غزة: إبادة جماعية
حذر البنك الدولي، في تقرير أصدره في 23 أيار/مايو الفائت، من وقوع انهيار اقتصادي ومالي للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ومن فوضى محتملة، في أعقاب الحرب الاقتصادية التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين، إذ "تحوّلت المؤشرات الاقتصادية كافة إلى اللون الأحمر" منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة. وورد في هذا التقرير أن "وضع السلطة الفلسطينية تدهور بصورة كبيرة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مما يزيد من خطر انهيار الميزانية". كان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش قد أعلن في رسالة وجهها إلى بنيامين نتنياهو في 22 أيار/مايو الفائت، أنه ينوي تجميد تحويلات الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية والتي تجمعها إسرائيل، نيابة عنها، على ضريبة القيمة المضافة والرسوم الجمركية على السلع والخدمات المستوردة، وأنه لا ينوي تمديد الضمان الذي يتمتع بهما بنكان إسرائيليان بشأن تعاملاتهما مع البنوك الفلسطينية، والذي ينتهي في الأول من شهر تموز/يوليو القادم، وذلك رداً على "تصرفات السلطة الفلسطينية الأحادية الجانب ضد إسرائيل"، ولا سيما "سعيها لتأمين الاعتراف بالدولة الفلسطينية" و"دعمها للقضايا المرفوعة حالياً" أمام المحكمتين الدوليتين في لاهاي ضد إسرائيل، كما دعا إلى "إلغاء جميع تصاريح السفر لكبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية وفرض عقوبات اقتصادية عليهم وعلى عائلاتهم"، واتخاذ سلسلة من المبادرات لتعزيز المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما في ذلك "الموافقة الفورية على بناء 10000 وحدة سكنية جديدة، وإنشاء مستوطنة جديدة في مقابل كل دولة تعترف بفلسطين"[1].

تجميد تحويل الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية

منذ سنة 1994، واستناداً إلى "بروتوكول باريس" الاقتصادي الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة إسرائيل، تجمع هذه الأخيرة إيرادات الضرائب على المستوردات الفلسطينية وتحوّلها إلى السلطة الفلسطينية التي تعتمد اعتماداً كبيراً عليها، ذلك إنها تمثّل نحو 60% من إيراداتها، التي تواجه من دونها صعوبات في دفع رواتب موظفيها ونفقاتها الجارية.

بيد أن إسرائيل صارت تستخدم هذه الإيرادات، منذ سنوات طويلة، أداة لابتزاز السلطة الفلسطينية سياسياً وفرض التنازلات عليها. وفي بداية تشرين الثاني/نوفمبر 2023، صوّت المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية لصالح تحويل جزئي لإيرادات الضرائب التي يتم جمعها لصالح السلطة الفلسطينية، بحيث يُخصم منها نحو 100 مليون دولار تنفقها السلطة الفلسطينية لاستخدامات مختلفة في قطاع غزة. ورداً على هذا الإجراء، رفضت السلطة الفلسطينية تسلم أموال الضرائب، ووصف رئيس الوزراء الفلسطيني آنذاك، محمد اشتية، قرار خصم المبلغ المخصص لقطاع غزة بأنه "قرار سياسي" يهدف إلى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية. وإثر تدخل الإدارة الأميركية، وافقت السلطة الفلسطينية، في 22 كانون الثاني/يناير 2024، على استلام أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل نيابة عنها بعد خصم المبلغ المخصص لقطاع غزة منها، على أن تحوّل إسرائيل هذا المبلغ إلى صندوق ائتماني تديره النرويج، ويحظر على أوسلو تحويله إلى السلطة الفلسطينية من دون إذن صريح من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش[2].

وعقب قرار النرويج الاعتراف بالدولة الفلسطينية، هدد بتسلئيل سموتريتش بإنهاء هذا الترتيب المالي، وكتب إلى بنيامين نتنياهو، في رسالته المذكورة المؤرخة في 22 أيار/مايو، ما يلي: "كانت النرويج أول من اعترف من جانب واحد بالدولة الفلسطينية اليوم، ولا يمكنها أن تكون شريكاً في كل ما يتعلق بيهودا والسامرة [الضفة الغربية المحتلة]"، وأضاف: "أنوي التوقف عن تحويل الأموال إلى النرويج والمطالبة بإعادة جميع الأموال المحوّلة إليها حتى الآن"[3].

عزل البنوك الفلسطينية يسبّب أزمة إنسانية

يعتمد الاقتصاد الفلسطيني على الشيكل الإسرائيلي، بحيث تمر معاملاته المالية مع بقية العالم عبر النظام المصرفي الإسرائيلي. وبعد أن هدد وزير المالية الإسرائيلي بعدم تمديد الضمان الذي يتمتع به بنكان إسرائيليان بشأن تعاملاتهما مع البنوك الفلسطينية، حذر خبيران من الأمم المتحدة من أن عزل البنوك الفلسطينية عن النظام المصرفي العالمي، وعدم تمكين البنوك الفلسطينية من إجراء التحويلات البنكية، من شأنه أن ينتهك المبادئ الأساسية للقانون الدولي، ويترك تأثيره على جميع السكان الفلسطينيين دون تمييز، ويؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية الحالية. وخلال مشاركتها في اجتماع وزراء مالية مجموعة الدول السبع، المنعقد في ستريسا في إيطاليا، قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، في 23 أيار/مايو الفائت، إنها تخشى حدوث "أزمة إنسانية" إذا نفذت إسرائيل تهديدها بعزل البنوك الفلسطينية، وأضافت أنها كتبت إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول هذا الموضوع، وأعربت عن قلقها بشأن احتجاز إسرائيل للضرائب التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية. وفي 25 من الشهر ذاته، أصدر اجتماع وزراء مالية مجموعة الدول السبع بياناً دعا فيه إسرائيل إلى "ضمان" تقديم الخدمات المصرفية للبنوك الفلسطينية لمنع عرقة المعاملات الحيوية في الضفة الغربية[4].

تعليق تصاريح العمال الفلسطينيين والتوجّه نحو استبدالهم بعمال أجانب

في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ألغت حكومة الحرب الإسرائيلية جميع تصاريح العمل الصادرة لسكان قطاع غزة، وكان حوالي 18,500 شخص من الغزيين يحملون تصاريح عمل في إسرائيل، كما سحبت هذه الحكومة 130 ألف تصريح عمل من الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، ولم تدفع 600 مليون شيكل (150 مليون يورو) من الضرائب المستحقة على المنتجات الفلسطينية، علماً بأن الاقتصاد الفلسطيني يعتمد، اعتماداً كبيراً، على مداخيل العاملين الفلسطينيين في إسرائيل.

ففي قطاع البناء والإنشاء، على سبيل المثال، كان ربع العمال تقريباً (76,000) من إجمالي 328,000 عامل في كانون الثاني/ يناير 2023 من الفلسطينيين، وكان كل واحد من هؤلاء العمال يتقاضى حوالي 6,000 شيكل (نحو 1,500 يورو) شهرياً، وهو ما كان يدعم اقتصاد الأراضي الفلسطينية الهش أصلاً.واليوم، يعاني أكثر من واحد من كل ثلاثة عمال من البطالة في الضفة الغربية، حيث يعيش نحو ثلاثة ملايين شخص. ويقول الباحث الإسرائيلي مايكل ميلشتين، المتخصص في الشؤون الفلسطينية، إن إسرائيل "من خلال منع العمال الفلسطينيين من دخول إسرائيل واحتجاز الضرائب الفلسطينية"، تهدف إلى "تقويض السلطة الفلسطينية لأنها تعتبرها عدواً"، وهو يقدّر، استنادا إلى البيانات الإسرائيلية، أنه حتى 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كان ما يقرب من ثلث دخل الضفة الغربية يأتي من أجور 193 ألف فلسطيني يعملون في إسرائيل. بينما يرى ناصر عبد الكريم، أستاذ الاقتصاد في الجامعة العربية الأميركية في جنين، أن "بنيامين نتنياهو يضع الفلسطينيين تحت الضغط ويظهر للسلطة أن أدوات اقتصادها في يديه، معتقداً أنه بذلك سيضعف السلطة ويجعلها تقبل تقديم التنازلات السياسية"[5]. وبغية وقف استخدام العمالة الفلسطينية تماماً، قدمت وزارات المالية والداخلية والعمل خطة، اطلعت عليها الإذاعة العامة الإسرائيلية "كان" ونقلتها صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، تسمح لإسرائيل باستقدام 25.500 عامل من سريلانكا، و20.000 من الصين، و17.000 من الهند، و13.000 من تايلاند، و6.000 من مولدافيا. كما توصلت الحكومة الإسرائيلية، في أواخر شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2023، إلى اتفاق مع جمهورية ملاوي، الواقعة في جنوب شرق إفريقيا، يقضي بانتقال عدة مئات من الشباب الملاوي إلى إسرائيل للعمل في المزارع التي هجرها عمالها، وذلك في مقابل مساعدات بقيمة 60 مليون دولار لهذه الجمهورية التي تعاني صعوبات اقتصادية[6].

الحرب على الأونروا تفاقم الأزمة الاقتصادية

تضطلع وكالة الأونروا بدور بارز في المساهمة في تقديم الخدمات للفلسطينيين وتدعيم مقومات معيشتهم، وخصوصاً في المخيمات المنتشرة في الضفة الغربية وقطاع غزة. بيد أن حكومة الحرب الإسرائيلية مصرة على القضاء على هذه الوكالة، وهو ما سيؤدي إلى مفاقمة الأزمة الاقتصادية التي يواجهها الفلسطينيون، إذ صادق الكنيست، في 29 أيار/مايو الفائت، على مشروع قانون يعتبر وكالة الأونروا "منظمة إرهابية"، ويقضي بأن "قانون محاربة الإرهاب" يسري على وكالة الأونروا، ويؤكد ضرورة وقف جميع الاتصالات والعلاقات بين إسرائيل ومواطنيها، من جهة، ووكالة الأونروا، من جهة ثانية، وإغلاق مكاتبها في إسرائيل. وكانت حكومة الحرب الإسرائيلية زعمت، قبل أسابيع، أن موظفين في وكالة الأونروا شاركوا في هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، لكنها لم تقدم أدلة على ذلك. وفي أعقاب هذه المزاعم الإسرائيلية، قطعت عدة دول تمويلها للأونروا، لكنها تراجعت عن موقفها هذا وعادت لتموّل الوكالة، وخصوصاً بعد أن خلُص تحقيق مستقل لأداء الأونروا، قامت به لجنة عيّنتها الأمم المتحدة وترأستها وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا، بمشاركة ثلاثة معاهد أبحاث، إلى أنه لا بديل من هذه الوكالة، وإلى أن إسرائيل لم تقدم أدلة على مزاعم ارتباط موظفين في الوكالة بحركة "حماس"، أو على انتمائهم إلى فصائل فلسطينية في قطاع غزة. وأكد التحقيق أن الأونروا كانت تزوّد إسرائيل بقوائم أسماء موظفيها بصورة منتظمة من أجل التدقيق بها، وفي المقابل، لم تنقل الحكومة الإسرائيلية إلى الأونروا أيّ مخاوف تتعلق بأيٍ من موظفيها[7].

مظاهر الأزمة الاقتصادية في تحقيق صحفي

في 24 شباط/فبراير 2024، نشر الصحافي البلجيكي المستقل، ويلسون فاش، الذي يهتم بتغطية الأحداث الميدانية والمواضيع المتعلّقة بالحروب، تحقيقاً عن الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية المحتلة، بدأه بالإشارة إلى أن "تعليق تصاريح العمل، وتشديد نقاط التفتيش، واختفاء السياح، وعدم دفع الضرائب"، أن هذا كله "جعل الضفة الغربية، بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على بدء الحرب بين إسرائيل وحماس، تعاني أزمة اقتصادية على نطاق غير مسبوق". ثم انتقل إلى عرض مظاهر هذه الأزمة، فنقل عن تاجر ملابس في وسط مدينة جنين من عائلة زكارنة، يبلغ من العمر 33 عاماً، قوله: "هل ترى كل هذه السترات؟ لقد اشتريتها بمبلغ 100 شيكل (حوالي 25 يورو) للواحدة منها وأنا مجبر على بيعها بـ 50 شيكلاً فقط لأجني القليل من المال! ففي خضم الأزمة الاقتصادية، يدخر الناس القليل من المال الذي يملكونه لشراء الخبز بدلاً من السترات". فمدينة جنين، التي تخنقها الحواجز العسكرية الإسرائيلية واعتداءات المستوطنين، والتي تتعرض بانتظام لمداهمات جيش الاحتلال، "تعاني من نقص حاد في عدد المستهلكين، وخصوصاً من فلسطينيي مناطق 1948 الذين اعتادوا القدوم إليها للتسوق بأسعار رخيصة"، وقد "انخفض حجم المبيعات فيها بنسبة 80 %"، كما ذكر محمد جمال كميل، مدير عام غرفة تجارة وصناعة جنين. ثم يتوقف الصحافي نفسه في أحد مقاهي المدينة، حيث "يلعب عدد من الشبان الورق وهم يحتسون الشاي، بينما يراقبون شاشات هواتفهم النقالة في حال تلقوا إنذاراً يخبرهم بمداهمة جديدة لجيش الاحتلال"، وينقل عن أحدهم، وهو مجاهد شحادة، البالغ من العمر 28 عاماً، قوله: "أنا وهذا وهذا وذاك، جميعنا عاطلون عن العمل"، كحال "نحو 30,000 عامل محلي آخر"، تمّ "تعليق التصاريح التي كانت تسمح لهم بتقديم خدماتهم في إسرائيل"، بعد هجوم حركة "حماس" على مستوطنات "غلاف غزة". أما صديقه حمزة، البالغ من العمر 31 عاماً، الذي يعيش على المال الذي ادّخره للهجرة إلى بلجيكا، فيقول: "بما تبقى لي من مدخرات يمكنني أن أعيش شهراً أو شهرين آخرين؛ بعد ذلك، لا أعرف ماذا سأفعل". وبحسب رجا الخالدي، مدير معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)، فإن تعليق تصاريح العمل هو "عقاب جماعي" تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين. بينما يرى دبلوماسي أوروبي مقيم في القدس أن "من الصعب فهم ما يرسمه الإسرائيليون؛ فانهيار الاقتصاد الفلسطيني سيؤدي حتماً إلى انهيار الأمن، وهذا ليس في مصلحتهم". ولدى انتقاله إلى مدينة بيت لحم، حيث كنيسة المهد فارغة من الزوار، التقى الصحافي البلجيكي نفسه بمدير فندق "غراند أوتيل" من ذوي الأربع نجوم، فارس فؤاد بندق، الذي قال له: "كنا قد أجرينا أعمال تجديد كبيرة خلال الصيف، كنا متفائلين للغاية؛ كنا نتوقع أن نحقق أرباحاً جيدة خلال موسم الشتاء لتمكيننا من سداد ديوننا"، وأنه "في ليلة 6 إلى 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، امتلأت جميع غرف الفندق، البالغ عددها 104، بالسياح الألمان واليونانيين والبولنديين الذين اختفوا في أقل من 48 ساعة؛ ومنذ ذلك الحين، أصبح الفندق فارغاً تماماً، باستثناء ليلة عيد الميلاد، إذ جاء الصحفيون لليلة واحدة وانتهى الأمر". ووفقاً لمجلس بلدية المدينة، "يعتمد 5,000 عامل محلي على صناعة السياحة التي أصبحت الآن في حالة احتضار"، يُضاف إليهم "17,000 عامل وجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل بعد تعليق تصاريحهم، و14,000 إلى 15,000 موظف حكومي ومتقاعد لا يتلقون حتى الآن سوى جزء من رواتبهم إلى حين إفراج إسرائيل عن الأموال المخصصة للسلطة الفلسطينية". كما ينقل عن أنطون سلمان، رئيس بلدية مدينة بيت لحم، قوله: "اليوم، تدين وزارة المالية الفلسطينية بحوالي 20 مليون شيكل (5 ملايين يورو) لبلدية بيت لحم، ولدينا، علاوة على ذلك، 27 مليون شيكل ضرائب مستحقة على السكان للبلدية، ولكن بما أن الجميع في حالة من الضيق، فليس لديهم الإمكانيات لتسديد هذه المدفوعات في الوقت الحالي"[8].

خاتمة: حرب إسرائيل على قطاع غزة تخنق الاقتصاد الفلسطيني

بعد أن كان يواجه صعوبات لسنوات عديدة، يختنق اقتصاد الأراضي الفلسطينية أكثر فأكثر بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. فوفقاً لدراسة مشتركة صادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، في 2 أيار/مايو الفائت، تسبب الهجوم الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة في إعاقة التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة في الأراضي الفلسطينية لأكثر من 20 عاماً، وارتفع معدل الفقر إلى 58.4%، ما أدّى إلى سقوط ما يقرب من 1.74 مليون شخص في براثن الفقر، بينما انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 26.9%، متسبباً بخسارة قدرها 7.1 مليار دولار مقارنة بخط الأساس لسنة 2023 قبل الحرب. وقال أخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: "إن كل يوم إضافي تستمر فيه هذه الحرب يجلب تكاليف هائلة ومتفاقمة لسكان غزة وجميع الفلسطينيين، الآن وعلى المدى المتوسط ​​والطويل"، وأضاف: "أن "المستويات غير المسبوقة من الخسائر في الأرواح، وتدمير رأس المال والزيادة الحادة في الفقر في مثل هذا الوقت القصير، كل هذا سيؤدي إلى حدوث أزمة تنموية خطيرة ستعرّض مستقبل الأجيال القادمة للخطر". وإذا استمرت الحرب لمدة تسعة أشهر، فقد "تتضاعف مستويات الفقر لتصل إلى 60.7%، وسوف يقع 1.86 مليون شخص في براثن الفقر، وينخفض ​​الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 29% ، وهو ما يعادل خسائر إجمالية قدرها 7.6 مليار دولار". أما رولا دشتي، الأمينة التنفيذية للإسكوا، فقد سلّطت الضوء على حجم الدمار غير المسبوق في قطاع غزة، مشيرة إلى أن المنطقة "قد تصبح معتمدة بصورة كاملة على المساعدات الخارجية"، وأضافت: "يتوقع هذا التقييم أن تصبح غزة معتمدة كلياً على المساعدات الخارجية على نطاق لم نشهده منذ سنة 1948، إذ ستُترك من دون اقتصاد فاعل، ولا من أي وسائل إنتاج أو اكتفاء ذاتي أو فرص عمل أو قدرة تجارية". وتتوافق نتائج هذا التقييم مع تقييم الأضرار المؤقت المشترك بين البنك الدولي والأمم المتحدة، والذي قدّر الأضرار المباشرة التي لحقت بالبنية التحتية في قطاع غزة "بمبلغ 18.5 مليار دولار في يناير/كانون الثاني 2024، أي ما يعادل 97% من إجمالي الناتج المحلي لدولة فلسطين في سنة 2022"[9].

عرض مقالات: