لقد كلن الصراع بين الدول الكبرى سابقا على النفوذ للثروات الكامنة في بواطن الأرض للدول الفقيرة أو المنتجة لها والتي لها تأثير على اقتصاد بلدان العالم وخصوصا الدول الكبرى صاحبة القرارات المهيمنة على سياسات الدول الأخرى والتي استطاعت أن تُجير هذه الثروات لصالحها وديمومة تقدم بلدانها فكانت هذه الدول المنتجة ضحية لسياسات الدول الكبرى القادرة على التحكم في استغلال هذه المصادر لصالح شعوبها واقتصادها وتركت شعوب العالم تحت وصايتها فكان الصراع محتدم والاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني تحت مظلة هذه المنافع للدول الكبرى وبقية التوترات والحروب الإقليمية والدولية إلى المدى القريب وبهذا الطابع كان الصراع بين الدول العظمى على احتلال منابع الطاقة وثرواتها ودولها وأن الصراع يحتدم كلما زادت الحاجة للطاقة فالشرق الأوسط والدول العربية وخصوصا النفطية منها قد تكالبت عليها الدول الغربية واستنزفت طاقاتها وثرواتها النفطية وأضعفت تجارتها وصناعاتها وسيطرة على مصادرها أما الآن فقد اختلفت اللعبة السياسية وتغيرت الحاجة للدول العظمى المتنفذة في العالم حيث أصبحت هذه الدول تبحث ساعية عن ممرات حديثة آمنة وطرق تجارية قديمة لإحيائها ثانية للحصول على الطاقة لديمومة اقتصادها وإدامة زخم حروبها بعد ما شهدت كثيرا من المناطق في العالم من صراعات سياسية وعسكرية دائمة وسط متغيرات جغرافية جديدة في العالم ,أما الآن فقد بدأ الصراع لوضع اليد على هذه الممرات المهمة التي تؤمن تدفق الدعم اللوجستي لهذه الصراعات الجديدة كون هذه الدول ذات أهمية عظمى في حساباتها السياسية والاقتصادية والحربية لإمدادها بالسلاح في تلبية طموحاتها التوسعية في مناطق العالم بعد مشروع التقسيم الجديد والمعاهدات لرسم خارطة العالم السياسية والاقتصادية بقيادة أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا وإيران . فالسؤال المطروح الآن أين العراق وساسته من هذه الصراعات والتوترات في العالم!! وما هي الإجراءات والاحتياطات والقرارات التي تلبي مستوى هذا الخطر الجديد على شعبه ونظامه وثرواته وخصوصا من الدول المجاورة له بعد دخول النظام الإيراني على خط الصراع الروسي الأوكراني والوقوف بجانب روسيا في حربها حتى ولو كان على نطاق ضيق والعلاقات المتوترة بين إيران وأمريكا والدول المجاورة لها وخصوصا العراق وتدخلاتها السافرة في شأنه الداخلي والخارجي والتي تسببت في أربكاك المشهد السياسي للعراق ولا تؤمن نواياها على شعبه وحكامه وطموحاتها الغير مشروعة في العراق في ظل غياب حكومات عراقية قوية تُوقف هذه التدخلات المتوترة بين المملكة العربية السعودية والخليج من جهة وإيران وبين السعودية وأمريكا بعد كسر عصى الطاعة الأمريكية وخروجها من الهيمنة النفطية مؤقتا في الأسواق العالمية ولا ننسى العلاقات المتأزمة بين الصين وهون كونك والصراع بين الكوريتين ودخول قطر الغنية بمادة الغاز الذي يتسيد الطاقة في أوربا والتي تلوح به روسيا كسلاح ضد أعدائها والقوات التركية التي تستبيح الأراضي العراقية في الشمال بطريقة بشعة وكذلك العمل المشترك بين لبنان وأمريكا لتأمين الحدود للكيان الصهيوني والعمل على حمايته بشتى الطرق، وكل هذه المخاطر التي تحيط بالعراق وهو يغض النظر عن هذه الكوارث التي دفعت بالدول الأخرى اتخاذ ما يلزم من إجراءات احترازية في تأمين دولها وأبعادها عن الصراعات الدولية وخصوصا الدول التي لها تأثيرا مهما على الدول العظمى وصراعاتها أما كونها دولا ذات موقع جغرافيا أو ممرا لتمويلها بالسلاح والاقتصاد وبما أن للعراق موقعا جغرافيا مميزا منذ القدم كعقدة جغرافية في وسط الشرق الأوسط والعالم وثرواته المميزة التي تُسيل لها لعاب الدول الغربية فأن أنظارها تتجه نحوه و أعدت له البرامج ليكون له الدور الفاعل في الصراعات الآتية وقدم جغرافي واقتصادي لإمداد حروبها وتطبيق سياساتها وتطوير قدراتها الداخلية والخارجية، إلا أن الحكومات العراقية المشغولة بالسلطة وتقاسمها وصراعاتها الشخصية والحزبية على حساب مصالح الشعب الذي يزداد فقرا وجهلا وإحباطا وتراجعا في كل شيء لمقومات حياة الفرد العراقي، فمتى يستعيد الساسة العراقيون الوعي الوطني لينقذوا ما يُمكن إنقاذه لحماية العراق وشعبه من نيران هذه الحروب والمشاكل التي تحيط به .

عرض مقالات: