لعقود طويلة ظلت صناعة السينما الهوليوودية الأميركية موظفة لخدمة الفكر الصهيوني، سواء من خلال تشويه صورة العربي في أفلامها، أو تشويه القضية الفلسطينية، ولهذا حققت إسرائيل نجاحاً ساحقاً من خلال هذه "القوة الناعمة الشريرة" وذلك من خلال تزييف وعي مئات الملايين داخل الولايات المتحدة وعلى امتداد العالم بأسره، لكن ما حصل في حفل الأوسكار الأخير كان أشبه بالزلزال الضارب الذي زلزل تلك القوة الناعمة، والفضل يعود بالطبع للإبادة الجماعية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والتي أحدثت مشاهدها الحية المروّعة صدمة عنيفة لتلك العقول وأيقظتها من سباتها العميق المخدر بتلك الأفلام الهوليوودية ردحاً من الزمن. فلئن كان فيلم "أوبنهايمر" الذي يروي قصة صانع أول قنبلة ذرية في العالم قد فاز بنصيب الأسد في جوائز حفل هذا العام، فإن لا شيء نافسه بقوة في أضواء الفوز به كما نافسه فيلم "الإبادة الجماعية" في غزة وهو الفيلم الغائب الحاضر بحق، مع أنه فيلم حقيقي من إخراج وبطولة جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويتابع العالم وقائعه وفصوله الحية التي لم تكتمل بعد، ولعل بعض الممثلين والمخرجين ممن استيقظوا من سباتهم ليعربوا عن تنديدهم بمحرقة غزة الجماعية هم ممن كانوا أدوات في تلك القوة الناعمة الخبيثة.
وعلى سبيل المثال فإن الممثل مارك رافالو لوّح بقبضته محيياً الاحتجاجات ضد الإبادة التي تسد مدخل حفل الأوسكار، هاتفاً: "الإنسانية ستنتصر"، فيما المخرج اليهودي البريطاني جوناثان غلايزر، أحد الفائزين بجوائز الأوسكار، يلقي كلمة بعد استلام جائزته يصرح فيها: "نقف هنا كرجال يرفضون اختطاف يهوديتهم بذريعة الهولوكوست للتسبب في ارتكاب جرائم يعاني منها الأبرياء" وأحدث هذا التصريح ردود فعل حانقة بشدة ضده لدى أتباع "القوة الناعمة" وبعضهم رموز كبيرة في الطبقة السياسية الحاكمة. وباختصار شديد كانت غزة الشهيدة هي الحاضر الغائب عن جوائز حفل الأوسكار وهي الفائز المتوج فيه بامتياز.
 
عرض مقالات: