النقابي محمد صالح القزاز

يعود الفضل للنقابي المعروف محمد صالح القزاز في تاسيس اول تنظيم نقابي يضم العمال والحرفيين حيث
بادر قائد الحركة النقابية في العراق النقابي القزاز عام 1924 مع العمال النشطين بطلب تكوين أول منظمة للعمال، ولكن هذه المحاولة لم تنجح حيث لم تحصل الموافقة على إجازة السلطات الاستعمارية إلا بعد الإضراب الكبير في معامل الشالجية عام 1927 والذي أحدث تحولا في موقف الحكومة، وتم إجازة أول منظمة عمالية في عام 1929 تحت اسم (جمعية أصحاب المهن والصنائع العراقية) والتي ضمت عمال الميكانيك والحلاقين وعمال المطابع وغيرهم وقد اغلقت الجمعية في 27/8/1931، وكان أغلب منتسبيها من عمال السكك، إضافة الى أعداد من الكسبة والحرفيين.
وشجعت هذه الخطوة تكوين الجمعيات لمهن عديدة اخرى، وتطور عملهم بإنشاء المجلس الأعلى لنقابة إتحاد العمال وأرباب المهن (جاء في جريدة العراق عدد 2829 الصادر في 27/7/1929 الى ان اول اجتماع عقد للهيئة العامة لجمعية اصحاب الصنائع في بناية المعهد العلمي مساء يوم الجمعة المصادف 26/7/1929 لانتخاب الهيئة الادارية واسفرت النتيجة عن فوز محمد صالح القزاز رئيسا واحمد محمد نائبا للرئيس ومحمد مصطفى سكرتيرا ونعيم فتوحي امينا للصندوق ويوسف طه مراقبا عاما وعبد الجبار سلمان ومحي الدين محمد عضوان مساعدان ).

ونتيجة للازمة الاقتصادية العالمية التي امتدت بين 1929 الى 1933 حيث كان لها تاثير كبير على الشعب العراقي بجميع طبقاته وقد تحمل العراق اكثر من نصيبه النسبي من الازمة بسبب رضوخه لحكم الانتداب البريطاني الذي حمله عبئا مضاعفا لتخفيف الازمة عن كاهل بريطانيا وتوزيع عبئها على المستعمرات..وازاء هذه الظروف الاقتصادية السيئة التي القت بثقلها على الجماهير الشعبية الكادحة،فقد مارست جمعية اصحاب الصنائع اسلوب رفع العرائض والاحتجاجات في البدء وشرح الظروف الاقتصادية ومطالبة الحكومة فيها الغاء رسوم البلديات وتحقيق المطاليب الاخرى، وعندما فشل هذا الاسلوب عمدت الى اعلان الاضراب في 6 تموز 1931، وقد كانت الجماهير مهيأة تماما للاضراب العام بفعل هذه الظروف الاقتصادية، وقد بدا الاضراب في العاصمة بغداد وضواحيها فاصبح السكان والاسواق خالية والمحلات والمخازن التجارية والمطاعم والمقاهي مقفلة .وكانت مطاليب الشعب هي

-الغاء رسوم البلديات المستحدثة-النظر في قضية العمال العاطلين-الغاء ضريبة الدخل –اطلاق سراح الموقفين من جراء الاضراب – والاحتجاج على قسوة البوليس وعلى منع الاحتجاجات.

وفي ايار 1933 شكل نقابة اتحاد العمال في العراق الموحد بقيادة محمد صالح القزاز وتبنى مجموعة شعارات منها 8 ساعات عمل وتحديد الاجور والضمان الاجتماعي في حالة المرض والعجز واحلال العمال العراقيين العاطلين بدلا الاجانب وتحسين الوضع الصحي للعمال. وبعد هذا النشاط للقزاز اعتقل مع ستة من زملائه وسفروا الى كردستان العراق ومنع نشاط الاتحاد وغابت النقابات حتى عام 1944.  
ومن تتبع السيرة الذاتية للقزاز يمكن القول انه أحد أبرز القادة العماليين الذين عرفتهم الحركة العمالية عموما والنقابية على وجه الخصوص في العراق، لم تمنعه متابعة مشاكل العمال والتحضير للإضراب ومواجهة المحاكم والسلطات القمعية، من العمل على إنشاء مراكز للتجمعات العمالية لتسهيل مهمة اللقاء بمجاميع كبيرة منهم، والبحث عن وسائل الترفيه عنهم، ففي عام 1937 تقدم بمعاونة الماركسي المعروف والصحفي البارز(يوسف متي) فضلا عن نوري روفائيل وجميل توما، للحصول على إجازة ناد رياضي باسم نادي السكك، الذي أجيز فعلا، واتخذ من مقر مؤسسة السكك التابعة لوزرة النقل والمواصلات حاليا مقرا له، وكانت المؤسسة تقع في جانب الكرخ وعلى ذات الموقع الذي يشغله فندق الرشيد اليوم والذي تحول اسمه الى نادي المواصلات، ثم الى نادي النقل وأخيرا استقر على اسم(نادي الزوراء) الذي يعد واحدا من أبرز نوادي الدرجة الأولى في العراق اليوم.
وقد تسبب وجود قيادة يسارية التوجه على رأس النادي الى انتشار ‘إشاعة مفادها أن نادي السكك واحد من مقرات الحزب الشيوعي العراقي، في حينه.

- الفقيد صادق جعفر الفلاحي

ولد في عام 1919 في كرادة مريم في بغداد، ومنذ صغره عمل مع والده في علوة الخضار، ثم عمل في معامل النسيج ودرس في المدرسة المسائية واصبح رئيس نقابة عمال النسيج. دخل معترك السياسة واصبح احد اعضاء الحزب الشيوعي وسجن في نقرة السلمان الصحراوي منذ 1953 ولمرتين وخرج من السجن بعد ثورة 14 تموز 1958.

انتخب في المؤتمر التاسيسي لرئاسة الاتحاد العام لنقابات العمال في الجمهورية العراقية 1959، ويعتبر من الشخصيات العمالية النقابية المهمة في العراق منذ الاربعينيات من القرن الماضي.

لقد كان(العامل النقابي قائدا في مقدمة الصفوف يعقد الاجتماعات واللقاءات مع العمال والفلاحين محاولا حل مشاكلهم وتوعيتهم بحقوقهم وواجباتهم وعلى المشاركة الفاعلة في النقابات.وكان صحفيا ومفكرا يثري القراء والطبقة المثقفة بمقالاته عن الطبقة العاملة وايديولوجية وفكر الماركيسية اللينينية وعن المظاهر السلبية في المجتمع من خلال كتاباته في صحيفة الحزب الشيوعي طريق الشعب وفي المجلات كمجلة الفكر الجديد والثقافة الجديدة التابعة للحزب).

في واقعة حدثت مع النقابي الفلاحي، بعد تفاقم أزمة العمال وغبن حقوقهم من قبل السلطة القاسمية وتكرار اضرابات العمال في المعامل في مدينة بغداد والمحافظات وبالذات في مدينة الحلة بعد حصول اضراب ومظاهرات فيها، يتصل القائد العسكري حميد حصونه بالاستاذ صادق الفلاحي ويقول له (ابو جعفر): نحن جميعا معكم ويرجوه ان يخفف المكتب التنفيذي المؤقت من حدة اضرابات العمال والمظاهرات باعتباره رئيس المكتب التنفيذي فيجيبه صادق، من تقصد باننا معكم، فيقول له حميد حصونه اقصد الحزب الشيوعي، فيجيبه الاستاذ صادق بكل شجاعة بأننا نمثل حركة النقابات وندافع عن العمال ولا علاقة لنا بالحزب الشيوعي .

 النقابي علي شكر-

من عمال السكك حيث عمل سائق القطار وكان مناضلا عماليا منذ وقت مبكر انتخب في المؤتمر التاسيسي تموز 1959 نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في الجمهورية العراقية وفي المؤتمر الاول شباط 1960 انتخب رئيس الاتحاد، وقف الى جانب الحزب برغم اغراءات عبد الكريم قاسم((ان تقاليد النقابي علي شكر الثورية كونه مناضلا عماليا من سنين طويلة وعلاقته الوطيدة بقيادة الحزب (الشيوعي –الكاتب) ابت عليه ان يستجيب لطلبات عبد الكريم الجائرة والتي لم تقف عند حد.

بلغ نشاط عمال السكك الى درجة كبيرة من اجل تاسيس نقابتهم في ايلول 1944 حيث عقدت اول مؤتمر لها في تشرين الثاني من السنة ذاتها وضمن المدة القانونية التي نص عليها قانون العمل، فقد نجحت قائمة النقابي علي شكر عضو الحزب الشيوعي باغلبية مريحة بعد ان هزمت قائمة مؤيدي ادارة السكك الحديد التي يرأسها جنرال بريطاني يدعى سمث. ويشير المحامي سالم عبيد النعمان في كتابه (الحزب الشيوعي العراقي بقيادة فهد، (لقد كان تزايد الاقبال على الانتماء للنقابة والتفاف العمل حول نقيبهم علي شكر الذي كان في سلوكه المتواضع جدا وممارساته النقابية واحدة منهم، لقد اذهل ادارة السكك الانكليزية ومنها دوائر الامن الحكومية فراحت تتحين الفرص الملائمة لسلب مكاسب العمال المتمثل في نقاباتهم الكبيرة ). لقد قاد اضراب السكك بموافقة وتأييد الحزب ومنهم سكرتير الحزب والذي بدأ في الشالجية وورش السكك الاخرى وامتد الى مأوى القاطرات شرق بغداد وفي غربها وامتد الى المعقل في البصرة و اور والديوانية والحلة ومعظم محطات السكك، ودل هذا على قوة وامتداد الحزب الشيوعي والى سعة شعبية النقابة في هذه الفترة القصيرة من عمرها. ويشير المحامي سالم عبيد الى الاهمية الايجابية للاضراب - ان قوة الاضراب وبراعة منظميه وتضامن طلبة الكليات مع العمال والتأييد الذي حضي به العمال من الصحافة عموما، وبخاصة جريدة " الرأي العام" لصاحبها الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري، كل ذلك كان له الاثر في زيادة واتساع الوعي العمالي والتضامن الشعبي الذي حققه العمال المضربون وازدياد الكره للاستعمار البريطاني، الذي امتد نفوذه الى كل اجزاء القطر ومرفقه. ويذكر عنه انه مناضلا جريئا وشجاعا مثالا للطيبة والخلق الرضي، بقي طيلة حياته الحزبية الحافلة بالنشاط والتفاني لايستطيع الموازنة بدقة بين واجباته كشيوعي وبين كونه نقابيا بارزا، فعضويته في الحزب تقتضيه ان يكون ملتزما بتوجيهات حزبه ويعرف كيف يجمع ويوفق بينهما، ولهذا فقد كان وهو رئيس نقابة ضخمة يصدر احيانا كثيرة قرارات على مسؤوليته. وكان الرفيق فهد يطلب منه فقط ان يرجع الى الحزب في قرارات تتعدى بمضمونها العمل النقابي المحض. وفي حالات كثيرة كان الرفيق فهد يدعمه لانه يعرف النقابي علي شكر مدى اخلاصه وحبه لعمله وكذلك شعبيته الكبيرة بين العمال. ومما يذكر ان كونفرس الحزب الشيوعي الاول عقد في بيت النقابي علي شكر في اذار 1944 في الشيخ عمر في بغداد. توفي النقابي علي شكر في عام 1999.

المصادر

-ارا خاجادور تجارب شخصية في العمل النقابي في العراق 1984

- صادق جعفر الفلاحي وقائع سنوات الجمر- تقديم باسم الدرة 2017

- ملاحق جريدة المدى 2 ايار 2012

سالم عبيد النعمان الحزب الشيوعي العراقي بقيادة فهد 2006

عرض مقالات: