لم تنج نتائج العملية الانتخابية الاخيرة في العراق من الاحابيل والالتفافات عليها.. نشهد ان ذلك قد تم بدهاء بالغ من قبل الطرف الخاسر، يقابله رابح اسكرته نشوة الفوز، وغدا يغط باسترخاء الفائز الغافل الذي تصور بأنه صاحب حق مصان بعز الشرعية والديمقراطية. في حين هذه المسماة لا تساوي حتى " شروى نقير" في بازار خردة السياسة السائد اليوم. بل راح يصنع مفارقة ليست لها سابقة تمثلت بالخروج من حلبة الصراع منفرداً صاغراً لصوت حكم كان  متقاعداً لا يحق له التحكيم.. وما كان  عليه سوى ان يمنح درع الفوز الى خصمه الخاسر دون اي واعز منطقي. تاركاً اطراف مناصريه " جموع مليونية هادرة " في خضم الحيرة وسط  صخب وقهقهات متشفية.. وهنا تحتم لهذه الجماهير ان تأخذ قرارها باعادة النظر في الموقف.

كانت ثمة {هوسة} يقول فيها ذلك المهوال الفراتي " احن النخبطها ونشرب صافيها " ويبدو عندما خُبطت وراح ضحيتها أكثر من ثلاثين شهيداً في الخضراء المدججة بالقناصين مع سبق الاصرار والترصد. لم يتم شرب صافيها وانما الزم لتجرع خابطها ذاته. مع تكرارالخروج من حلبة بوابة البرلمان، فضلاً عن جلد الذات غير المبرر بما لا يليق بالبواسل "ولد الملحة" الشجعان للأسف الشديد.. كما جرد الموقف من اي بديل يذكر. وهنا ايضاً اقتضى اعادة النظر في المشهد الاخير.

ولكن يشدنا الاستدراك الى التنويه عن بقاء جمرات تلك {النهضة العاشورية المتعاشقة مع الانتفاضة التشرينية} قابعة تحت رماد ملايين القلوب المشتعلة غير القابلة للانطفاء او السكون في زمن اللاسكون.. فمن الصعب فهم وقف حركة الحياة السرمدية، التي تتسم قوانينها الموضوعية ابداً بالتحول والتغيّر والتناسل المتواصل عبر التاريخ. ولكننا نتفهم سر بقاء الجمرات ملتهبة، ونتفهم ايضاً السكون الذي يسبق العاصفة، ولهذا يغدو الترقب له ما يبرره، مشفوعاً بالامل الموثوق، وهو ذو طبع لا يقبل الاطالة، والوقوف على سدة ترابية وسط سيول مياه جارفة لا ترحم.. تأكيد اخر على ضرورة اعادة النظر في المشهد الاخير.

وعليه سيكون عبور الاختمار الثوري حدود زمانه ومكانه دافعاً لفقدان زخم فعله، بل الى زواله قطعاً. وان مبعث ذلك يعود الى امرين. فاما نقص في محفزاته او عجز في منفذاته.. ومن عتبة خط الشروع هذه ينبغي ان ينطلق الفعل المناسب في الوقت المناسب تماماً. وفي مطلق الاحوال ستجد محكمة المسؤولية التاريخية طريقها للانعقاد المشفوع بادلة الادانة الفاصلة بين مصداقية الاقدام نحو تحقيق الغاية المنشودة، وبين خرافة تبرير الخطوات الخائضة في الذاتيات المنغلقة. ان المشهد الاخير العليل يتطلب علاجا اخيرا.

عرض مقالات: