
بعد كافة جولات العدوان الامريكي الاسرائيلي يتم تتويج نهاية اي فصل منها، بمستجدات سلوكية غالباً ما تكون مفعمة بالعنجهية والبلطجة وفرض الاتاوات السياسية، ممثلة بحصار او بعقوبات لا انسانية معززة باجراءات اقل ما يقال عنها سلخ جلود البشر، لا سيما مع الحكومات المنبطحة، والمرتعبة من ان يصل مدها نارها كاشفاً فضائح رموز الفساد والفشل والتبعية. الامر الذي يجعلها تبتلع جرعات الاهانة والاحتقار، وفرض حالة الخنوع، وقبول حتى الذل المنمق المجسد بخفض مستوى العلاقات الى حد طبع النخاسة.. يتم ذلك في البلدان المبتلية بانظمة متراخية لائذة بظل اسيادها الاجانب الطامعين.
نرى هذه الصورة تتجلى بالتصرف المتعجرف للرئيس الامريكي ترمب، الذي يتدنى سلوكه مع الاخرين الى مستوى خارج نصوص قواعد " التعامل بالمثل". الذي تؤكده سياقات القوانين ومواثيق الامم المتحدة المرعية. هذا ما انطوت عليه ادارة ترمب، التي غالباً ما تُنحّي المسلك الدبلوماسي جانباً وتتبنى سياسة الهيمنة المباشرة، سيما في نشوب الازمات والحروب كالتي تجلت مؤخراً في غزة و العراق. حيث اُفرغت السفارة الامريكية من السفير بل وحتى تم تخطي البرتكول الذي يلزم وجوده، ثم استعين بمبعوث ليس له صلة بالدبلوماسية وليس موظفاً رسمياً انما " تاجر مخدرات " من اصل عراقي !!.. لذا نشهد تكريساً لهذا المنهج الذي ينم عن استهانة سافرة بمقامات الدولة العراقي ، بصرف النظرعن ميكانزم سياقاتها السياسية، مما غدا الاتصال المباشر بين الرئيسين شيئاً من قبيل التمني، لدى الجانب العراقي، كما يلاحظ الامعان المقصود في استصغار الاخرين وجعلهم في مربع التفاهة.. صورة من ذلك قد تجلت بقيام وزير خارجية ترمب " روبيو " بديلاً عنه في الاتصال المباشرمع رئيس الوزراء العراقي.
ان ما وصلت اليه العلاقات السياسية العراقية الملتبسة بفقد التوازن بجزئها البرتكولي مع الادارة الامريكية، وامست متاهة سياسية لم يكن المسبب لها الاستنكاف الامريكي الامبريالي فحسب، وانما طغيان العلة الاكثر بأساً الا وهي انحلال سياسة الحكومة العراقية، التي لم تمسك صولجان القيادة بحكمة وحرص وطني، وانما اُنشأت كسرات سهلة الاختراق في حصن القرارالعراقي الوطني جارحة سياد البلد، وعليه قد اجيز لأياد اجنبية الحصول على مطلق الحرية والتمادي والعبث بمقدرات العراق السياسية. سيما وان هذه الايادي المشار اليها لديها خصومة دامية مع الولايات المتحدة الامريكية، التي تشعر بكونها هي التي انتزعت النظام من سلطة الدكتاتور صدام. وعليه ترى ان لها الاولوية في الاستحواذ والتحكم بالعراق. غير ان القائمين على السلطة عمدوا على ترجيح الكفة المعاكسة للادارة الامريكية. التي عم تكالبها على العراق.
وعندما نسمع السؤال الشعبي الشرس الذي مفاده: ما العمل لتفكيك هذه الازمة الكارثية الخطيرة؟ يرتق الجواب المنطقي قمة منصة السياسة ليعلن بانهاء النظام الفاشل الحالي، وارساء نظام مدني ديمقراطي وطني تسوده العدالة الاجتماعية وسيادة القانون، من خلال سياقات قانونية برلمانية وتربع " البديل " بجدارة تامة. بعيداً عن المحاصصة والفساد وحكم المكونات " الطائفي القومي " المُمزق لوحدة البلد شعباً وارضاً، وليكون كفيلاً بارجاع ما نهب من اموال وسرق مصالح الشعب العراقي . وصيانة سيادته المخطوفة.