هذه المحاضرة (منتخبات من مبحث موّسع) القيتها في ملتقى جيكور الثقافي 23/ آب/ 2022

هكذا المواجهات التاريخية بتوقيت فجر الإسلام وضحاه

محمد ------------ أبو سفيان

علي ----------- معاوية

الحسين -------------- يزيد

منذ سنوات تشتغل كتاباتٌ لي على مثنوي معرفي هو:

  • الصراع داخل الإسلام
  • الصراع على الإسلام

في المحورين أحاول حفراً معرفيا أريده ُ

  • بعيدا عن الطائفية
  • تجاوزاً للنغمة المكرورة

(*)

تكلم سيد البلاغة وإمام نهجها على بن أبي طالب كثيراً عن مفهوم (الحق) وفي القرن الثاني للهجرة تكلم أبو المعتزلة واصل بن عطاء في مفهوم (الحق) وفي السياق نفسه يخبرنا أبو هلال العسكري في كتابه الهام والضروري (الأوائل) أن أوّل من صنّف الحق إلى أربعة وجوه هو واصل بن عطاء

  • ) كتاب ناطق

 (2) خبر ٌ مجتمع عليه

  • حجة ٌ عقلٍ
  • اجماع

هذه الوجوه لها علاقة بموضوعتنا فالأوجه الثلاثة توفرت للحسين ولم يخذله إلا الوجه الرابع، فالتعلق بالجاه والنفوذ والحفاظ على المصلحة الشخصية. جعلت الكافة والخاصة يرون الصمت سيد الكلام. لكن الصمت بنوعيه ورطهم بميراث من المذلة الخالدة

(*)

نسقان بالتوازي والتقاطع والمحو والاثبات يتعايشان: الدولة الأموية   وقوى الشيعة المرتبطة بأولاد علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وكلما تطورت يتسع مفهوم الشيعة الذي تموضع كتيار معارض للدولة الأموية بتوقيت نشأتها. وتتسع شبكة المنظومة الشيعة وتتفرع منها: العلوية والجعفرية والإسماعيلية والزيدية والعلي أللهية والكاكائية... إلخ وكل هزيمة تصيب الحركة الشيعية، كانت تزعزع مقومات الدولة الأموية. وهي دولة قوية اجترحت أجهزة مؤسساتية استعارتها بالمجاورة من روما وبيزنطة.. فتمكنت الدولة الأموية بريا وبحريا بأساطيلها من توسيع خريطتها وهكذا أصبحت (وحدها دولة العرب إلى نحو قرن /89/ حسين مروة/ ج1) وقمع حركات المعارضة. واصبحت أثرى دولة في العالم. لكن خلفاء الدولة الاموية على قلق دائم عاشوا. بتوقيت ثورة الحسين قلق متأت ٍ من ثورات الشيعة والخوارج وخلافة عبد الله ابن الزبير دامت أكثر من عشرين عاما وسيطرت على مساحات واسعة من خريطة الخلافة الأموية وهناك حركة عبد الرحمن بن الاشعث التي ساهم فيها القرّاء وهم من مثقفيّ ذلك العصر. وانتفاضة العبيد في دمشق وانتفاضة الترك/ 488/ حسين مروة وبهذا الصدد يقول المفكر علي سامي النشار أن مقتل الحسين

(أكبر حادث في تاريخ الإسلام السياسي والروحي / 38/ علي سامي النشار/ج2/ نشأة التشيع وتطوره/ نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام)

وحتى تسيطر الدولة الأموية تماما: أثلت منظومتها الفقهية والميدانية:

  • الخليفة هو خليفة الله على خلقه
  • شجعت مذهب الإرجاء
  • اجترح وظيفة العريف لكل عشيرة ويكون العريف مسؤولا عن تصرفات عشيرته والعريف يحاسب على تصرفات العشيرة ويكون جزاء العريف النفي إلى مكان في البحرين يسمى (الزازة) وتلغى العرافة من العطاء. أما المعارض للسلطة فيتم صلبه على باب داره.. هذا العنف نفذّه الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان

 حين قطع العطاء عن أحد القراء، لأنه انتقد سياسة الخليفة، فتم نقله من ديوانه من الكوفة إلى الري. بلغتنا المعاصرة نفاه من الكوفة.. ما فعله عثمان بن عفان هو بداءة العنف الأموي.

بالتقابل العنف الأمويّ يعني أن قوى المعارضة تمتلك مساحة جماهيرية واسعة ذات حس عاطفي وهذا الحس مزدوج القيمة يخيف الوالي الأموي و بنفس الوقت يخذل المعارضة في ساعة الصفر!!  فالسيوف مع بني أمية والقلوب مع الحسين. وهنا نسأل أين تكمن (غلطة الشهداء)؟

(1) تكمن في عفتهم عن المكر والغدر والنأي عن الإعلام المزّيف

    (2) غلطة الشهداء أنهم يطالبون بخلافة دستورية، كما جرت بعد وفاة الرسول(ص)

(3) غلطة الشهداء: أنهم يكلفون الأيام ضد طباعها

 (*)

 الحسين (عليه السلام) (طلب الخلافة بشروطها التي يرضاها ولم يطلبها غنيمة يحرص عليها/74/ عباس محمود العقاد/ الحسين أبو الشهداء) الشرط الذاتي للثورة متوفرٌ عند القائد الإمام والنخبة بيقين مطلق، نشر العدالة هو الشرط الأساس لكن الشرط الرئيس وهو توفر التنظيم الداخلي للحركة. مغيّب في الحركة الحسينية، والبينة على ذلك: وصل مسلم بن عقيل للكوفة صفر اليدين من المال. مما جعله ُ يقترض سبعمائة درهم!! كيف يكون ذلك والوقت ميسمه ُ: دينكم ديناركم؟ ولحظة الحسين الثورية يشخصها الحسين نفسه في قوله (الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت به معائشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون). وهي لحظة ثابتة وليست لحظة ضمن سياقها التاريخ في 61 هجرية كما يرى بعض المفكرين بل ماتزال تواصل حيويتها في كل العصور ضمن أنظمة السلوك الجمعي.

(*)

مَن شجع َ معاوية على بيعة يزيد؟

من يعمل مع معاوية يتفقه بجهازه الإداري. فمعاوية حين يوّلي أحدهم ما أن يراه يستقوي، حتى يسارع إلى تنحيته. المغيرة بن شعبة والٍ على الكوفة.. ما أن أستروح نية معاوية في عزله من وإسناد الكوفة إلى سعيد أبن العاص. حتى قصد دمشق

وهمس َ مكره ُ في إذن يزيد: على ضرورة أن يعقد معاوية ليزيد البيعة. يزيد لا يصدّق ذلك ولكنه يوصل كلام المغيرة إلى أبيه معاوية.  فيستدعي الأخير، المغيرة: هنا يقوم المغيرة بتذكيره

حول مقتل عثمان. وكيف ضاعت الخلافة من بني أمية

وبالطريقة هذه نجح المغيرة في بقائه واليا على الكوفة ولم يسلّم الكوفة صاغرا إلى الوالي الجديد سعيد أبن العاص. بل تكفل المغيرة في الكوفة وزياد بن أبيه في البصرة. بالعمل السري لهذه البيعة:

  • زياد واضح القول مع معاوية: يزيد للخلافة لا يصلح.
  •  فاختة: امرأة معاوية تريد الخلافة لولدها عبدالله
  • مروان بن الحكم: حاكم المدينة، ما أن سمع بالبيعة، رفضها أرسل كتابا إلى معاوية قال فيه (إن قومك قد أبوا أجابتك إلى بيعتك). وبسبب الكتاب، تم عزل مروان ابن الحكم وتولية سعيد بن العاص على المدينة.
  • يستقوي مروان بأخواله ويصحبهم معه إلى دمشق يقتحمون قصر معاوية.. فتخوف معاوية وهو يسمع مروان بن الحكم يغلظ القول عليه. لم يقطع رأس مروان بل جعل له ألف دينار كل شهرٍ، ومائة لكل من كان معه من البيت المرواني
  • سعيد بن عثمان بن عفان رأى نفسه أحق بالخلافة من كافة الامويين وبخصوص مبايعة يزيد. فقد خاطب سعيد بن عثمان معاوية بجرأة تصل حد الوقاحة :(يا أمير المؤمنين.. علام تبايع ليزيد وتتركني! فو الله لتعلم أن أبي خير من أبيه وأمي خير من أمه، وأنك نلت ما نلت بأبي) هنا تتغير المكافأة فهو لم يجزل العطاء لسعيد بن عثمان كما فعل مع مروان أبن الحكم. بل جعله واليا على خراسان.

(*)

من الجانب العلوي المشهد بالمختصر هكذا

 سليمان بن صرد:

(1) خذل الإمام علي ولم يكون معه أيام فتنة عثمان

 (2) بعد مقتل الحسن بالسُم من قبل زوجته: الشيعة تجتمع في دار سليمان بن صرد، ومن الذين حضروا: بنو جعدة بن هبيرة المخزومي. وأم هاني بنت أبي طالب. يقرر المجتمعون الولاء المطلق للحسين ونصرته العسكرية.

(3) في بيت مسلم بن عوسجة بالكوفة وبحضور سفير الحسين مسلم بن عقيل: يشهرون الوفاء المطلق: عابس بن أبي شبيب وحبيب بن مظاهر وسعيد بن عبدالله: يشهرون ولاءهم المطلق للحسين ونصرته عسكريا. أما محمد بن بشر فهو يريد النصر للحسين لكنه لا طاقة له غير ذلك. وأثناء الاجتماع يسأل مسلم بن عقيل نفسه: أين سليمان بن صرد؟ أين المسيب بن نجية؟ ورفاعة بن شداد؟ ألم يتراسلون مع الحسين ويقسمون على نصره؟

(4) يبتسم مسلم بن عقيل و يخاطب نفسه: هؤلاء الثلاثة هم الذين تخوفوا من الخليفة عثمان ولم يكتبوا أسماءهم في القائمة التي أرسلوها القراء لعثمان/ص153/ ج6/ البلاذري. 

(*)

من جانب آخر كان الحماس الثوري الشيعي يخلو من دقة التنظيم التي تحصنهُ فقد فازت الجوسسة التي بادر بها عبيد الله بن زياد واخترق التجمع الثوري الشيعي بدس مولى له يدعي أنه من الشام وزوده بثلاثة آلاف درهم للتبرع فيها لمسلم بن عقيل.

(*) الدولة المؤسساتية تتغلب على الحماس الثوري الجماهيري. من خلال تفعيل العقاب والمراقبة في تدمير أي تحرك ثوري. وهكذا قمع زياد ثورة حجر بن عديّ الكندي بواسطة تنظيم الأرباع بالكوفة. مستندا على شرعية شهادة عرفاء الأرباع الذي أعلنوا أن حجر بن عدي الكندي وأصحابه:

(1) خلعوا الخليفة

(2) فارقوا الجماعة

(3) دعوا إلى الحرب

(4) كفروا بالله

فقد قسّم زياد بن أبيه الكوفة إلى أربعة أرباع وكل ربع عليه عريفا من وجهاء العرب.

  • عمرو بن حريث، على رُبع المدينة
  • خالد بن عُرفطة العُذري على ربع تميم وهمدان
  • قيس بن الوليد المخزومي على ربع كندة
  • أبو بردة بن أبي موسى الاشعري على ربع مذحج وأسد

مدخل التعزية

مَن يستروح عبق القرآن الكريم ويتعقب هذا العبق لن يجد في سوّر القرآن كلمة (تعزية)، لكن مفردة (تعزية) متوفرة في كتب الحديث والسنة ومثبتة في فصل خاص من (كتاب الجنائز) المكرّس للأحاديث النبوية الواردة حول مراسيم التشييع وطقوس الموتى والدفن عند المسلمين/ 96 إبراهيم الحيدري. لكن عند الشيعة نلمس انزياحا دلاليا في مفردة التعزية وتأممت لعزاء سيد الشهداء. الحسين بن علي (عليهما السلام)

إذن التقرب للحسين ينتج بطريقتين:

  • مجالس العزاء وتكون عبر منبر يعتليه شخصية دينية مثلا الدكتور الوائلي ويسرد علينا جوانب من فاجعة كربلاء أو قبل الفاجعة.. أو في الطريق إلى كربلاء
  • أو الاستماع إلى مقتل أبي مخنف بصوت عبد الزهرة الكعبي في صبيحة يوم العاشر

الفرق بين المنصتين: أن الوائلي يسرد الحكاية بنبرة خطابية.. أما طريقة عبد الزهرة الكعبي فهو (النياحة) والقارئ ينوح ويتماهى وصولا إلى جعلك ترى الفاجعة الآن من خلال شاشة صوت الكعبي

 الطريقة الثانية هي مواكب اللطم والزنجيل بدءاً من الاول من المحرم حتى اليوم التاسع وصبيحة العاشر مواكب القامة

 (*)

الشعائر والطقوس

 العزاء: ظاهرة دينية / شعائرية لها خصوصيتها في العالم العربي والإسلامي، وكلمة التعزية سنجدها في كافة المعاجم: عزّى: تعني واسى وشاطر الآخر أحزانه.

الشعائر هي الجانب العملي من العبادات. سلوك جمعي من الارضي إلى السماوي

الطقوس: رموز لا تحمل دوما دلالات دينية وإنما تصطبغ بها في أكثر الأحيان. وترتبط غالباً بالعادات والتقاليد والحكايات والاساطير

ولكن الطقوس حين تتمازج مع الشعائر الدينية ترتفع الى مستوى العقيدة.

الجامع بين الشعيرة والطقس: بنية التكرار والاستمرار.

لا يمكن فهم الديني إلاّ من خلال الاجتماعي. من خلال الشعائر والطقوس يتم تخليص الذاكرة الجمعية من النسيان.

(*)

أقمار الدجى..

(1) أول رأس يقطع ويعلق على البوابات دمشق: هو رأس حُجر بن عدي الكندي في العام 51 هجري لأنه رفض أن يعلن البراء من علي بن أبي طالب. ولما حضرت الوفاة معاوية قال ما ندمتُ على من قتلتهم إلاّ على قتل حجر بن عدي/ أبن طاووس

(2) أوّل رأس حُمل من بلد إلى بلد هو رأس الثائر ضد عثمان بن عفان: عمرو بن الحمق وكان ذلك في زمن معاوية ابن سفيان الذي نصب الرأس ليتفرج عليه الناس. ثم بعثه إلى زوجة عمرو بن الحمق وكانت محبوسة بجرم زوجها ثم قام معاوية بنفيها إلى مدينة حمص حيث ماتت فيها. وهكذا دشن معاوية المساواة بين الرجال والنساء بالحبس..

(*)

ليس الحر بن يزيد الرياحي وحده ُ مَن عدل إلى جيش الحسين...

فلما على كثرتها عجزت خيل جيش عمر بن سعد على مقاومة خيل الحسين، بعث عروة بن قيس بخمسمائة من الرماة وعلى رأسهم الحصين بن نمير، فرشقوا أصحاب الحسين بالنبل وعقروا الخيل

في هذه اللحظة عدل إلى جيش الحسين أبو الشعثاء يزيد بن زياد بن مهاصر الكندي وهو من أشهر رمانة زمانه وراح يرسل سهامه نحو الرماة في جيش عمر بن سعد حتى قُتِل.

(*)

فن التعذيب الأموي ليس فنا عربيا جاهليا ولا إسلاميا، بل نسخة كوبي بيست مِن حكّام بيزنطة وهؤلاء كانوا يقلدون الرومان.

بالطريقة الوحشية تستقوي الحكومات وبالإعلام الزائف

علامتان / دسيستان

 يخبرنا الطبري في ص358 من ج5 بما يلي: يدخل الكوفة رجل متلثماً بلثام أسود وعلى رأسه عمامة سوداء مصحوبا بأشراف البصرة، أول ما يفعله الرجل المثلم عزل الوالي الاموي النعمان بن بشير. يستبشر الناس، يتزاحمون عليه مرحبين مهللين لقدومه عليهم. لم يجبهم الرجل الملثم كان مستاءً، ولما أكثروا من الترحيب بادر الرجل الشريف الواقف مسلم بن عمرو الباهلي وهو المجاور الرجل الملثم وخاطب أهل الكوفة: دعوه لحاله.. يغادرهم الرجل الملثم يركب بغلته متجولا في الاسواق، ثم يترجل ويمشي وحده يخرج الناس إليه من بيوتهم مسلمّين مرحبين.. يزداد استياءه فهو يعرفهم منشطرين: ألسنتهم مع فئة وسيوفهم مع أخرى وحين يسمع الوالي أصواتهم المرحبة بالمثلم، يتوجس خيفة، يسرع النعمان يدخل قصر الإمارة يغلق الابواب عليه وعلى خاصتّه.. ومن الجهة المقابلة يسرع الرجل الملثم ويقرع الباب بقوة، فخاطب النعمان الرجل الملثم: طالبا ً منه أن يتنحى عنه لأنه ُلن يسلمه الامانة: السلطة والولاية وكذلك لن يقتله، في هذه اللحظة ينفذ صبر الرجل الملثم، فيتجاوز صمته ويستعمل لسانه ويزجر الوالي الاموي النعمان بن بشير، سَمِعَ الصوت أحد رجال النعمان فأخبر القوم هامسا: أنه أبن مرجانة.. ولا أحد صدق الرجل إلاّ حين دخل الملثم واغلقوا الباب خلفه ُ

هذا التمسرح التاريخي الذي قام به عبيد الله بن زياد متقمصا دور الحسين ليجس نبض الشارع الكوفي يعني الكثير، وكذلك نبض الحكومة المحلية فالوالي كان محترزاً يعي أن السلطة الاموية بالكوفة منبوذة، والجماهير مع الحسين، أين ننضّد لثام أبن زياد:

  • يندرج اللثام في إطار مغالطة أهل الكوفة
  • اللثام توأم القناع ومن خلال فاعلية التمويه سيعرف أبن زياد أن منسوب حركة الحسين ومديات تطورها
  • ينفعه التكتم في كيفيات قمع الحركة فالمتكتم يتجسس
  • التزام الصمت وتعطيل الكلام يتوافق مع مجيئه شبه الفردي مع قلة من رجاله.

 لكن الوالي الجديد عبيد الله بن زياد سيفعّل السلطة الاموية بالعنف اللانهائي، وبالطريقة هذه يفكر الكوفي بمصالحه لا بدينه

(*)

أشراف البصرة الذين رافقوا والي البصرة عبيد الله بين زياد

(1) المنذر بن الجارود العبدي: وهو صهر عبيد الله بن زياد وهو مَن سلم كتاب رسول الحسين، إلى ابن زياد: بذريعة ربما الكتاب والرسول من تدبير الوالي أبن زيا

(2) مسلم بن عمرو الباهلي: بصري عريق وهو صديق و نديم يزيد بن معاوية

(3) شُريك بن الأعور الحارثي وهو شديد التشيّع، شهد موقعة صفين مع عمار بن ياسر. وكان شُريك يغدق الهدايا والاموال على أبن زياد وغيره من ولاة بني أمية!! هل يفعل ذلك من باب التقية؟ علينا تفكيك شفرة المصاحبة، لنخرج مسلم الباهلي منها. أن أبن زياد لا يخلو من دهاء متوارث. لقد جلب الشريفين الشيعيين المنذر العبدي، وأبن الأعور: لكي لا يتحالفا مع شيعة الحسين في البصرة، لذا جلبهما معه إلى الكوفة. وكذلك ربما سيكلفهما في الكوفة بمساندته شخصيا من خلال عشيرتيهما. ثمة شفرة مهملة التقطتها قراءتي فرأت فيها منفذا مضيئا: الشفرة مكنونة في ج5 / ص361 من كتاب الطبري التي تصف ما جرى لعبيد الله بن زياد وهو في الطريق من البصرة إلى الكوفة: (.. ولم يكترث عبيد الله بن زياد بمن تخلى عنه ُ بل واصل طريقه ُ إلى أن بلغ َ القادسية، حيث تخاذل عنه ُ وتركه ُ مِهران مولاه. وطلب الوالي من مولاه أن يبقى معه حتى يبلغ قصر الإمارة بالكوفة وله مكافأة مائة ألف وبالتالي ألتحق مهران مولى عبيد الله بالحسين بن علي... وحده ُ دخل عبيد الله بن زياد الكوفة وفي حالة انعزال وضعف).. ما بين القوسين تصنفّه ُ قراءتي بالسرد الكاذب فهو لا ينطبق على شخصية رجل باطش مثل عبيد الله أبن زياد فليس بمقدور من يكون معه أن يتملص عنه ولا يطيعه ُ والمسرود بين قوسين نتاج الشعور بالذنب من قبل الشيعة وهو مكتوب بعد الفاجعة وتحديدا بالقرن الثاني. أما عبيد الله أبن زياد، فهو (مؤسس الدولة السلطوية وفارض الاستبداد والعسف والممارس للقسوة في الضرب على إيدي الأعداء/ 320/ هشام جعيط/ نشأة المدينة العربية الكوفة)

التسلسل التاريخي للعزاء الحسيني في العراق

2-2

(لو تُرِك القطا لغفا ونام): الحسين بن علي (عليهما السلام)

ماذا تقولون إن قال النبي لكم   

                                      : ماذا فعلتم وأنتم آخر الأممِ

بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي   

                                   منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم

ما كان هذا جزائي إذا نصحت لكم

                                أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي

هذه المقطوعة الشعرية تنسب لبنت عقيل بن أبي طالب كانت تخرج في نساء وتطوف في المدينة. شخصيا أعتبر هذه المقطوعة ونواح النساء ولطمهن في الهواء الطلق هي أول (نياحة) على الحسين بن علي (عليهما السلام)

(*)

في بلاط يزيد ورأس الحسين بين يديّ يزيد، وكان يجالسه يحيى بن الحكم وهو أخو مروان بن الحكم يرتاع من فعلة يزيد مع الحسين فيرتجل يحيى بن الحكم هذين البيتين:

(لهام ٍ بجنب ِ الطّفِ أدنى قرابة ً

                          مِن أبن زيادِ العبدِ ذي الحسبِ الوغل ِ

سمية ُ أمسى نسلهُا عددَ الحصى

                                     وبنت ُ رسولِ اللهِ ليست بذي نسلِ)

فيسكته ُيزيد بلكمة ٍ على صدره ِ. وهذا دليل ٌ أن جريمة يزيد يستنكرها قومٌ من الامويين.

 (*)

 ثمة قطع معرفي ونقلة من الماضي السحيق إلى مرحلة جديدة وملتبسة من تاريخ بلادنا

 منذ نيسان 2003 حدثت مستجدات طارئة على العزاء الحسيني

(*)

الكتب التي تتناول مقتلة الحسين والتي يستند عليها قراء المجالس الحسينية:

  • مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الاصفهاني
  • المقتل: عبد الرزاق المقرم
  • المجالس السنية: محسن الامين العاملي
  • مقتل أبي مخنف هو المتداول عراقيا ونسمع بصوت عبد الزهرة الكعبي صبيحة العاشر من محرم

لكن في كتاب (الملهوف على قتلى الطفوف) يخبرنا المؤلف ابن طاووس أن المقاتل القديمة لم يبق منها إلاّ الاسم فقد (حُرقت وسُرقت وأتلفت) وعددها (33) مقتل ويخبرنا أن مقتل (أبو مخنف) فهو من تأليف: (أبو مخنف) لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سالم الأزدي الغانمي. وأبو مخنف شيخ أصحاب الاخبار بالكوفة ووجههم. وهو ثقة في الرواية فقد روى عن جعفر بن محمد عليهما السلام. وما يقوله الكشي لا أساس له من الصحة فأبو مخنف لم يكن من أصحاب علي والحسن والحسين. والصحيح أن أباه (يحيى بن سعيد) كان من أصحاب علي أما أبو مخنف فهو على نهج علي ولكن لم يلقه. ولدى (أبو مخنف) كتاب عنوانه (مقتل – قتل – الحسين). وفي هذا الصدد يرى الشيخ فارس تبريزيان وهو من قام بتحقيق وتقديم كتاب (الملهوف على قتلى الطفوف) لأبن طاووس الروية التالية (وكتاب مقتل الحسين الذي طبع مؤخراً منسوباً إلى أبي مخنف ليس له قطعاً بل لبعض من تأخر عنه، وأحتمل بعض المحققين أنه للسيد أبن طاووس، أخذه من مقتل أبي مخنف وزاد عليه ونقّص. /34) وحين نسأل من أين وصل إلينا مقتل أبي مختف، إذا كانت المقاتل الحسينية قد تم تدميرها؟ بشهادة أبن طاووس؟ الجواب لا يتوفر إلاّ لمن تمعن في كتاب (تاريخ الرسل والملوك/ الطبري) وهذا يعني إننا حصلنا على عينات من كتاب أبي مخنف، لأن الطبري ضمّن في كتابه بعضا من مقتل أبي مخنف

(*)

طالما سألتني ذاكرتي في حيرة المؤرخ الذي يريد يؤرخ للفاجعة الكبرى يوم العاشر من محرم. أين كان يتواجد في ساحة الوغى؟ كم المسافة بين المتبارزين وبين الشاهد المؤرخ؟ وهنا تستعين قراءتي برأي الناقد سعيد الغانمي وهو يقول (لو أخذنا تمثيلا ً الروايات التاريخية الخاص بمقتل الإمام الحسين بن علي كما ينقلها الطبري عن (مقتل أبي مخنف) لتمثلت حيرة المؤرخ في كيفية تدوين الاحداث. فالمعروف في حادثة كربلاء أن شهودها العدول قد تساقطوا شهداء جميعا.. يلجأ إلى وسيلة سردية يتخلص بها. وتتمثل هذه الوسيلة في أن يشهد راوٍ جزءاً من المعركة مع الجيش الأموي، يرويه فيما بعد، ثم يشعر بالندم.. وسأسمي هذا الراوي ب (الراوي التواب) / سعيد الغانمي/ شعرية التأليف/ نقلا عن (ص 209 / سعيد عبد الهادي المهرج /الحكاية التاريخية عند الطبري/ دار دجلة الأكاديمية/ ط2/ بيروت).. شخصيا أقول أن حقائق التاريخ لم تصل إلينا إلاّ من خلال مخيلة المؤرخ. لذا ضمن (مناخ التحول من الذاكرة إلى الكتاب، بقيت المدونة الأولى محتفظة بالكثير من سمات المعرفة الشفاهية. لهذا نرى أن التاريخ الإسلامي تشكّل من سلاسل خبرية عُدّت مروياتها وثائق.. /160/ سعيد عبد الهادي المرهج).. واستقوى الخبر بالايدلوجيا وهكذا تقدس النص مذهبيا

(*)

طلب َ الحسين من والي المدينة مهلة ً ليعطي البيعة ليزيد، ثم تسلل ومكث في مكة أربعة اشهر (شعبان ورمضان وشوال وذو القعدة ثم خرج من مكة لثمان خلون من ذي الحجة يوم التروية/ ج3/ ص317/ البلاذري). الحسين لا بد أن يقاتل وإلاّ سيغدرون به كما فعلوها مع أخيه الحسن بالسم أو بغيره ومن جانب قدسي الحسين هو ريحانة رسول الله، كما يرى هو نفسه ويرونه الناس أجمعين. في هذه الرؤية المزدوجة القيمة يكون الحسين متعاليا على سلطة الأمويين، ومتمركزا في صرح النبوة.. الحسين حين ترغمه السلطة الأموية على مبايعة يزيد. تتداعى في ذاكرته مشاهد بني أميّة الهشة حين كانوا من الطلقاء؟ إذن الأمر في وجهة من وجهاته صراع بين الراهن الاموي المتنفذ وبين صوت العدالة الاجتماعية الثائر الحسين بن علي

(*)

الناصحون: كما جاء في ج4 /ص40 من كتاب (ابن الاثير/ الكامل في التاريخ)

(1) محمد بن الحنفية: كان ينصح الحسين مراراً، بتقديم البيعة ليزيد بن معاوية، وحين تيقن من إصرار الحسين المطلق، نصحه اجتناب الامصار وعليه إرسال رسله إلى الناس يدعوهم إلى نفسه. وكان محمد بن الحنفية لا يرى ضيرا إن أجمع الناس على غيره فإن ذلك لا ينقص من قيمته شيئا وكان يواصل نصحه متخوفا على الحسين من القتل

لذا يريده أن يستقر ولو موقتا في مكة أو يقصد اليمن. هذه النصائح النابعة من حرص أبن الحنفية على أخيه متأتية من معرفة بما يجري في دمشق، وتردده على البلاط الأموي فهو أعني أبن الحنفية قد بايع يزيدا بلا تردد/ ج3/ ص469/ البلاذري

(2) عبدالله بن عباس: أبن عباس حذرّهُ من السلطة الاموية الغاشمة ومن قوم (عليهم والٍ قاهرٍ لهم، وعماله يجبون الخراج) أبن عباس يبيّن للحسين ماهية الحكم الاموي المتقاطعة مع حقبة الخلافة الراشدية. حكم مستبد واقتصاد مزدهر بالعنف،

 ابن عباس يخاف على الحسين من الهلاك، يلح عليه أن لا يقصد الكوفة، خوفا على الحسين وعيال الحسين بين ابن عباس والحسين قرابة وصلة رحم.. يتأمل ضعن الحسين الذي حمل معه نساؤه وذريته، فتستعيد ذاكرة ابن عباس مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان أمام زوجته نائلة بنت الفرافصة الكلبية أرادت أن تحمي زوجها عثمان فإذا بسيوف الثوار تقطع أصابع يدى نائلة.. وهذا يعني أن أبن عباس يرى المقتلة ستعيد نفسها من خلال الحسين وآل بيته. لذا كان يتوسل ويلح على الحسين أن لا يقصد العراق. وما يراه أبن عباس يتقاطع مع رؤية حسين مروة الذين يرى (أن الثورة على عثمان متصالحة مع الإسلام بل هي تتسلح بمفاهيم الإسلام ذاتها.. / 435 ج1)

