هناك قولٌ مأثور يكاد ان يكون حِكْمة يؤخذ بها لأنها واقعية وصحيحة وهي

ـــــ لا يمكن تحقيق الديمقراطية وقيام الدولة المدنية بوجود ميليشيات مسلحة خارج إطار الدولة ! حيث تعتبر نفسها مستقلة عن المؤسسة الأمنية من جيش وشرطة ومؤسسات أخرى ولها قرارات مستقلة وهذا ما يحدث في العراق الذي تتواجد فيه قبل وبعد تأسيس الحشد الشعبي يوم 13 / حزيران / 2014 واستغلال فتوى السيد السيستاني الجهاد الكفائي حيث تجاوزت الفصائل القديمة والجديدة المُنْظَمة للحشد وخارجه ( 60 ) فصيل وعدد المُنظمين النظاميين حوالي ( 130 ) الفاً، هذا العدد الهائل من مختلف الفئات يوحدهم هدف الطائفية وحمل السلاح  بمختلف انواعه في بلد  يقال انه يريد ان تبنى فيه الدولة المدنية والديمقراطية بعد ( 35 عاما ) من الحكم الدكتاتوري، لكن الحق يقال هناك توجه عكسي من اجل قيام دولة شبه دينية طائفية ليس لها ارتباط لا بالدولة المدنية ولا بالديمقراطية الحقيقية وهذه الحقيقة منذ حوالي ( 23 ) عاماً من حكم الأحزاب الطائفية والميليشيات المسلحة  وحلفاء لا  يهمهم الوطن ويدعون بالوطنية، الأمور أصبحت لا تطاق والنكبات السياسية والاقتصادية والتربوية التعليمية  والثقافية والخدمات العامة ووووو الخ تتوالى واحدة بعد الأخرى والاحتجاجات والمظاهرات لا تنقطع ولا تتراجع مطالبة بالحقوق المشروعة وفق الدستور، وخلق الازمات، أزمة خلف أزمة مع إقليم كردستان حيث تطلق الصواريخ والمسيرات وتقطع رواتب الموظفين والعمال والتدمير بواسطة الصواريخ والمسيرات وآخرها حقل كورمور للغاز وإنتاج الكهرباء دون أي شعور بالمسؤولية الوطنية باعتبار الإقليم  عراقي وليس اجنبي او إسرائيلي، ولم يقتصر الأمر على ما ذكرناه وهو القليل فقد استمر العمل منذ البداية للهيمنة وقيام ميليشيات طائفية جديدة وتزوير وتزييف الانتخابات وعدم سن قانون انتخابي عادل، مثال حي قريبٌ جداً الانتخابات الأخيرة في تشرين الثاني 2025 ، الطرق الإقصائية واستخدام المال السياسي، الوجوه نفسها وفي المقدمة شعار" ما ننطيها " أي لا يمكن انتقال السلطة سلمياً واعتبار العراق ملك طابو للقوى الطائفية والمليشيات المسلحة التابعة،  ونقول بكل صراحة بعد ان حطت الانتخابات التشريعية في العراق تشرين الثاني 2025 اوزارها وصعود حوالي ( 80 ) نائباً مسلحاً سلاحهم  على الزناد لمجلس النواب توضحت الرؤيا اكثر فاكثر وصح الاستنتاج السابق بخصوص الفصائل الطائفية المسلحة والمدعومة من إيران او كما الادعاء بمفهوم التقية ( المستقلة ) لبعضها ومنها الحشد الشعبي المقدس ، هذه الفصائل لا ريب فيها  سوف تكون الآمر الناهي في مستقبل العراق المبتلى بالخراب وعدم الاستقرار الأمني والفساد والطائفية والمخدرات والصراع على السلطة، هذا الاستنتاج لم يكن وليد ساعته بل هو امتداد لحقبة ( 23 عاما) وضعت البلاد على حافة السقوط والانهيار والتبعية الاجنبية، وجعلت منه مرتعاً خصباً لبائعي الضمير والفاسدين واللصوص والحرامية والتدخلات الخارجية ، الانتخابات المهددة شرعيتها من قبل التنظيمات المسلحة وما تمتلكه من سلاح ومن مال سياسي ورجال معممين باسم الطائفة والدين وحلفاء تابعين، كانت مسرحية مرتبة حسب قياسات قاعة المسرح بمؤلفيها ومخرجيها وعناصرها الأساسين الذين نجحوا في إبعاد أي صوت وطني ديمقراطي مدني من تمثيل مئات الآلاف من المواطنين، وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات نسبة المشاركة حوالي ( 55% ) من مجموع الناخبين بينما عدم المشاركة بحدود حوالي (  45% ) من الأصوات التي يحق لها التصويت والانتخاب،  وبلغ عدد المصوتين( 12،3143 ناخباً  ) من الإجمالي العام للذين يحق لهم التصويت البالغ عددهم ( 20،404،291 ) ناخباً ،لقد اثبتت الوقائع ان التنظيمات والأحزاب والمليشيات المسلحة مارست وتمارس سياسة أقصاء أي معارضة لمشروعها الطائفي وبالتالي ان الملايين من المواطنين العراقيين ما يقارب 8مليونا و500 ألف يحق لهم التصويت جعلتموهم يفقدون الثقة بالعملية السياسية وبالانتخابات مما سيزيد التعقيدات ويبتعد عن الحلول الصحيحة، وهناك قضايا واسعة من المشاكل والتعقيدات التي تحيط بالعملية السياسية والذين يهيمنون عليها من قبل الأحزاب الدينية والطائفية إضافة الى وجود مشكلة اكبر وهي وجود عدداً كبيرا يمثل السلاح والفصائل المسلحة في البرلمان وصحيح ما أشار اليه بيان حمل نحو 100 توقيع الشخصيات الاكاديمية والثقافية والإعلامية...الخ " ان الإصرار على تنظيم الانتخابات دون إصلاحات جوهرية، وفي ظل غياب العدالة والشفافية، ‏تسبب بعزوف شعبي متزايد، وأدخل البلاد في أزمات سياسية متكررة، ‏وصلت في بعض الأحيان إلى حافة الصراع الأهلي" ومن هذا المضمار لن تنجح اية حكومة تشكل كالسابق في قيام الدولة المدنية وتحقيق المواطنة والديمقراطية الحقة، وسوف تبقى الديمقراطية الشكلية على الرغم من شكليتها نكبة خاضعة للسلاح المنفلت والفصائل المسلحة التابعة وسيزداد نفوذها بعد نتائج الانتخابات الأخيرة، فلقد بدأوا بإقصاء الصوت  أو أي صوت وطني معارض وذلك

1 ــ لإصرارهم عدم تعديل او سن قانون انتخابي عادل

2 ــ محاولة الالتفاف على مبدأ انتقال السلطة سلمياً

3 ـــ البقاء على السلاح والمليشيات خارج سيطرة الدولة

4 ـــ التبعية المطلقة

  أشار الحزب الشيوعي العراقي " إن هذا الإقصاء لا يستهدف حزبًا بعينه، بل يضرب جوهر العملية الديمقراطية نفسها، التي تحولت بفعل منظومة المحاصصة والفساد إلى ديمقراطية   تقام على المحاصصة الطائفية والحزبية شكلية ومفرَّغة من مضمونها، ويقوّض حضور كل القوى المدنية الديمقراطية التي تدافع عن بناء دولة المؤسسات "

ان نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة ستكون كارثية بالمعنى المباشرة بالإصلاح الحقيقي والجذري لما يعتري العراق من أزمات مختلفة منها  المحاصصة الطائفية والتخلص منها والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمات والتربية والصحة والكهرباء وقضية الجفاف والحالة الأمنية وحل الميليشيات الطائفية المسلحة التابعة وعملية دمج الحشد الشعبي في المؤسسات العسكرية والأمنية التابعة للدولة، هناك عشرات المشاكل التي تحتاج الى حلول منطقية وواقعية ونقول انها تحتاج الى وقت غير قليل فليس من المعقول ان تنجز " بكن فيكن"  ان القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية مصممة على الاستمرار في نضالها من اجل التطور والاصلاح والتغيير بهدف وطني مشروع لقيام الدولة المدنية التي تحقق الديمقراطية والمساواة حيث يلعب القانون دوراً ريادياً في تحقيق العدالة ولجم الفساد والفاسدين وتقديمهم الى القضاء العادل.