العنوان الأبرز لوصف المشهد العراقي، بعد اعتماد الطائفية اسلوباً لادارة البلاد هو أن، الشعب في واد والسلطات في واد آخر، وتحت هذا العنوان تستطيع أن تفحص أي تفصيل تشاء، وفي أي موقع رسمي في العاصمة والمحافظات، بتوقيت اليوم أوالأمس أو أي توقيت تختاره خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، لتتأكد بالوثائق والوقائع والشواهد والتفاصيل، من صدقية الوصف، وضعف حجج الرد عليه وتكذيبه .
لقد عانى العراقيون الأمريين نتيجة العبث السياسي لقادتهم، وكأنهم ينفذون عقوبات على الشعب الذي أنتخبهم مرة تلو الأُخرى، في مسلسل يقف العالم مذهولاً أمام استمراره، ولايجد تفسيراً واحداً لتكراره، غير اعتماد النخب السياسي (منظومة) انتخابات ضامنة لفوز الجميع، تتغير فيها النسب الفرعية، من دون تأثيرات على حجوم الاصول الطائفية والقومية الرئيسية، وهي لعبة الكبار التي ينفذها التوابع والذيول .
الجولة الجديدة من المراثون الطائفي في العراق بدءت فصولها المكررة بالتتابع على طريقة وأسلوب المسلسلات التلفزيونية، فقد أهتزت الأرض تحت أقدام الجميع مع انطلاق الاحتجاجات الشعبية العارمة في البصرة، وبعدها في باقي المحافظات، مما أجبر رموز السلطة على اطلاق تصريحات وبيانات وخطابات نارية ضد المحاصصة الطائفية، وتدعو لتشكيل حكومة كفاءات ومعارضة وطنية تراقب الاداء، سعياً منهم لتخفيف الاحتقان المتصاعد والمتسارع نحو الانفجار، وتمهيداً لاحتواءه بحزمة قرارات أصدرها رئيس الوزراء بعد لقاءاته بوفود شعبية من المحافظات، لتنطلق الدعوات من جديد لتشكيل حكومة الجميع ..!.
على مدى تأريخ البشرية كانت (ومازالت) هناك نماذج من الحكام الفاسدين والطغات والدمويين المستهينين بقدرات شعوبهم، وكانت نهاياتهم جميعاً الى مزابل التاريخ، وقصص هؤلاء وتفاصيل جرائمهم وغبائهم ونهاياتهم المخزية، باتت دروساً تحرص الحكومات الوطنية على نشرها في مناهج التعليم وقنوات الاعلام وفي الانشطة الثقافية والفكرية، لتستفيد من عبرها الاجيال في مسيرة بناء الاوطان اللائقة بالشعوب المكافحة من أجل الغد الأفضل لحاضر ومستقبل أجيالها .
المؤسف والخطير أن تستمر أحزاب السلطة باصرارها وتمسكها بالمنهج الطائفي لتقاسم الغنائم والنفوذ في العراق، بعد كل الخسارات الفادحة وعموم الخراب والمآسي التي تحمل نتائجها الشعب العراقي طوال السنوات الماضية، لتكون عودتهم الى الطائفية، كعودة (حليمة الى عادتها القديمة)، و هذه المرة تعود مع (حليمة) الطائفية وأخواتها وبنات عمومتها، جرائم التفجير والخطف والاغتيال والتزوير والاختلاس... وباقي مفردات قائمة الارهاب ..!.
ان اصرار احزاب السلطة على تشكيل حكومة (طائفية) جديدة هو استهانة بمطالب الشعب واسترخاص لدماء الشهداء وتحدي واستهانة للاحتجاجات في جميع المحافظات، وهو مؤشر خطيرعلى حجم ونوع واسلوب عمل (عقل) السلطة، الذي يدفع باتجاه المواجهة مع الشعب، وهي مواجهة خسرتها السلطات في كل البلدان وكل الانطمة وكل الازمنة، لأن الشعوب أُمهات فاضلات، بينما السلطة الفاسدة ( بنت ) حرام .. !.