منذ اكتشاف الكهرباء بدأت مرحلة تطور حضاري نقلت البشرية من حال الى حال، واستمر عطاؤها يصاحب اي نمط من التقدم في شتى مجالات الحياة، وغدت بلدان العالم تتسابق في الابداع والتطور العلمي ناهضة في غياهب الارض والسماء بفضل الطاقة الكهربائية اولاً. بمعنى لا تطور او اعمار من دون الطاقة الكهربائية. كما امسى ذلك فاتحة الطريق لكل من يريد نهوض بلده. ومن جانب آخر وجد من يريد إيقاف عجلة تطور اي بلد وبدون تكاليف وزحمة عناء، ضرورة القبض على عتلات الطاقة وبخاصة الكهرباء وتعطيلها وليس ثمة قناعة منطقية تنفي ما ذهبنا اليه في سابق كلامنا. الذي يأخذنا مجراه الى عراقنا اليوم.
هنا بيت القصيد كما يقال.. العراق الذي كان مبتلى بالدكتاتورية المتوحشة زاده الاحتلال الامريكي خراباً، وسلمه لأيد أقل ما يقال عنها جاهلة بإدارة دولة بل وبتطورها، وتحسين حياة ناسها مع انها تمتلك بلداً يعد من ذوات الغنى والثروات الطبيعية والبشرية ايضاً، ولكنه ترك في حالة فوضى ضاربة شجعت الأطماع الدولية شرقاً وغرباً وضمن للفاسدين فسحة أمنة، مسنودة بالعامل الداخلي الذي بيده السلطة على الفرهود المقنن.. حيث وجد الفاسقون فرصتهم مبهورين بحيواتهم الخاصة منتشين بكأس السلطة لما توفر لهم من جبال ثروات و سهول فيها رخص شراء نفوذ وذمم، مبتلياً بعلة ضعف المعارضة. التي خوى بعضها للاسف منهكاً من جراء سياسة العصا و الجزرة السلطوية، كحاصل طغيان وفساد شرس ممثلاً بنظام المحاصصة المقيت.
أدرك الناهبون من أين يؤكل الكتف. فكانت الكهرباء التي تشكل عصب الحياة هي الزر المُعطل قرين الثلث المعطل الشهير، تحت التصرف المطلق. فلماذا لا يصبح ( الكونترول ) المخرب لسبل الحياة بعموم مفاصلها. وهذا ما نراه فهو سياسة تخريب بامتياز لبقاء البلد كبش فداء سمين رخيص .. غالباً ما نسمع من المتنفذين يصرحون بأنهم عازمون على انشاء طرق وجسور وإعمار وقطارات معلقة وخدمات، غير أنهم لم تسعفهم ذاكرتهم المخدرة بسكرة نخب كرسي السلطة، بان هذا كلها لن يعمل بل ولا حتى ينفذ من دون كهرباء.. فضلاً عن جهلهم السياسي الذي لم يلفت انتباههم الى الاتعاظ من مصير اسلافهم المخزي . بان العمل على حساب المواطنين ومستقبل البلد لا يضمن البقاء على كرسي السلطة مهما كانت اسوارهم محروسة.. ليتذكروا ان المنطقة الخضراء المحصنة قد اخترقت أكثر من مرة فكان ذلك عبارة عن جس نبض ليس الا، ولكن الاختراق الاخير القادم، الذي يصنعون أسبابه بأيدهم، متوقع له ان يكون الخاتمة السوداء. انهم الآن في سباق مع الزمن في حومة حراك الشارع الغاضب المتزايد الذي سوف لن يوفر لهم المناص المناسب للإفلات، إذا ما تداركوا المصير المحتوم الذي اسميناه بـ ” الخاتمة السوداء ".