لقد غابت عن العراق في السنوات الخمس والعشرين الماضية المشاريع الإستراتيجية في ظل التطور التكنولوجي العالمي وتطور البنى التحتية لدول العالم والتسابق فيما بينها لتحسين الوضع الاقتصادي والصناعي لبلدانها من خلال مناهج تطويرية مدروسة وخطط مستقبلية لبناء مصانع وشركات عملاقة على أراضيها أو الانفتاح على العالم الخارجي لبناء اقتصادها وصناعاتها خدمة لمصالح شعوبها إلا العراق الذي بقي يراوح ويتخبط في المشاريع الصغيرة التي دون مستوى الطموح والتي لا تلبي احتياجات المواطن بل على العكس تزيد من معاناته بوجود المشاريع والخطط والبرامج الترقيعية التي لا ترتقي لبناء دولة عصرية ومؤسسات حكومية فقد غابت المشاريع العملاقة التي كان لها التأثير الواقعي على الاقتصاد والصناعة والسياسة للعراق وأندثر الكثير منها أو توقف العمل بها تحت وطأة الإهمال المتعمد والعراقيل بشتى السبل والمسميات بقرار سياسي أو حجج واهية يُراد منها توقف تطوير العراق منها قلة التخصيص المالي في ظل ميزانيات حكومية انفجارية في بعض السنوات أو ارتفاع عائدات النفط وأسعاره المرتفعة وخصوصا في السنوات الأخيرة لكن المواطن العراقي يعرف أين ذهبت هذه الأموال الطائلة وبعلم من ويعلم علم اليقين مدى إمكانية العراق ماليا ونوع ثرواته وتعددها ومكامن القوة الاقتصادية له فالمواطن يسأل أين ذهبت أكثر من ثلاثة آلاف من المعامل المتطورة والمعامل والشركات المربحة التي كانت الحكومة تمول برامجها مثلا شركة الصناعات الكهربائية معمل الصناعات البتروكيماوية ومعمل الحديد والصلب ومعمل الجلود ومعمل ألبان أبو غريب ومعمل الزجاج ولا يخفى عليه السياحة الدينية التي تدر المليارات من الدنانير على الأوقاف الخاصة ومعمل الأسمدة وشركة الطرق والجسور التي كان لها الباع الطويل في تأسيس وإنشاء أضخم المشاريع الخدمية والجسور العملاقة الرصينة إلا أن الإهمال الحكومي المتعمد والمقصود في إيقاف عجلة التقدم والبناء وتجهيل المجتمع بأوامر خارجية وإقليمية ودولية معروفة الغرض والدوافع كلها ساهمت في تدني مستوى الخدمات على كافة الأصعدة والتي تراجع البلد على ضوئها ليصبح العراق مرتعا خصبا وسوقا مفتوحا للبضائع الأجنبية والأجهزة والمشاريع الخارجية من بلدان كانت منذ وقت قريب أدنى مستوى منا اقتصاديا وصناعيا والمواطن العراقي ينظر بعين الأسف والمرارة على أمواله التي تتبدد وتُهرب إلى جيوب الفاسدين والمنتفعين والجهلة والبنوك العالمية والعربية التي تبني وتطور بلدانها على حساب الشعب العراقي الذي يعيش أكثر من ثلث شعبه دون مستوى الفقر فمن سيوقف هذا الهدر المالي والبشري والاستنزاف لموارده وثرواته فالعراق بحاجة إلى صحوة ضمير وإطلاق الأيادي الشريفة والعقول الوطنية الخلاقة المبدعة في التفكير والعطاء والبناء والتطوير وإبعاد الفاسدين الملطخة أيديهم بالمال الحرام وسحب هيمنتها على قوت الشعب ومقدراته وطرد الحاقدين والطفيليين الذي يقتاتون على المال الحرام وتجار الحروب للاستفادة منها في سبيل ملء جيوبهم وبنوكهم وخدمة أولياء نعمهم .
العراق وهيمنة الفاسدين على سياسته الاقتصادية
- التفاصيل
- ضياء محسن الاسدي
- المنبر الحر
- 923