الاحزاب السياسية تضطلع بنشر الوعي والتعريف بالمشكلات السياسية الموجودة بين المواطنين ووضع مقترحات لحلها، وبالإضافة إلى تشجيعهم للمشاركة في القضايا العامة وتوجيه فكرهم وآرائهم السياسية بما يتوائم مع أفكار الحزب. وتمثل التعددية الحزبية أهمية حيوية في سبيل ضمان الحكم الديمقراطي الفعّال وإتاحة إبداء الرأي الفعلي للمواطنين في اختيار الكيفية التي سيحكمون بها. ووظائف الأحزاب في النُظم السياسية الحديثة، مثل التمثيل، والإتصال وربط المصالح وتجميعها، وقد تُصاغ تلك الوظائف في شكل أكثر تحديداً لتشمل تجنيد واختيار العناصر القيادية للمناصب الحكومية، ووضع البرامج والسياسات للحكومة، والتنسيق بين فروع الحكم والسيطرة عليها، وتحقيق التكامل المجتمعي من خلال إشباع مطالب الجماعات والتوفيق بينها، والقيام بأنشطة التعبئة السياسية والتنشئة السياسية.
الذي يحترم ثقافة الإختلاف وشرعية الإجتهاد ويحتضن الإتجاهات الفكرية المختلفة ويرعى حقها في الوجود والتعبير عن نفسها داخل الحزب وخارجه بكل الوسائل الممكنة بما يؤدي إلى إثراء الحزب بإبداعات أعضائه وتكريس حق الإختلاف داخل الوحدة الحزبية ويحول دون الإندفاع فيه إلى حد التناقض مع هوية الحزب وثوابت وجوده بحيث لا تأخذ ظاهرة الخلافات السياسية والفكرية طابع الأجنحة ولا تتحول إلى صراع على النفوذ يستقطب معظم النخبة الحزبية إليه بما قد يؤدي في النهاية إلى تفكك الحزب أو الإنشقاق عنه على الأقل. يؤسس فيه مبدأ الولاء على قواعد ومباديء عقلانية تمثل كيانا اعتباريا يدين له الجميع بالإنتساب والدفاع عنه بما يجعل فكرة المؤسسة سائدة ومهيمنة على أداء الحزب وليس الولاء أو الطاعة والخضوع للقيادات أو الزعامات أو الشخصيات النافذة. أن مصطلح النظم الحزبية -أو النظام الحزبي- للإشارة إلى العلاقة بين الظاهرة الحزبية والنظام السياسي من حيث عدد الأحزاب المشاركة في العملية السياسية ومدى تأثير هذه الأحزاب في عملية صنع القرار في إطار هذا النظام السياسي .
والحزب يُمثل تجمعاً من الأفراد الذين يعتنقون ذات المباديء ويؤمنون بها، ويسعون عبر مجموعة من الأليات إلى إقناع جموع المواطنين ببرنامج محدد وواضح، سعياً للوصول إلى السلطة، وتنفيذ هذا البرنامج الذى إختار المواطنون الحزب على أساسه. وقد أعقب ثورة تموز 1958 بقيادة الضباط الاحرار في العراق بعد الإطاحة بالنظام الملكي وظهور الأحزاب السياسية إلى العلن نتيجة للأجواء الديمقراطية والاتجاه إلى تبني مفهوم التنظيم السياسى ، ولعبت هذه التنظيمات مجتمعة – على اختلاف مسمياتها – دوراً فى الحشد لصالح السياسات الثورية، التى استهدفت بناء مجتمع أكثر عدالة مُختلف عما قبل الثورة ،التي أفضت إلى تجانس وتكافل وتعاون المجتمع ، حيث أصبح الجميع متساوين أمام القانون وليس سادة وعبيد، وكانت الممارسات السياسية الإيجابية عبر تدخل واستجابة زعماء الأحزاب، ما قبل الثورة عاملا من عوامل هذه الثورة المجيدة.
وتُعد الأحزاب السياسية من أكبر القوى غير الرسمية النشطة في مجال جَس نبض الجماهير والتعبئة السياسية ضد الفساد. وقد ساهمت الأحزاب السياسية في تأجيج الرأي العام الوطني وتوعية المواطن داخل المجتمع وطالبت بتدخل السلطات لوضع حد للمفسدين وجماعات المصالح ، بالصرامة في تطبيق القانون وتفكيك شبكات الفساد والإجرام. ارتبطت نشأة الأحزاب السياسية بتطور النظام الديمقراطي الذي طَبَّق حق الإقتراع العام ، وبتكوين المجالس النيابية ، التي كان أعضائها يسعون الي إعادة انتخابهم مرة أخرى . وكلما زاد عدد الناخبين ، زادت اهمية التنسيق مع المرشحين الذين يتفقون في الإتجاهات والآراء والمواقف السياسية والفكرية. ومن خلال هذا الإلتقاء على اساس انتخابي مَهَّد تأسيس أحزاب سياسية. وهكذا ارتبطت نشأة الأحزاب في الدول الأوروبية بالإنتخابات والعمل البرلماني في معظم الأحوال. عادةً ما تُنظم أحزاب الكوادر عددًا صغيرًا نسبيًا من أتباع الحزب. والأحزاب الجماهيرية ، توحد مئات الآلاف من المتابعين، وأحيانًا الملايين. لكن عدد الأعضاء ليس المعيار الوحيد للحزب الجماهيري. العامل الأساسي هو أن مثل هذا الحزب يحاول أن يرتكز على مناشدة الجماهير. إنها تحاول ليس فقط تنظيم الأشخاص المؤثرين أو المعروفين أو أولئك الذين يمثلون مجموعات المصالح الخاصة ولكن بالأحرى أي مواطن مستعد للانضمام إلى الحزب، فإذا نجح مثل هذا الحزب في جمع عدد قليل من الأتباع، فعندئذٍ يكون جماهيريًا فقط في الإمكانات.
والحزب الديمقراطي الذي ينتهج مزيدا من المشاركة الفعالة في صنع القرار من خلال انطواء هيكله التنظيمي علي توزيع معين للسلطات والإختصاصات الحزبية على مستوياته التنظيمية المختلفة ولا تحصرها في مستواه القيادي فقط، ومن ثم تحظى عملية صنع القرار فيه بمشاركة حقيقية من كافة مستوياته التنظيمية، أو علي الأقل تحظى القرارات المتخذة بالرضا العام من كافة مستويات الحزب التي لم تشارك في صنعها ؛ والسلطة المركزية لا تحتكر عملية صنع القرار، بل تتيح هيكل توزيع السلطة فيه لفروع ووحدات الحزب في الأقاليم سلطات واختصاصات حقيقية ، بحيث تكون السلطات الحزبية موزعة ما بين الوحدات الجغرافية المختلفة للحزب.
وينبغي أن تعزز التشريعات المتعلقة بالأحزاب السياسية التعددية كوسيلة لضمان إمكانية التعبير عن وجهات نظر معارضة وانتقال السلطة ديمقراطياً. وبشكل عام، لا يعتبر تقييد عدد الأحزاب السياسية المسموح لها بالتنافس في انتخابات مخالفة، بل يمكن اعتبارها معقولة كوسيلة مساعدة لإدارة الإنتخابات ومنع التشرذم. ومع ذلك، ينبغي أن تتجنب التشريعات تقييد أعداد الأحزاب من خلال فرض شروط مرهقة بشكل مبالغ فيه للتسجيل أو إثبات حد أدنى من التأييد، حيث لا يقتصر أمر مثل هذه القيود على تقليل حرية عمل التعددية السياسية في المجتمع بشكل أساسي، بل إنها قد تخضع كذلك للتلاعب من أجل إسكات أحزاب أو مرشحين ممن يعبِّرون عن أراء لا تحظى بقبول أصحاب السلطة. وإذا كان نظام تعدد الأحزاب يسمح بالتنافس بين عدد كبير من الأحزاب السياسية، فإنه مع ذلك له مجموعة من العيوب والمآخذ، إذ أن تعدد البرامج الحزبية يؤدي في كثير من التجارب المعاصرة إلى تشتت الخيارات أمام الناخبين، تعطي تحالفات هشة ومتقلبة لا يساعدان على الاستقرار الحكومي، إضافة إلى استحالة تكوين الحكومة، من طرف حزب واحد.
ينبغي لقيادة أي حزب ان تكون شخصية كاريزمية تستطيع التنبؤ بالمستقبل وسلوك هذا الحزب عندما يصل إلى السلطة، وذلك من خلال قراءة تأريخه وسلوكيات قادة ونخب هذا الحزب والجماهير المُنظَمَّة إليه، فالحزب الذي لا يؤمن بالنقد هو مستقبلاً حتماً سيلجأ للقمع، كذلك الحزب الذي لاتوجد فيه إنتخابات داخلية بالنتيجة سوف يستأثر بالسلطة ويستبد بها عند الوصول إليها، وأيضا أسلوب الكراهية والعنف والثأر والانتقام من الآخر وسِعَت الصدر وتحمل الآخر، وهل هذا الحزب لديه القدرة على التحالف والتوافق وتأسيس عقد إجتماعي، كل ذلك يتم قراءته من خلال السلوكيات الداخلية ومن خلال خطابات الحزب وافراده. لذلك ينبغي اللجوء الى تأسيس مركز مختص بعلم النفس السياسي لدراسة السلوكيات السياسية عن كثب، وإيجاد قنوات لترشيح الأحزاب وإجراء تقييم دوري لتلك الشخصيات وبما ينسجم مع المعايير الحقيقية للعمل الديمقراطي والسياسي.
وتغيير القيادات السياسية بين فترة وأخرى.وصياغة أنظمة داخلية للأحزاب قائمة على تبني النظام الديمقراطي والتداول السلمي لقيادة الحزب وعضوية الهيئة العليا أو العامة للحزب بين فترة وأخرى.إضافة الى إخضاع جميع الزعامات السياسية لدراسة علم النفس. وفي حالات التحرر الوطني يمكن تًقبل فكرة القيادة الكاريزمية ما دام الزعيم يقود حركة تحرر وطني، ولكن عندما تُنجز حركة التحرر الوطني أهدافها وتنال البلاد الاستقلال، أو تتحول حركة التحرر إلى سلطة وحكومة في ظل الاحتلال ، فإن الأمر يحتاج لإعمال مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث ، التنفيذية والتشريعية والقضائية أيضا يحتاج للفصل بين الرئاسات وإعادة توزيع المناصب القيادية وآلية الوصول لها. التزام الحزب والتنظيم السياسي بعدم استخدام أو استغلال مؤسسات الدولة وأجهزتها ،والمؤسسات العامة أو المساجد لمصلحة أي حزب سياسي وعدم زج هذه المؤسسات في أي صراع سياسي أو حزبي. ويترتب على أي حزب يتولى المسؤلية الوزارية أو يشارك فيها أن يعمل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين وعدم التمييز في التوظيف أو المعاملة لأي سبب لا يتعلق بالقدرة والكفاءة والأهلية.
تقوم الأحزاب السياسية بوظائف جوهرية في المجتمع السياسي، فهي تعمل في صورة جسر يربط بين الحكومة والمواطنين. كما أن الأحزاب السياسية عنصر من عناصر النظـام الـديمقراطي ومؤسـسة مـن مؤسساته لا يمكن تصور قيام هذا النظام وأدائه لمهماته المقصودة على وجه صـحيح بدونها. وقد اثر قیام وتطور الاحزاب السیاسیة الحدیثة على الطبیعة السیاسیة والقانونیة للنظم السیاسیة . فنوعیة النظام الحزبي السائد في دولة معینة لھا من التأثیر على ھیكلیة نظامھا السیاسي اكثر من ذلك التأثیر الذي یحدثه بنائھا الدستوري ، فالفارق كبیر بین الدول التي أخذت بنظام الحزب الواحد عن تلك التي تأخذ بنظام تعدد الاحزاب ، حتى وان تشابھت نظمھا السیاسیة.