عندما تعصف الأزمات الاقتصادية بالنظام الرأسمالي يلجأ منظروه الى حلول من خارج بيئته وبالذات اللجوء الى الماركسية وهذا ما حدا بهم أبان الكساد الكبير أو قل الكساد العظيم في ثلاثينات القرن العشرين.1

المنظرون في محاولاتهم حل أزمة النظام الرأسمالي، هم يلجأون الى حلول ماركس وإعطاء دور كبير الى الدولة وتوظيفاتها المالية ونجدهم أيضا في موضوعنا هذا يغازلون المجتمع بأغلبه للحل ولكنهم مع ذلك يبقون أوفياء للرأسمالية وللملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وهذا ما نراه واضحا في النظرية التي نحن بصددها وهي (رأسمالية أصحاب المصلحة) التي طرح ذكر ها لأول مرة في كتاب (المؤسسة الحديثة والملكية الخاصة) وبالإنجليزية

The modern corporation and private property 

الصادر عام 1932م في الاقتصاد من قبل "أدولف بيرلي" وهو نفس العالم الذي بحث في موضوع نظرية حقوق الملكية التي ذكرت في مقالي المعنون " القرارات في الحياة العملية" وفي كتاب المؤسسة الحديثة إشترك معه في التأليف "غاردينر مينر " وراج تطبيقها في الأعوام 1945-1950 فهذه الأعوام التي تلت الأزمة الاقتصادية العالمية وهي بنفس الوقت الأعوام التي تلت نهاية الحرب العالمية   الثانية ، حيث أن الدمار الذي سببته هذه الحرب وكذلك الأزمة الاقتصادية الخانقة في ثلاثينيات القرن الماضي تحتاج الى جهود مضاعفة والى توظيفات مالية كبيرة وكذلك  تبعات الأزمة الاقتصادية الكارثية تستدعي إدراك إن النهوض العام للمجتمع ككل ومؤسساته الاقتصادية وإعادة الحياة الى كل بنى دمرت يتم فقط عن طريق مساهمة المجتمع والشركات والدولة في إحياء الاقتصاد فوجدت الرأسمالية ضالتها في موضوعة رأسمالية أصحاب ألمصلحة ،حيث تقوم الشركات ألرأسمالية بواجب التنمية المستدامة، وتحقيق الأرباح ليس للمساهمين فقط، بل من خلا ل مراعاة حاجات جميع أصحاب المصلحة من شركات ومساهمين وبنوك والعملاء والموظفين والموردين والدولة والمجتمع وكل ما يحتاجه البلد للتعمير وإعادة البناء ومن ذلك يمكن لنا تعريف أصحاب المصلحة : الذين هم مجموعة من الأفراد أو ألمؤسسات والشركان التي لديها مصلحة ما بالشركة، ولديهم التأثير على الشركة وعلى ألتأثر بها وبسياستها.

 أنواع أصحاب المصلحة

المؤثرين: وهم أصحاب السلطة والمكانة الاجتماعية والاقتصادية في منطقة ومحيط المشروع أو ألمؤسسة.

 طاقم المشروع

 وهم يسمون أيضا ألأساسيين وهم الناس الذين يعتمدون اعتمادا مباشرا على المؤسسة لكسب أجورهم فهم التنفيذيين والمسوقين والموزعين 

 أصحاب الأسهم، والزبائن وحراس المشروع، وأفراد من أهالي المنطقة الذين يزودون المشروع بالمؤونة والمعدات وغيرها وكذلك المؤسسات العلمية التي تدعم المشروع وتوفر له الطواقم التدريسية لدورات التنمية البشرية

 والمانحون وهي الجهات التي تزود المشروع بالأموال اللازمة

 وكذلك المستفيدون من المشروع وهم اهل المنطقة وغيرهم

 تنبيه مهم

المعروف لدى كل دارس للرأسمالية إن الهدف من كل توظيف رأسمالي هو تحقيق الأرباح العالية التي يحققها أصحاب الملكية ألخاصة لوسائل الإنتاج وهذا هو القانون ألأساسي للرأسمالية ولكي يتخلص أصحاب مشروع رأسمالية أصحاب المصلحة من هذا الإشكال اقترحا السؤالين التاليين وسطرا الإجابة عليهما

 ما هي أفضل الممارسات في تطبيق رأسمالية أصحاب المصلحة؟

 ماهي المسؤولية الاجتماعية للشركات التي تتماشى مع رأسمالية أصحاب المصلحة؟

 وصاغا بنفس الوقت الإجابة عن هذين السؤالين،وكانت الإجابة عن السؤال الأول حسبما يرى مؤلفا النظرية أهمية التشريعات واللوائح الحكومية التي تسهل عمل المؤسسات هذه وتوفر لها الظروف والإمكانيات التي تسمح باتساع أعمالها وتمنحها أفضليات المنافسة وانعكاس فائدتها على شرائح واسعة من السكان وإعطائها الأولوية في الاستثمار في المجتمعات المحلية وكذلك الاعتماد على قادة كفوئين ومبدعين ومبادرين لتلبية حاجات الزبائن والعملاء على المدى الطويل وتقديم أفضل الخدمات لهم وللشركة والسهر على دوام عملها وصيانتها تحفيز الموظفين والعاملين فيها وتوفير ألأجور العالية والعادلة لهم واحترامهم وضمان السلامة والصحة المهنية في مكان العمل وسعي الشركة وحرصها على عدم الإضرار بالبيئة والحرص على الاستخدام ألأمثل للتكنولوجيا المتطورة والتي تكون صديقة للبيئة وعلى الشركة الالتزام بدفع الضرائب   المترتبة عليها وتسديد الديون المستحقة التسديد,

وفي معرض الإجابة عن السؤال الثاني أوضح الرجلان أهمية أن تلتزم الشركات بالعمل بطريقة أخلاقية ومستدامة وينعكس تأثير أعماله على المجتمع والبيئة من خلال تقديم فوائد إقتصادية واجتماعية وبيئية لجميع أصحاب المصلحة بكل تنوعهم من خلال المسؤوليات التالية:

المسؤولية الاقتصادية

تتجلى هذه المسؤولية في سعي الشركة والتزامها بتحقيق الأرباح وخلق قيمة اقتصادية لمساهمتها بطريقة أخلاقية وشفافة ودفع أجور عادلة.

 المسؤولية الاجتماعية

وذلك بأن تسعى الشركة الى التزامها بتحسين رفاهية المجتمع ومن خلال الأعمال الخيرية والتزامها بتنمية المجمع وخلق فرص التنمية البشرية وشمولية وتنوع اختصاصاتها واهتماماتها.

  المسؤولية البيئية

  الشركة تبذل الجهود لتقليل تأثيرها على البيئة ومنع الانبعاث الكربوني والتخلص من النفايات السامة بالطرق العلمية الحديثة والحفاظ على الموارد…. الخ

 ملاحظات مهمة

تتعلق بحصول التناقض ما بين الالتزام بالرأسمالية من جهة التي تعني في جوهرها تحقيق الأر باح الفاحشة على حساب كل تنمية وبين الواجبات المناطة بالمؤسسة العاملة وفق قواعد رأسمالية أصحاب المصلحة.

إن إتباع القواعد التي ذكرها الموضوع لا يعفي هذه المؤسسات من التأثر بالأزمات الرأسمالية والتأثيرات الأخرى المرافقة لهذا الأسلوب في الإنتاج

إن الحلول لكل أمراض الرأسمالية تكون لا بالحلول الترقيعية وإنما ببناء النظام الاجتماعي ألجديد الذي يلي ألرأسمالية ويبنى على أنقاضها.

 الهوامش

1

الكساد الكبير أو الكساد العظيم هو أسم أطلق على الأزمة الاقتصادية التي ابتدأت في الولايات المتحدة ألأمريكية في 4 سبتمبر من عام 1929م حيث حصل بعد ذلك في 29 أكتوبر من نفس العام انهيار كبير في سوق الأسهم عرف باسم الثلاثاء ألأسود، وفي الأزمة انخفض الناتج المحلي ألإجمالي العالمي بنحو 15% وكان الكساد الكبير ناتج عن الأزمة المصرفية وانخفاض إجمالي النفقات الذي ساهم النفقات في انخفاض هائل في الدخل والعمالة.