الإخفاق الحكومي السياسي والاقتصادي والخدمي والأمني ربما يساعد الساعين لخيار التغيير على الرغم من أن الاستقطاب الطائفي والمال السياسي وشراء الذمم والمصالح والتدخلات الخارجية, عدم مُحاسبة الفاسدين والسماح لهم بالهروب والسفر للخارج. ستؤثر بالحياة السياسية. ولإنتاج مشروعاً وطنياً عابراً للطوائف والاعراق مستندا إلى مبادئ المواطنة ودولة القانون والمؤسسات وتجاوز أخطاء التجربة السابقة خصوصاً الرغبة في التغيير الذي تتطلع اليه الجماهير للخلاص من البؤس الاجتماعي والاقتصادي وترشيد الحياة السياسية. ان إدارة التغيير تعني التحول لمواجهة الحالة الجديدة وإعادة ترتيب الأمور الداخلية أو الخارجية أو كلاهما، لإحداث تغيير إيجابي وتفادي السلبي، في محاولة الوصول لأعلى مستويات الجودة في العمل. حدوث تغيير ثم تقوم بما يلزم للتعامل معه ومحاولة الترميم والتعديل والدفاع عن المنظمة كردة فعل طبيعية للبقاء، وغالباً ما يكون ذلك بالتخفيف من الآثار الناتجة عن التغيير دون الاستفادة من الفرص المتاحة. ووضع الخطط والاستراتيجيات وتوقع النتائج، مع الاستفادة من الفرص التي يمنحها التغيير. ولا يمكننا تعميم تعريف تحليلي لمفهوم النخبة صالح لكل زمان ومكان فهناك مراحل تاريخية كانت النخب فيها تلعب دوراً كبيراً في وعي قضايا المواطن والمجتمع والأمة في مجتمعات محددة ولم يكن ذلك مرتبطاً بالضرورة بمجموع الشبكة الاجتماعية التي تشملها هذه الكلمة بأكثر تعريفاتها عملية بل غالباً يرتبط بمن بالمتخلّين اجتماعياً وسلطوياً عن هذا الوضع أي ليس بمن يفكر بالثقافة كمشروع سلطة بل بإدراك دوره النقدي كسلطة مضادة بامتياز وهنا تظهر العلاقة بين النخبة والمجتمع بين الثمقف والمشروع الحضاري لمجتمعه. والنخب تختلف من عسكرية إلى سياسية وثقافية ودينية وعلمية ,إلاّ أنَّ الفصل في قوة وسيطرة النخبة يعود بالدرجة الأولى إلى ما لديها من قدرات تنظيمية كبيرة أي على قدرتها على التماسك في مواجهة القوة الأخرى في المجتمع . وبالتالي فقد اعتادت هذه النخب على أن تظل بعيدة عن الناس / العامة ومنكفئة على ذاتها في أبراج عاجية مغتربة وعدوانية تجاه وسطها الاجتماعي الطبيعي وفي موقع وسط بين السلطة الحاكمة التي لا تحترمها ولا تعبأ بها وبين الجمهور الذي غالباً ما يكرهها ويحمّلها مسؤلية التراجع والتردي .أن خصوصية النخب العربية أذابت الفوارق بين المجموعات التي تكون النخب وخلافاتها الفكرية فجعلت النخبة حزمة واحدة تتحالف ضمنيا ضد العوام الذين يرفضون (1) وجود النخب لاعتراضهم على الطريقة التي تبدو لكثير منهم لا أخلاقية في تشكيل جزء كبير من النخب السياسية والاقتصادية إلى شعور الجمهور بالضغينة تجاه العزلة التي ذهبت إليها النخب, كحركة فكرية تسعى للتغيير والإضافة فالانفصام بين العوام والخواص أخذ يتصاعد إلى حد القطيعة التامة.فقوى التغيير تحتاج إلى إرادةٍ قويةٍ وعزيمة وتصميم ، واتباع وسائل وطرق ملموسة للوصول إلى هدفٍ معين وهو التغيير في المشهد السياسي. وتيار الوطنية العراقية يبحث عن حيز في الانتخابات ، فهو تيار قوي بمحاججاته واستيعابه لتجربة السنين الماضية، انه تيار لا يريد ان يحول معركة بناء الدولة الى صراع اسلاميين وعلمانيين، ولا صراع قوميين وأمميين، او صراع قوى محلية ضد قوى خارجية، فقد استهلكت الصراعات الايديولوجية والاحلام الثورية ، وحان الان موعد حصاد التجارب المريرة ووضعها موضع تطبيق ليكون التركيز على بناء العراق ودولة العراقيين بلا صراع ايديولوجيات ولا احلام طوباوية، انها مراهنة خطيرة على وعي لم ينجز بناء نفسه بعد. والانتخابات هي المحطة الاخيرة التي تحسم اتجاهات الرأي العام، بعد جدل سياسي وانتخابي وخطابات ساخنة مليئة بتصورات ورؤى القوى المتنافسة على السلطة. التغيير الحقيقي يكون بنّاءً ومفيداً، حينما تعرف قوى التغيير كيف تبني وعيها ووعي جمهورها بفضح خطاب الذاكرة والهوية بوعي مستنير وليس بشعارات وانفعالات غاضبة.وعلى قوى التغيير الديمقراطية العمل الجاد ، على اتخاذ المواقف والإجراءات اللازمة لوقف دعم نظام "المحاصصة والفساد والقتل". ما نشهده منذ تشرين الاول ولادة جيل جديد من الاحتجاجات العراقية لا تتوقف مطالبه عند توفير الخدمات وتحسين الظروف الاقتصادية والتخلص من فساد الطبقة السياسية، بل يتميز أيضًا في كونه نابعًا من شعور عميق بالانتماء إلى وطنية عراقية صاعدة تؤمن بأن الاستقلال السياسي عن أي محور إقليمي ودولي، هو مدخل لتغييرات لا غنى عنها لتحقيق بقية المطالب، وتمهد لإصلاح سياسي يبدو مستحيلًا في ظل طبقة سياسية يتم التحكم بها من الخارج، وفي ظل اقتسام المغانم بين الفصائل المسلحة والجماعات الدينية في الداخل.
ومن اسباب الأساس الفاشل للعملية السياسية في العراق بعد 2003، وما حمل معه من كوارث, الدستور العراقي الذي تمت كتابته بصورة مُستعجلة، وبإشراف المحتل، وهو لا يصلح كأساس لمشروع سياسي ديمقراطي لأنه لم يُكتب بإرادة شعبية حقيقية، وتركز مواده على الاختلافات المذهبية والقومية والقبلية على حساب العراقيين ووحدتهم وفيه الكثير من العيوب والتناقضات. وما نشاهده من الاحتجاجات العراقية لا تتوقف مطالبة بتوفير الخدمات وتحسين الظروف الاقتصادية والتخلص من فساد الطبقة السياسية، بل يتميز أيضًا في كونه نابعًا من شعور عميق بالانتماء إلى وطنية عراقية صاعدة تؤمن بأن الاستقلال السياسي عن أي محور إقليمي ودولي، هو مدخل لتغييرات لا غنى عنها لتحقيق بقية المطالب، وتمهِّد لإصلاح سياسي يبدو مستحيلًا في ظل طبقة سياسية متخبطة ، وفي ظل اقتسام المغانم بين الاحزاب.
وعلى السلطة والنخب السياسية في ضمان التعايش السلمي، فان الأمر منوط بحراك اجتماعي لتعزيز السلم الاجتماعي والأمن الإنساني، هذا الحراك ينبغي أن لا يستبعد أحدا حتى البنى التقليدية وفي مقدمتها العشائر التي ساهمت فعلا في إخماد الفتنة من خلال امتداداتها المتنوعة، وعلى منظمات المجتمع المدني الذي نمتلك أرقاما خيالية لإعداد مؤسساته داخل العراق أن يكون فاعلا حقيقيا في صناعة بيئة صالحة للتعايش السلمي، بدلا من أن يكون كثرة بلا فعل، نحن فعلا بحاجة إلى الحفاظ على اشتراطات السلم الأهلي. التغير الاجتماعي وتأثيره على التغيير السياسي، أو التغيير الاجتماعي وتأثيره على التغيير السياسي، العديد من علماء الاجتماع تناولوا هذا الموضوع على اعتبار أن التغيير الاجتماعي والسياسي ليس دائما ايجابيا، بل في بعض الاحيان يكون التغيير نحو الانحدار أي تغيير سلبي، فاذا ما استثمرت عوامل التقدم وعوامل التطور في المجتمعات الانسانية بشكل صحيح، عموما أن التغير الاجتماعي يتم وفق مراحل متعددة اذا ما اردنا له أن يكون ايجابيا، وفق مراحل متعددة ومناهج علمية واعتمادا على نظريات معينة فمنها ما يسمى احيانا بـ (النمو الاجتماعي)، بمعنى أن المجتمع يعيش حالة واضحة من النمو والتبديل في القيم والمعتقدات والسلوكيات وانماط التفكير".
و لكي تكتمل شروط وجود معارضة عراقية تعمل ضمن نظام ديمقراطي يجب توفر بيئة مناسبة تنطلق من الثقافة السياسية ودعم الناخبين لفكرة المعارضة وتفهمهم لوجودها مرورا بالتقاليد السياسية التي يجب أن تتحول من مبدأ المحاصصة الى مبدا المواطنة حينها يمكننا الحديث عن معادلة متوازنة بين السلطة والمعارضة، وذلك عوضا عن وضع نموذج يهدف الى وضع نظام جديد للدولة. ويشمل ذلك أيضا وضع حدا للسلوك السياسي للقوى السياسية التي يجب أن تعمل على عدم تأجيج الراي العام والاستقواء به لتحقيق مكاسب شخصية، وعليها أن تدرك أن دور الجماهير مهم أن يتركز في يوم الانتخابات، وان تعمل على تشكيل أيديولوجياتهم لمواجهة التحديات التي يواجهها الجمهور العراقي. وبالمثل، يجب على جميع الأحزاب السياسة وضع برامج انتخابية مقنعة وان تعمل على الوفاء بوعودها الانتخابية. وفى حال فشل المعارضة العراقية في تطوير نموذجها الحالي ستكون مجرد حبر على ورق في عملية سياسية يتصارع الجميع فيها على الثروة والسلطة.
والعراق جزء من منطقة الشرق الاوسط ومن دول العالم الثالث , والنخب في العالم العربي … في مأزق … وإن كنا للحقيقة نؤكد على أن هذا المأزق الذي تعيشه النخب العربية يعزي للدور القمعي والترغيبي الذي تمارسة الاجهزة الامنية في عالمنا العربي فدورها لا ينكر في استسلام النخب للخوف من البطش في ظل غياب الديمقراطية ووجود نظم قمعية مستبدة تزيد يوماً بعد يوم من ظاهرة الانسداد الديموقراطي ومن ثم حالة الاحتقان الذي تعيشه الشعوب العربية وبالتأكيد النخب تعاني من أزمة وتعيش حالة ضعف وفاقدة لثقة الجماهير ضعيفة الحيلة أمام النظم الحاكمة.
لقد ركزت الجهود المبذولة لإصلاح الإدارات العامة في كثير من الأحيان على تعزيز النزاهة والشفافية ومعالجة الفساد كأدوات أساسية لتحقيق الحوكمة الرشيدة، كما تُعد تلك الجهود المبذولة شر ًطا أساسيًّا لإستعادة ثقة المواطنين في المؤسسات الحكومية ,لذا ينبغي مراعاة هذه الجهود الستعادة ثقة المواطنين في المؤسسات الحكومية . و حاولت الأحزاب السياسية التكييف مع البيئة السياسية الجديدة وتنافست لتوسيع نفوذها وسلطتها.والواقع أن النظام الديمقراطي في العراق لم ينتج دولة قوية، ولا حكومات فعالة، ولا مؤسسات إعلامية تسهم في ترسيخ ثقافة الراي والراي الأخر بمهارة، فالممارسة السياسية لم تتعزز بثقافة سياسية داعمة، وأن اغلب المشتغلين بالسياسة وقواعدهم الجماهيرية اخفقوا في الفصل بين التنافس والصراع، وبين الجدل والحوار البناء ، وبين التغلب والمسؤولية، وبين الإيمان بتداول السلطة وبين الرغبة في إقصاء الأخر ، فمن اهم الثغرات في النظام السياسي العراقي عدم وجود معادلة متوازنة للمعارضة والحكومة.
ولا يمكننا إخفاء حقيقة أن النظام السياسي العراقي تشكَّل وفق مُخططات رخوة، لا تنسجم مع أسس النظام الديمقراطي السليم، وبدأ هذا الخطأ مع كتابة الدستور بإشراف المحتل الأمريكي، وشخصيات لا تعرف شيء عن آليات كتابة الدستور، وقد فصل هذا الدستور الأعور للعراق نظام سياسي مُعقد قائم على التقسيم الطائفي المحاصصاتي للسلطة، واختراع مجالس المحافظات والبلديات، ومنح الساسة امتيازات فاحشة، ورسخ أقدام نُخب وأحزاب سياسية فاسدة، لم ينتح عنها إلا فساد دمر الحرث والنسل وحطم اقتصاد العراق، وبدد ثرواته وضاعف البطالة والمشاكل الاجتماعية، حتى أصبحت آفة الفساد في المشهد العراقي جزءًا بنيويًا في النسيج السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
أنَّ أساس الفشل للعملية السياسية في العراق بعد 2003, والدستور العراقي ملغوم والمكتوب بلغة ركيكة وتمت كتابته بصورة غامضة مُستعجلة، وبإشراف المحتل ، وهو لا يصلح كأساس لمشروع سياسي ديمقراطي لأنه لم يُكتب بإرادة شعبية حقيقية، وتركز مواده على الاختلافات المذهبية والقومية والقبلية على حساب العراقيين ووحدتهم وفيه الكثير من العيوب والتناقضات. تقاسم السُلطة وفق مبدأ المُحاصصة الطائفية وليس على أساس الكفاءة والنزاهة.نظام مجالس المُحافظات والبلديات الذي لا ينسجم مع وضع العراق .سيطرة المال السياسي على الانتخابات .استغلال الدين في السلطة من قبل أحزاب الإسلام السياسي , والبرلمان المُنتخب مكون من أحزاب سياسية مُحددة تُسيطر على المُجتمع بالمال والنفوذ وبذلك يكون ولاء أغلب أعضاء البرلمان للحزب وليس للوطن والشعب. وعدم وجود المعارضة القوية داخل البرلمان. والبرلمان المُنتخب يولد بالدرجة الأساس من أحزاب سياسية فاسدة مُحددة تُسيطر على المُجتمع بالمال والنفوذ وبذلك يكون ولاء أغلب أعضاء البرلمان للحزب وليس للوطن والشعب.
1-كتاب من اعداد الدكتور كمال المنوفي، استاذ العلوم السياسية بجامعتي القاهرة والكويت، بعنوان أصول النظم السياسية المقارنة.