لمناسبة مرور ستين عامًا على استشهاده
سلام عادل يتعدى كونه شهيداً بطلاً فهذا أمر مفروغ منه ولكن قيمته الحقيقية كقائد هي في مواهبه القيادية المتعددة، في مبادراته السياسية والتنظيمية وعقله الستراتيجي في التقاط الجوهري من الأشياء ونظرته البعيدة وقدرته على الاستفادة من الكفاءات والإمكانيات التي حوله، هذا إلى جانب تمتعه بالثقافة العامة ومشاركته في الفعاليات الفنية.
فقبل ثورة تموز المجيدة بادر الشهيد سلام عادل إلى توحيد الحزب بعد أن كان يعاني من انشقاق خطير، وأعاد العلاقات مع الحركة الشيوعية العالمية، كما حاول بعد الثورة ضم وإشراك الكثير من القيادات التاريخية والشابةً إلى قوام اللجنة المركزية وهيئات الحزب الأخرى، دون إقصاء أو إلغاء أو تهميش بل بمشاركة واعية. والإعداد للكونفرنس الثاني للحزب عام 1956 وإعداد وثائقه التي تُعد من أهم وأنضج وثائق الحزب، آخذين بنظر الاعتبار سياقها التاريخي. ثم جهود الرفيق في التحضير لقيام جبهة الإتحاد الوطني لعام 1957 وإقامة علاقة مع شبكة الضباط والجنود والأشراف على التنظيم العسكري والإعداد لثورة 14 تموز المجيدة بالتنسيق مع الضباط الأحرار.
وبعد الثورة، فقد كان الترويج لأهم شعارات الحزب بمبادرة ومشاركة سلام عادل وقيادة الحزب بحيث أصبحت قوة مادية في الشارع العراقي. وتحققت هذه الشعارات على أرض الواقع مثل الخروج من حلف بغداد الاستعماري والتحرر من الاتفاقيات والمعاهدات الاسترقاقية والانسحاب من كتلة الإسترليني وقانون الإصلاح الزراعي واستعادة حقوقنا من شركات النفط الاحتكارية والانعطاف نحو المعسكر المعادي للإمبريالية والمطالبة بالحريات العامة والخاصة وقانون الأحوال الشخصية هذا وغيرها من الانجازات. وكان للحزب الشيوعي العراقي بقيادة الخالد سلام عادل بصمته في كل تلك الانجازات.
لا يمكن الحديث عن سلام عادل دون التطرق إلى موقفه البطولي في التحقيق واستشهاده الاسطوري وشجاعته الهائلة التي واجه بها الجلادين الفاشست وهم يمارسون معه كل ما أتقنوه من فنون التعذيب يفوق قدرة البشر، وأية كلمة يمكن أن تقال بحق هؤلاء البعثيين الوحوش وهم يتلذذون بقطع أوصاله أو ضغط عينه حتى تسيل دماً وتفقدا ماء البصر وكيف قطعوا أعصابه بالكلابتين أو كيف واصلوا ضربه على الرأس حتى لفظ أنفاسه دون أن يتفوه بشيء مما يريدوه، فتحول إلى أيقونة في صموده الاسطوري أما جلادوه فذهبوا إلى مزبلة التاريخ.
المجد والخلود للقائد الفذ.