لا احد يستطيع ان يتجاهل ما يُنشر اليوم من اطروحات ياتي بها خطباء المنابر معممينها على مستمعيهم بشكل مباشر ومتابعيهم على وسائل الإعلام المختلفة بشكل غير مباشر، يزعمون فيها ما شاء لهم الزعم ويرسمون فيها ما تتفتق عنه مخيلاتهم في مكتلف المجالات العلمية ليثبتوا توفر النتائج الإيجابية لكل ما يريدون اقناع الناس بممارسته من بكاء الى صراخ وعويل مروراً بضرب الصدور وإيذاء الأجسام والتهام التراب والجري على الأربع والنباح كالكلاب وغير ذلك الكثير مما يضعه خطباء المنابر ضمن ممارسة الشعائر الدينية التي لم نسمع بان كبار المتدينين الورعين السالفين مثل الخلفاء الراشدين او اتباعهم قد مارسوها من قبل او تحدثوا عن المعجزات التي ستحصل اثناء او بعد ممارستها. فهل كان اولئك من فئة اخرى غير الفئات الإسلامية التي تمارس هذه الشعائر اليوم ؟ او هل ان ايمانها كان ناقصاً ؟ او انهم لا يملكون من العلم والمعرفة بالمعجزات ما يعرفه بعض خطباء المنابر اليوم ؟ أو ان كل ذلك يقع ضمن الخزعبلات التي اصبحت اليوم سموماً فكرية لها من الآثار المدمرة للشخصية البشرية وكل ما يمكن ان تلعبه من ادوار ثقافية وسياسية واقتصادية واجتماعية في المجتمع الذي ستنشأ فيه هذه الشخصيات المشبعة بالفكر الذي لا يمكنه ان يتلاءم مع مقومات الحياة بكل تجلياتها في عالم اليوم وعالم المستقبل الذي ستنشأ فيه هذه الأجيال ذات العقول المُخدرة بتفاهات بعض خطباء المنابر هؤلاء. وقبل ان نتناول صلب هذه الخزعبلات اطرح على القراء الكرام ما سطره الأستاذ الفاضل عبد الرحمن سعيد كوكي حول حقيقة هذه الخزعبلات وكيفية انتاجها من بعض خطباء المنابر ، حيث وضعها تحت عنوان : كيف تصنع أكذوبة الإعجاز العلمي ؟
1 تأتي إلى حكم شرعي محبب لدى الناس ومقطوع به عند المسلمين، كالصلاة مثلاً وتضعه أصلاً لبحث الإعجاز العلمي المزعوم الذي تريد الترويج له.
2 تخترع اسم عالم أوروبي ليس له وجود، مثل:
روبرت آدم
جون ستيفن
كاسيوس مكفلاين
أدولف يوهان
أوتقول:
مجموعة علماء يابانيين
مجموعة علماء من سويسرا
هولندا أمريكا...إلخ
3 تأتي باسم جامعة أوروبية أو أمريكية فيها عشرات ألوف العلماء والباحثين والخريجين، مثل هارفارد، أو بريطانية مثل أكسفورد،
أو: المركز الأمريكي للأبحاث والدراسات العلمية.
بحيث يصعب الوصول إلى أسماء الباحثين فيها.
4 تعلن (كذباً) أن أولئك الباحثين في تلك الجامعة اجتمعوا وبحثوا وتوصلوا (مثلاً) إلى أن الصلاة تفرغ الشحنات الكهربائية من الجسم، وأن قيام الليل يقي من الجلطات.
أو أن لفظ الجلالة بطريقة معينة يؤدي إلى كذا وكذا والراحة النفسية أو يفيد القلب ويشفي من السرطان والديسك والالتهاب الرئوي...إلخ.
5 تعلن أن الباحثين أصابهم الذهول، وبحثوا في الإسلام فوجدوا ذلك حقاً، فقاموا بإعلان دخولهم في الإسلام،
وتختمها بقول: الله أكبر!!!!
6 تقوم بنشر الخبر على بعض المواقع ومجموعات الواتسآب،
وسوف ترى كيف يردد الناس تلك الأكذوبة بشكل كبير،
بل ستصلك تلك الأكذوبة التي اخترعتها أنت مع بعض الزيادات والبهارات، مثل:
ولما علم كثير من الأوروبيين بهذه الحقيقة دخلوا في دين الله أفواجا بعشرات الآلاف!!!!
7 أرسل الكذبة التي اخترعتها أنت إلى عدد من الخطباء والوعاظ، وأكد لهم أنها حقيقة علمية، فترى أنهم سيرددونها دون تفكير.
وكن على ثقة أنه لن يبحث أحد وراءك عن حقيقة الأمر، ولن يكلف أحد نفسه مؤنة اكتشاف تلك الكذبة،
وسيردد القطيع تلك الأكذوبة دون تفكير، وكأنها حقيقة ثابتة،
وذلك لعدة أمور:
أنها أمر علمي، والناس عندها تعطش لذلك،
أنه أمر غريب،
فيها اسم عالم أوروبي،
وجامعة أوروبية،
وأمر يتعلق بنصرة الإسلام،
وأن الشيخ الفلاني ذكرها،
خلص صارت طابو عند العوام.
أخيراً أيها العقلاء
أيها العلماء
أيها المثقفون
احذروا عبارة:
ثبت علمياً، فإنها تحوي كثيراً من الأكاذيب والأباطيل بحجة الترويج للإسلام بأسوأ طريقة.
ثم سيأتي من يقول للناس:
لقد كانوا يكذبون عليكم
ويأتون لهم بأدلة ذلك عبر وسائل الإعلام،
فيفقد العلماء مصداقيتهم،
ويفقد الناس ثقتهم بالإسلام
ختاماً:
إن تعلق الناس بالعبادات بناءً على أكذوبة الإعجاز العلمي هو في الحقيقة صرف للناس عن روح العبودية لله رب العالمين وإبعاد للناس عن مقاصد الدين وغاياته نحو ترهات وتوافه لا أصل لها.
عبد الرحمن سعيد كوكي
هذا ما تفضل به السيد عبد الرحمن وهو يعكس كثيراً مما يجري في مختبرات بعض خطباء المنابر ، مضافاً إلى ذلك مصطلح : ورد في الروايات ... في الروايات المعتبرة .... او هكذا وردنا عن .... ويُذكر في هذا المجال اسم شخص من الأولياء والصالحين من ذويي الحضوة لدى كثير من الناس ليعطي الخبر نوعاً من المصداقية التي يفتقد اليها.
الأمثلة التي يمكن الإستشهاد بها لا حصر لها ، خاصة وان مثل هذه الأكاذيب تنتعش بانتعاش وساءل التواصل الإجتماعي التي تتعاظم كل يوم ويتعاظم معها خطرها المدمر إذا ما تم استثمارها للجهالة والتضليل ، كما يقوم به بعض خطباء المنابر هذه الأيام . وهذه بعضها التي لا تعتمد على طائفة اسلامية بعينها ، او على مجموعة بذاتها :
الشّيخ عثمان الخميس
: القمر ليس في السّماء. لأنّ بلوغه لا يكون بغير استئذان الله لدخول السّماء كما فعل الرسول و جبريل ليلة الاسراء و المعراج. و هو إذن لا يعطيه الله للأمريكان الكفرة و الله أكبر
الشّيخ عبد المجيد الزنداني رئيس هيئة علماء اليمن:
تعيش الدّول الغربية منذ سنة 2013 عصرًا جليديًا جديدًا بدليل أنّ الطّيور تهاجر من أوروبا إلى الدّول العربية و من أمريكا الشّمالية إلى أمريكا الجنوبيّة و من شمال روسيا إلى جنوبها. و هذا ما سيجعل الحياة في هذه الدّول مستحيلة. لذا تراها تسعى إلى نشر الحروب في الدّول العربية تمهيدًا لإحتلالها و العيش فيها هربًا من برودة العصر الجليدي. و لكن هيهات لن يكون لهم ذلك إلى بعد الدّخول في الاسلام. و الله أكبر.
.
أو يمكنك الإطلاع على الرابط التالي لتعلم ان الإمام جعفر الصادق هو الذي اكتشف الأوكسجين او ان الدمعة الواحدة للبكاء على الحسين تطفي نار جهنم بكاملها
https://www.youtube.com/watch?v=7QN-vqSCgpE
ويمكن الإطلاع بشكل اعم واكثر على مثل هذه الخرافات لمختلف التوجهات الدينية الإسلامية تحت الرابط التالي :
https://www.facebook.com/takarifsheihk
وهكذا تستمر الأكاذيب لتصل إلى العلوم الطبية والفيزياء والكيمياء والفلك والجيولوجيا وغيرها من العلوم الطبيعية ، واعتقد ان الكثيرين منا سبق وان اطلعوا ولا زالوا يطلعون يومياً على كثير من هذه الخزعبلات التي ارجو معالجتها على الملأ وعدم السكوت عنها لكي لا يتمادى هؤلاء الدجالون في غيهم . وانطلاقاً من هذا السياق الذي طالما دعونا المرجعية الدينية الى الوقوف بوجهه ومنع تضليل الناس وتشويه عقولهم بهذه الأكاذيب ، إلا اننا لم نلمس شيئاً ملموساً وعملياً في هذا المجال ، لذلك نقترح ان يجري التشديد على خطباء المنابر هؤلاء بان يسمحوا في " محاضراتهم المنبرية هذه" ،كما في كل المحاضرات العلمية ، إذ انهم يعتبرون بذاءاتهم هذه علماً ، بتوجيه الأسئلة لهم " بعد محاضراتهم " عن المصادر التي اكتسبوا منها هذه المعلومات العلمية من خلال ذكر المصدر واسم الكاتب وسنة ومحل الإصدار وغير ذلك من المعلومات التي يلجأ اليها الناقل للخبر او النص تأييداً لمصداقيته . اما إذا ظل التعامل مع الموضوع من خلال قال فلان وجاء في الروايات وورد في الأخبار وغير ذلك من الأكاذيب ، فإن ذلك سوف لن يزيد مجتمعاتنا إلا جهالة ولم يسر بها إلا في طريق الإنهيار .
إنني على يقين بان مثل هؤلاء الجهلة سيرفضون توجيه اي سؤال لهم حول اكاذيبهم هذه لأنها ستنكشف قبل ان يحاولوا التفكير بالإجابة على الأسئلة التي قد لا يفهمون محتواها اصلاً . ويبقى السؤال المفتوح والذي طالما تكرر في عدة مناسبات يتعلق بمحاولة التعرف على مَن يقف خلف هؤلاء الدجالين ويشجع استغباءهم للناس ؟ كثير من هذه التساؤلات تشير إلى مسؤولية احزاب الإسلام السياسي بكل ما تضمه من لصوص ومزورين وكذابين واللاهثين وراء كرسي الحكم، عما ينشره هؤلاء الخطباء وما يستغبون به الناس، حيث ان ذلك سيكون الضامن الأساسي لصعودهم على اكتاف الأغبياء والجهلة. ولو القينا نظرة فاحصة على وضع التعليم في العراق لوجدناه ينسجم مع هذه الأطروحة والذي يشير إلى تردي التعليم في العراق إلى اسوأ درجاته ،يقابله انتعاش مجالس الخطباء ، حتى ان منظمة اليونسكو لتقييم مراحل التعليم في الدول المختلفة لم تجد مكاناً يليق بالتعليم العراقي حتى بين اسوأ الدول في القائمة التي اعدتها المنظمة ، معللة عدم ذكر اسم العراق بعدم وجود اية آليات للتقييم العلمي في جمهورية المحاصصات الطائفية والقومية الشوفينية التي اصبحت فيها معايير الفساد بكل انواعه واللصوصية بمختللف اشكالها والإنحدار الأخلاقي بابشع صوره مقننة ومنظمة اكثر بكثير من آليات التعليم الذي يتلاشى يوماً بعد يوم .