ان كلمة التضخم غالباً ما تطلق على ارتفاع الاسعار، الذي يشار به الى استمرار ارتفاعها عما كانت عليه. متناسباً بالضرورة مع  انفجار المتضررين منه .. بمعنى يمكن ان تطلق حول تضخم الظلم أيضاً. وافرازاته كجرائم كتم الانفاس والسرقات والتجاوز على الدستور المودية الى اتساع جغرافية الفقر المتسم بعمقه وانحداره الى الحضيض، وهذا بيت قصيدنا الذي ننشده في هذا المقال.

 كان المتنفذون في السلطة العراقي وما زالوا ليسوا بحاجة الى تعريف لعمق توغلهم بالظلم والتسلط والفساد ونهب المال العام، وكلما مضوا بافعالهم الظالمة، لا يثيرون الاستغراب فهو منطق حالهم. مع ان ذلك كان مبعثاً ولم يزل لتراكم غضب الجماهير المتضررة من جراء ذلك. ولكننا اليوم حينما نشاهد لوحة التعسف نجدها معززة بأزلام كانوا متصدرين " قوى الاصلاح والتغيير." مدعين أنهم محاربون أشداء ضد الظلم ومصادره. والمستغرب حقاً ان يهرول الفائز من هؤلاء نحو الخاسر، نازعاً رداء مبادئه بغية المشاركة بإطار الظالمين دون اي تحفظ او اية وغزة من ضمير. هذه المفارقة الصادمة قد تجلت في الموقف من قانون الانتخابات (سانت ليكو) الظالم جداً هو الآخر.

وإذا ما اراد المواطن العراقي ان يستنكر او يلوم اويصب جام غضبه حول ما جرى من استهتار بحق الشعب والوطن وتضخم الظلم داخل البرلمان العراقي، فأول المعني هم هؤلاء الذين تنكروا لجماهيرهم التي انتخبتهم اولاً بهدف ان يكونوا من قوى التغيير وليسوا من قوى المحاصصة، وثانياً في سبيل انقاذ المواطنين العراقيين المكتوين بنار القوى المتنفذة. لقد ارتكبوا جريمة لا تغتفر عندما اصطفوا مع الظالمين اعداء الديمقراطية، بل حتى اؤلئك الذين سلموا الفوز المؤزر على طبق من ذهب الى قوى خاسرة معادية للعدالة الاجتماعية، وجلسوا متفرجين على التل للأسف الشديد بعد ما عولت عليه الناس كقادة للتغيير.

                نعم هذه المفارقة السوداء ويجوز ان نسميها " مفارقة القرن " في عراق اليوم على غرار " سرقة القرن " التي حصلت في هذا البلد المغتصب الذي ترتكب فيه غرائب وعجائب الاستباحة لحرماته وحقوق أبنائه ولم يسلم حتى دستوره العليل اصلاً من التجاوز والاحتقار. فماذا تبقى للمدافعين عن الديمقراطية المصادرة الذين مازالوا صامدين خلف السواتر، وظهورهم على الحائط الأخير، غير ان يتبنوا تلك المقولة التي رددها الثوار البلاشفة عشية ثورة اكتوبر 1917 التي غيرت وجه التاريخ وتبناها حتى نابلون ايضاً. وهي: ( نخوضها حتى النهاية ونتلقى النتائج ). ولكن ليس بشتات الحراك بل بوحدته كما فعل النواب المستقلون تحت قبة البرلمان مؤخراً، الذين يستحقون التقدير العالي.. اذن فطالما تضخم الظلم ينبغي ان تتضخم مقاومته.

 

عرض مقالات: