تمر هذا اليوم الخميس الثامن والعشرين من تشرين الثاني الجاري الذكرى الخامسة لمجزرة جسر الزيتون في الناصرية، التي راح ضحيتها خلال يومين أكثر من 70 شهيداً و500 جريحاً من شباب ذي قار المشاركين في انتفاضة تشرين المجيدة. والقتلة يعيشون أحراراً ومعززين مكرمين.
في هذه المناسبة الأليمة، أعلن مجلس محافظة ذي قار تعطيل الدوام الرسمي في المحافظة لهذا اليوم تخليداً لضحايا المجزرة. علماً بان رئيس المجلس عزة الناشي لم يقل مجزرة ولا تخليداً، وإنما قال "إحياءاً للذكرى السنوية لحادثة جسر الزيتون".
من وجهة نظر الطغمة الحاكمة مجزرة جسر الزيتون في الناصرية، وغيرها من المجازر التي إرتكبتها بحق المتظاهرين السلميين في السنك، وساحة الطيران، وساحة التحرير في بغداد، وفي العمارة والنجف وكربلاء والبصرة والديوانية والكوت، هي مجرد "حادثة"، بينما العالم كله إعتبرها واحدة من أبشع الجرائم التي إقترفتها حكومة القتلة برئاسة السفاح عبد المهدي، التي قتلت أكثر من ألف وإصابت أكثر من 30 ألف شاب وشابة، منهم نحو 7 اَلاف معوق جسدياً بإعاقات مستديمة. وستبقى وصمة عار أخرى في جبين المنظومة السلطوية الفاسدة، منظومة المحاصصة الطائفية والإثنية والفساد ونهب خيرات الشعب وتقاسمها، بقيادة أحزاب الإسلام السياسي المتاجرة بالدين والمذهب والتباهي بالولاء لغير العراق.
المجزرة التي يسمونها "حادثة" حصلت رداً على التظاهرات الجماهيرية في الناصرية،التي شارك فيها اَلاف المواطنين في ساحة الحبوبي ، وتواجد المئات منهم على جسري النصر والزيتون، مطالبين بحقوقهم المشروعة.
وبدلآ من إستجابة الحكومة لمطالب المتظاهرين، قامت القوات القمعية للسلطة بحملة من أعمال العنف المفرط لتفريقهم ، بدءً من الهراوات ومن ثم القناص، مرورا بالرصاص الحي وقنابل الغاز السامة، وانتهاءً بالعبوات الناسفة، وإختتمتها بإقتراف مجزرة جسر الزيتون الوحشية، التي حصلت إثر قدوم الفريق الركن جميل الشمري، مرسلآ من قبل رئيس الحكومة عبد المهدي كرئيس لـ "خلية الأزمة"، ولقمع المتظاهرين، فأصدر الشمري أمراً مباشراً للقوات العسكرية المستقدمة من خارج ذي قار، ومؤلفة من قوات" التدخل السريع" و"أفواج الطوارئ" و "مكافحة الشغب"،ومدججة بكافة أنواع أسلحة القتل، بالهجوم على المعتصمين قرب جسر الزيتون وهم نيامى في خيم الإعتصام، في الساعة الثالثة فجر يوم الخميس 28/11/2019، مستخدمة الشفلات والآليات والرصاص الحي وبقية وسائل القوة المفرطة للغاية، مقترفة إبادة جماعية وقتل عمد، بدم بارد، فسقط من المتظاهرين ما بين 25 و32 قتيل،وأكثر من 250 جريح.
وفي اليوم التالي، الجمعة 29/11/2019، وبينما كانت حشود غفيرة من المتظاهرين والعشائر تطوق مقر قيادة شرطة ذي قار إحتجاجاً على القتل العمد والقمع الدموي، وكان في المقر قائد الشرطة محمد القريشي أبو الوليد، وعدد من القيادات العسكرية، تم فتح النار من قبل القوات الأمنية القمعية من جديد وأسفر عن إستشهاد ما بين 17 و23 شهيداً ومئات الجرحى. وجرت حملة اعتقالات لمئات المحتجين.
كان الصحفي حسين العامل، مراسل صحيفة " المدى" في ذي قار شاهداً حياً على مجزرة جسر الزيتون. وإستطاع ان يسجل أسماء أكثر من 50 شهيداً سقطوا في المجزرة خلال يومي 28 و29 تشرين الثاني 2019، من الذين يعرفهم ومن الذين حصل على أسمائهم من المتظاهرين. القائمة التالية مؤلفة من 40 شهيداً من شهداء مجزرة الزيتون، الذين سجلهم الأستاذ العامل:
--------------------------
مجموعة من 40 شهيداً من شهداء
جسر الزيتون في الناصرية
ت |
إلأسم الكامل |
1 |
احمد حسين كشكول |
2 |
احمد حمزة حسين |
3 |
احمد رضا منخي |
4 |
احمد غانم سلمان |
5 |
احمد محمد علي |
6 |
اسعد سالم مجبل |
7 |
امجد هادي عبود |
8 |
امير مدلول سعد |
9 |
حسين احمد كاظم |
10 |
حسين زويد شطب |
11 |
حمزة كامل جابر |
12 |
حميد علي رهيف |
13 |
حيدر حسين سلمان |
14 |
حيدر سعد دايم |
15 |
حيدر علي عبد |
16 |
سعد جميل علي |
17 |
سلام محمد فرحان |
18 |
عباس ماجد عبد المحسن |
19 |
علاء جاسم خضير |
20 |
علي ثجيل هلال |
21 |
علي ساير سعود |
22 |
علي صالح غافل |
23 |
علي عادل حواس |
24 |
علي عبد الامير عزيز |
25 |
علي محمد جليل |
26 |
علي ياسين عجمي |
27 |
عمر سعدون شتام |
28 |
عمر كاظم مطير |
29 |
فراس رميض دراي |
30 |
كرار سراي حسين |
31 |
كرار عصام طالب |
32 |
مجتبىء حسين عليوي |
33 |
محمد جبار شمخي |
34 |
محمد حسان عبد |
35 |
مصطفى احمد عبد المهدي |
36 |
مصطفى عبد الحسين سعدون |
37 |
مقتدى ميثم كاظم |
38 |
منتظر احمد جواد |
39 |
موسى عبد الكاظم حبيب |
40 |
ناجح عذاب نايف |
---------------------------------------------------------------------
وقد قدرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، ومنظمات دولية مدافعة عن حقوق الإنسان، ووكالات أنباء أجنبية كان مراسلوها حاضرين في الأحداث، ان عدد الشهداء بلغ أكثر من 70 وعدد المصابين نحو 500، من بينهم من لم يراجع المستشفيات الحكومية خوفاً من إعتقاله.
والمجزرة البشعة التي يسمونها "حادثة"، نجم عنها: إقالة الفريق الشمري من رئاسة "خلية الأزمة". وأعلان رئيس حكومة القتلة نيته تقديم إستقالته الى مجلس النواب.وإستقال محافظ ذي قار عادل الدخيلي، وكذلك قائد شرطة ذي قار اللواء الركن محمد زيدان القريشي، الذي أصدر قبل إعلان إستقالته أمراً بسحب جميع القوات الأمنية الى مقراتها ومنع إطلاق الرصاص الحي.
والجدير بالذكر ان الفريق الشمري سبق وان عوقب في زمن حكومة العبادي لتورطه بقمع وقتل المتظاهرين في البصرة، فأرسله السفاح عبد المهدي الى الناصرية لغرض الانتقام من المتظاهرين.
ومن الأخبار التي إنتشرت عنه: مرة إعتقاله وسيقدم للمحاكمة، ومرة هرب الى خارج العراق. وأخرى أنه في الخارج وسيعود بضمانات. لكن الخبر الأكيد أنه لم يُعتقل ولم يُحاسب، بل وجرى تكريمه، بدلآ من معاقبته، عن مجزرة جسر الويتون بإنتدابه للتدريس في الكلية العسكرية، ويبدو حتى لا يكشف من كلفه بإصدار أمر الهجوم.
وذات الشيء حصل مع بقية الضباط المجرمين، وحتى من صدرت بحقهم أحكام بالإعدام، تمت " تبرئتهم" من قبل القضاء وأُطلق سراحهم. ومنهم الرائد عمر نزار،الضابط في قوات التدخل السريع التابعة لوزارة الداخلية،على خلفية تقديم حوالى 95 عائلة شهداء ومصابين شكاوى ضده، وإعترف،وأُدين بالسجن المؤبد لثبوت قتله محتجين في الناصرية عام 2019. وبعد مرور نحو عام على إدانته، عاد القضاء ليصدر قرارا بتبرئة الجاني وإخلاء سبيله.وأظهرت وثيقة تثبتت منها "الحرة" من خلال مصدر قضائي، توجيه محكمة التمييز الاتحادية بغلق التحقيق ونقض كافة القرارات الصادرة في الدعوى وإلغاء التهمة الموجهة ضد الضابط والإفراج عنه.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتم فيها تبرئة متهم بإرتكاب جريمة مرتبطة باحتجاجات تشرين 2019، فقد برأت محكمة أخرى ضابط شرطة أُدين في السابق وحكم عليه بالإعدام لقيادته مجموعة قتلت بالرصاص المحلل والمستشار الحكومي المعروف هشام الهاشمي.
تعقيباً على هذه الأوضاع، يرى الناشط المدني من الناصرية حسين العامل أن تبرئة الضابط نزار أو غيره من المتورطين بجرائم ضد المتظاهرين، أمر متوقع في ظل سلطات تحمي القتلة. وهي التي لم تكشف لغاية الآن عن أي متورط في قتل نحو 800 متظاهر وإصابة نحو 30 ألف آخرين. مشدداً: هناك تجاهل لهذه الجرائم، وقرار "التبرئة" ليس عادلا ويحمل الكثير من الشبهات السياسية.
وحذر نشطاء اَخرون من استمرار تجاهل السلطات لتحقيق العدالة وتقديم الجناة للمساءلة.لأن الدوافع التي أدت لتفجر إنتفاضة تشرين 2019 لا تزال قائمة ، ويمكن إضافة لها عوامل جديدة تتمثل بسقوط مئات القتلى من المحتجين، والتستر على القتلة وعدم ملاحقتهم ومحاسبتهم لينالوا القصاص العادل !
وحذروا أيضاً من مواصلة ملاحقة نشطاء الحراك المدني وثوار تشرين بدعاوى قضائية كيدية، والإساءة لسمعتهم، الى جانب مواصلة التستر على المجرمين القتلة، وتبرئة أبرز المتهمين بتلك الجرائم، فذلك ما هو إلا إمعان بالتسلط والإستهتار، الذي سيؤدي الى تفجير الأوضاع الإحتجاجية مجددا، وتشكيل حركة شعبية أكثر زخما ووقعا من حركة تشرين .