نشرت جريدة الشيوعي الدنماركية بقلم هيئة التحرير في عددها الخامس الصادر في بداية شهر أيار/ مايو 2025 مقالاً بمناسبة الذكرى الثمانين للانتصار على الفاشية الألمانية جاء فيه: 

80 سنة هي فترة طويلة، ولكننا في جميع أنحاء العالم لا نزال نحتفل بالنصر على الفاشية في عام 1945، ويصادف هذا العام مرور 80 عاماً على النصر العظيم.

في الدنمارك، نحتفل تقليديا بيوم النصر (يوم التحرير في مساء يوم 4 أيار/مايو). وفي أماكن أخرى من العالم، يتم الاحتفال بيوم التاسع من مايو/أيار، وهو اليوم الذي استسلمت فيه ألمانيا النازية ــ أو انهارت، كما يقولون بطريقة أكثر ليونة. 

في الرابع من أيار/مايو ١٩٤٥، استسلمت القوات الألمانية للبريطانيين في هولندا وشمال غرب ألمانيا والدنمارك (باستثناء جزيرة بورنهولم الدنماركية). إن حقيقة أن تشرشل قَبِل هذا الاستسلام الجزئي دون التشاور مع الآخرين لم تُثِر حماس الحلفاء، وبالتأكيد ليس في الاتحاد السوفييتي، الذي كان يعاني في ذلك الوقت من خسائر فادحة في معركة برلين.

حَربٌ ضد البلشفية

لقد هُزمت الفاشية على يد تحالف الاتحاد السوفييتي الاشتراكي وثلاث قوى إمبريالية. ومن غير المُستغرب أن مثل هذا التحالف لن يدوم طويلاً.

خطة تشرشل لـ "عملية غير قابلة للتصوّر"، والتي كانت تقضي بأن تعقد بريطانيا سلاماً منفصلاً مع ألمانيا (ومن هنا جاء الاستسلام الألماني الجزئي للبريطانيين في الرابع من مايو). وبعد ذلك، ستتعاون الدولتان بريطانيا وألمانيا ضد الاتحاد السوفييتي. 

ومن المؤكد أن الأمر لم يسفر عن شيء؛ ولكن في العام التالي، أعلن تشرشل نفسه الحرب الباردة بكلماته المُشينة عن الستار الحديدي الذي نزل عبر أوروبا. وحتى قبل نهاية الحرب، بدأت الولايات المتحدة تتجه نحو حقيقة مُفادها أن الاتحاد السوفييتي سيكون الآن العدو الرئيسي.

الحملة الصليبية الأيديولوجية

إن هزيمة قوى المحور (ألمانيا، النمسا، إيطاليا واليابان) لم تعن أن الإمبريالية قد غيَّرتْ طابعها. وقد أظهرت " الخطة التي لا يمكن تصورها" وكذلك الحرب الباردة هذا الطابع بالفعل في خضم نشوة النصر والتحرير. ومع إنشاء حلف شمال الأطلسي في عام 1949، أصبح واضحا للجميع كيف تعمل الإمبريالية. 

 عندما تمَّ قبول ألمانيا الغربية في حلف شمال الأطلسي في عام 1955، كانت خطة تشرشل "غير القابلة للتصور" لتشكيل تحالف عدواني في أوروبا الغربية ضد الاتحاد السوفييتي هي التي نهضت من قبرها، والآن بمشاركة أميركا الشمالية أيضاً. 

وقد تميّزَ نصف القرن التالي بالهجوم الإمبريالي على الاشتراكية، التي كانت المنتصر الحقيقي على الفاشية. في البداية كان هجوماً دعائياً سياسياً، ثم تحول لاحقاً إلى هجوم عسكري، مع وكيل أو بدون وكيل. 

ورغم التقدم المُحرز في العالم الاشتراكي، ورغم الانتصارات الكبيرة في كوريا وكوبا وفيتنام ولاوس وكمبوديا، وفي بلدان أخرى، فقد نجح هذا الجهد الدؤوب في سحق الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية في أوروبا.

الخطة التي لا يمكن تصورها

ولكن عدوانية الإمبريالية لم تكتف بهذا. لم يُسمح لأي شيء بالوقوف في طريق السيطرة على العالم. لقد كان التحالف بين أوروبا الإمبريالية وأميركا الإمبريالية لا يمكن إيقافه ولا قهره حتى الآن، حيث من الممكن أن ينهار وتتشكل تحالفات جديدة.

ورغم أن " عملية لا يمكن تصورها " أحدثت أضراراً كبيرة في طريقها ودمرت إلى حد كبير ثمار النصر على الفاشية، إلا أن هناك ما يدعو إلى الفرح. مَضَى 80 عاماً قبل أن يتبين أن تلك العملية هي على وجه التحديد كذلك - أي لا يمكن تصورها. 

التاريخ لا يُعيد نفسه، ولا يَعود إلى الوراء. ولكن ربما بعد مرور 80 عاماً وصلنا أخيراً إلى وضع يشبه نقطة البداية للتغيير الاجتماعي الذي كان النصر على الفاشية هو نقطة انطلاقه.

إن الطبقة العاملة في العديد من الأماكن حول العالم تنهض خلال هذه الفترة وتُقاوِم الحرب والاستغلال. إذا كان هذا يقود إلى حقبة جديدة في النضال من أجل الاشتراكية، فإن هناك سبباً إضافياً لنتذكًّر أولئك الذين حرَّرونا من براثن الفاشية، وحاربوا تقدم الإمبريالية، وأن نُواصل النضال بروحيتهم الكفاحية.

عرض مقالات: