطن مهند عبد الله، أن وكيل الحصة التموينية لم يسلمهم المفردات الغذائية منذ أربعة شهور، وعندما سألوه عن السبب، أجابهم بأن وزارة التجارة لم تجهزه بالمواد في الموعد المحدد.
مواطنون عديدون شاطروا الآراء ذاتها، من حيث تذبذب توزيع المفردات الغذائية، وعدم تسليمها كاملة بالرغم من استيفاء أجورها، فضلا عن عدم كفايتها ورداءة نوعياتها، معتبرين أن أسباب ذلك كله تعود للفساد المستشري في مفاصل الدولة، وعدم الاكتراث لمعاناة أبناء الشعب، الذين بحت أصواتهم وهم يطالبون بأبسط الحقوق.
ويتطلع المواطنون، إلى حلول ناجعة لمشكلتهم هذه، من أجل تحسين وضعهم المعيشي، وتأمين الغذاء لهم، باعتباره العنصر الأهم في تحقيق الاستقرار.
عن مفردات البطاقة التموينية ومعاناة الفقراء
- التفاصيل
- مهدي العيسى
- مجتمع مدني
- 3886