نبحث في ناصية هذه الطريق عن مفتاح لغز استمرارالانفصال بين شعار حكم الاغلبية الوطنية، وبين اغلبية الجماهيرالتي ما زالت لائذة بالصمت والامتناع عن السعي لتحقيق الهدف المنشود، الذي يكاد ان يكون مفقوداً وبعيد المنال. اذن كيف السبيل لمسك راس الشلييلة الضائع هوالاخر. فمن متطلبات النهوض لكتلة بشرية تشكل ثمانين بالمئة من القوى الفاعلة والمقررة. فيقتضي تشخيص العوامل المسببة. اهتداءً بالقول الشعبي " اذا ما عُرف السبب بطل العجب " ولكن هنا يقوم البحث بغية وضع المعالجات حتى وان رميت حجارة في البركة الساكنة كاضعف الايمان.

وطالما يتوفر لدى اوسع الجماهير وجع من اوضاعها الحياتية العامة، فقد ولّد ذلك وعياً وغدا متزايداً بصورة طردية مع ضغط الحاجة للخلاص من انعدام العدالة الاجتماعية، وتبعياتها الضاربة عرضاً وطولاً في عراقنا اليوم. بسبب نظام المحاصصة المقيت. لا شك بان العلة غير مجهولة وتكمن في تضارب الرؤى السياسية لدى القوى الجالسة على مدرّج الملعب، وتنتظر ما سيتمخض عن صراع الاضداد في اطار الحكم . غير ان ذلك لا يلغي وجود الهدف الموحد لدى الاغلبية الصامتة المتمثل في تحقيق العدالة والديمقراطية كبديل عن نظام المكونات والحاصصة.. ولكن تبقى الاختلافات تتركز في عدم وجود قيادة تقترب وتقنع وبالتالي توحد وتقود هذه الجموع نحو الهدف المنشود.

وإذا ما سلمنا بما ذكرناه انفاً وحُسبت العلة في انعدام قيادة تقترب وتقنع ببرنامجها وشعاراتها التي تلامس مشاعر وطموحات هذه الجماهير، فما سبب بعدم انبثاق قيادة من وسط هذه الاغلبية كاستجابة للمنطق؟ الا يمثل ذلك غياب الادراك لديها، وبذلك باتت عاملاً مساعداً لبقاء الوضع على ما هوعليه. ولا يغيب عن المسامع ما  يذكر بان السبب هي الظروف الموضوعية القاهرة التي تتجسد في الفساد والسلاح المنفلت والتدخلات الخارجية وفرض الارادات وغير ذلك من ممارسات الحكم الخارجة عن السياقات الدستورية. لكن هذا التبريرعلى استمرار " السبات " هو بعينه وليس غيره، يبرر النهوض وبعزم يناسب الحاجة المطلوبة.

ودون أدنى خلاف بان الطريق للوصول الى تحقيق حكم الاغلبية الوطنية هو عبر العملية الانتخابية ولكن شرط ان تكون منزهة من شوائب القوانين الحكومية او سطوة القوى المتنفذة التي ترسم لنفسها انظمة انتخابية ظالمة بحكم اكثريتها البرلمانية، التي جلها من الخاسرين الذين صعدوا الى قبة البرلمان بفضل انسحاب التيار الصدري وانظمامه الى هذه الجموع اي الاغلبية الصامتة.. علماً ليس ثمة ما يشير الى  وجود امد معين لبقاء هذا الوضع. فالعلم السياسي الماركسي يؤكد بان التراكم الكمي لابد ان يؤدي الى تغير نوعي، وحينما تتفاعل ازمة في  القاعدة  (حياة الاغلب من الناس )  ومقابلها تتصاعد الازمة في  القمة ( داخل نظام الحكم ) حينها تغدو الامور وكأنها هشيماً ينتظر اي قدحة ثقاب لاشتعاله . وذلك ما هو حاصل في اوضاع بلدنا..

                   

عرض مقالات: