يحدونا أمل بأن تتحرك عجلة القاطرة العراقية ، لترسم معالم جديدة ومختلفة عن السنوات العجاف ، الخمس عشرة الماضية ، وما رافقها من أهوال ومحن وخسائر مادية ومعنوية باهظة ، وما نجم عنها من تخلف وانهيار الدولة ومؤسساتها ، من غياب للأمن والخدمات والعدل والمساوات ، وما أصاب المجتمع من تخلف وجهل ومرض وتمزق وتفكك واحتراب وتناحر ، وشيوع الأمراض الاجتماعية وما لحق من تدمير وتخريب لمنظومة مجتمعنا القيمية والأخلاقية ، ناهيك عن البطالة والفقر وتفشي ظاهرة المخدرات وتجارة البشر وتجارة السلاح والجريمة المنظمة والأمراض الفتاكة والعبث في البيئة ، وشيوع الطائفية السياسية كنهج وممارسة ، سار عليها النظام الحاكم واحزابه الطائفية .

والتمييز بين مكونات المجتمع الواحد ، على أساس الدين والمذهب والطائفة والعرق والمنطقة والحزب ، والذي أدى الى تنامي وانتعاش المنظمات المتطرفة والأُصولية ، فكانت هذه البيئة المرضية التي تعرض لها وطننا وشعبنا ، كنتيجة منطقية لتفريخ وإنتاج الفساد ، والعكس هو الصحيح ، الذي انتشر كالنار في الهشيم ، ونتيجة لحدود العراق المشرعة لكل من هب ودب .

هذه وغيرها شكلت حاضنة خصبة لنمو وتمدد وانتعاش الفكر التكفيري المتخلف ، ومنظماته الإرهابية ، من القاعدة وداعش وأخواتهم ، والذي عرض العراق الى ما تعرض اليه وما نتج عن احتلاله لثلث مساحة العراق ، وما زالت المخاطر قائمة وتهدد العراق وسلامته ، والتي تعيق تقدمه وأمنه ورخائه .

هناك مهمات ملحة وعاجلة ، لا تحتمل التأخير أو التأجيل ومن تلك الأولويات :
وضع القوات الأمنية والعسكرية والمخابراتية على اهب الاستعداد ، تحسبا لأي طارئ، أثناء وبعد تشكيل الحكومة .

وتكون كافت القطعات العسكرية والأمنية تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة .

يجب إعادة هيكلة جميع تلك القطعات ، وإعادة بنائها على أساس مهني ووطني ومستقل ، وحسب الكفاءة والأهلية البدنية والعلمية ، وأن تكون مؤسسة تتمتع بالاستقلالية ، وحصر السلاح بيد هذه المؤسسة دون غيرها . 
يتم مصادرة كل أنواع الأسلحة الغير مرخصة ، والايعاز بحل كل الميليشيات ومصادرة سلاحها وممتلكاتها فورا .

يجب الاختيار الأمثل للطاقم الوزاري ، من أصحابي الاختصاص من التكنوقراط ، ومن هم بدرجة وزير والمدراء العامين والهيئات المستقلة والسفراء والدرجات الخاصة ، ويتم اختيارهم على أساس النزاهة والمهنية والوطنية والخبرة كل حسب موقعه ووظيفته .

العمل سريعا على طمأنة الشارع العراقي ، والجماهير الغاضبة والمنتفضة وبإجراءات ملموسة ، لإعادة ثقة هذه الملايين بالحكومة الجديدة ، الذين فقدوا الثقة بكل النظام القائم .

تبني خطط طموحة لتحريك عجلة الاقتصاد المتوقفة وبشكل شبه كامل ، من خلال تنمية مستدامة للقطاعات المختلفة ( العام والخاص والمختلط وتبني خطط استثمارية ترفع الحيف عن هؤلاء الفقراء والعاطلين والثكالى والأرامل والمعوزين .

البدء بحوارات جادة ومعمقة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم وبما يخدم وحدة العراق أرض وشعب ومؤسسات ، ويحقق العدالة والمساوات وبما يخدم التعايش المشترك بين مكونات شعبنا المتأخية ، وعدم التمييز أو التهميش وأن يشعر الجميع بأن هذا الوطن هو وطن الجميع ويتسع للجميع .

إيلاء كل الاهتمام في تطوير التعليم المنهار ! .. بالعناية والاهتمام بالطلاب والمعلمين والمدرسين والأساتذة ، فهؤلاء عماد البلد وثروته البشرية العظيمة ، ويتوقف تطور البلد وتقدمه ورخائه على هذه الشريحة المهمة .

الاهتمام بالثقافة والمعرفة ودعمها ، وتشجيع البحث والاكتشاف ، ودعم هذه الصروح التي بدونها سنبقى متلقين وغير فاعلين ، وغير مساهمين في انتاج العلوم والمعارف بمختلف المجالات .

يجب عدم اقحام الدين في بناء الدولة ، وفي تشريع القوانين التي تحكم بناء الدولة ومؤسساتها ، وعلى أساس المواطنة والتعددية ، والتنوع العرقي والديني والطائفي ، وكما قال السيد المسيح [ أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ لله ] .

ولا يجوز !.. وليس من المقبول أو المعقول أن تستمر الحكومات المتعاقبة تقامر بأرواح الناس ، وتسترخص الدماء الزكية التي سالت على أرضنا التي ارتوت من هذه الدماء ، وذهب نتيجة فشل وجهل وفساد هذه الحكومات ، عشرات الألاف من الضحايا الأبرياء .

نأمل أن لا يستمر التناحر ورمي الحجارة على من نختلف معه !.. 
ونسير قدما لبناء دولة تقوم على التعايش ، ولتكريس القيم الديمقراطية الوليدة على مجتمعنا ودولتنا ، والتي ارتضيناها كشكل متقدم من أشكال النظم السياسية في عالمنا المعاصر ، وضمناها في دستورنا !..

عسانا أن نتمكن من السير لنقطع الخطوة الأولى من مسيرة الألف ميل .