(*)

هناك من يعترض على خروج الحسين بنسائه وأبنائه، ويرون أن الافضل هو خروجه وحده مع أنصاره، وعليه أن يترك عائلته في مكة فذلك حتى لا يرون الحرب وما يجري فيها، يخبرنا أبن طاووس في (الملهوف على قتلى الطفوف): أن الحسين لو تركهن بالحجاز أو غيرها من البلاد كان يزيد بن معاوية أرسل مَن أخذهن إليه/ 142 وسيهدده يزيد بهن ويحرمه من نعمة الجهاد. من جانب آخر نرى أن ما فعله الحسين ليس بدعة كان المقاتلون في وقعة ذي قار يصطحبون حلائلهم وذراريهم. وكان المسلمون والمشركون معا يصطحبون الحلائل والذراري في غزوات النبي وكان مع المسلمين في حرب الروم صفوة نساء قريش وعقائل بيوتها وكان النبي يصطحب زوجة أو أكثر من زوجة في غزواته وحروبه. وهي عادة عربية عريقة يقصدون بها الإشهاد على غاية العزم وصدق النية فيما هم مقبلون عليه/ 72 / عباس محمود العقاد / أبو الشهداء الحسين بن علي؟

(3) الشاعر الفرزدق: يا حسين القلوب معك والسيوف مع بني أمية

(4) عبد الله بن مطيع العدوي: وهو يقود عياله وأهله إلى مكة صادفه في الطريق رجل قريشي وهو عبدالله بن مطيع العدوي فسأل الحسين عن وجهته فعرف منه أن يريد العيش في مكة ومنها يستخير الله أين يكون مقصده ُ. هنا ألح العدوي على الحسين أن يقيم في مكة فهو سيد العرب ولا يعوّضه أهل الحجاز بسواه. يشعر الناس أن خروج الحسين خطبٌ عظيم. رجلٌ بمنزلة الحسين يشعرون به مطاردا

لذا يخاطبه العدوي (لنُسترقّن بعدك) أن يتحول المسلمين عبيدا أرقاء ً

وهذا ما سيجري في موقعة (الحرة) في 64 للهجرة.. هنا تتكشف لنا هوية العدوي المنحازة للحسين ولآل بيت النبوة

 (5) عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي: من الاشخاص الذين يرون بالحسين قيمة دينية كبرى لذا نصحه المخزومي بعدم التوجه إلى الكوفة، وكانت نصيحة المخزومي تتضمن وعيا مؤسساتيا فالرجل يخاف عليه من دولة حديثة قوية أقامها معاوية مستفيدا من أجهزة الدولة البيزنطية المتاخمة له: دولة مؤسسات قائمة بذاتها كالنظام الإداري والمالي وتوفر السيولة المالية التي تعين الدولة من شراء الذمم / 63 بثينة بن حسين

(*)

  • ليس الصراع بين (الإمامة والسياسة) كما يرى ابن قتيبة في كتابه بل هو صراع بين الولاية والخلافة.
  • في عهد المتوكل العباسي منِعت مجالس عزاء الحسين ومنعت زيارة الحسين وأمر المتوكل بهدم قبر الحسين وهدم ما حوله من البيوت.
  • يرى المستشرق بروكلمان أن سليم بن قيس الهلالي هو أوّل من ألف كتاباً في الفقه الشيعي. ولاذ بالهرب من الحجاج بسبب ذلك / 36
  • أول عزاء للحسين أقامه المختار بن يوسف الثقفي في داره بالكوفة بمناسبة عاشوراء كما أرسل بعض النادبات إلى شوارع الكوفة لندب الحسين. وكان الغاية من مجلس العزاء لتخليد الحسين وتحريض الناس للثورة ضد جور الحكم الأموي.
  • يخبرنا ياقوت الحموي وابن خلكان في وفياته: أن الشيعة الاوائل كانت تجتمع في بيت من بيوت الأئمة أو في بيت أحد أنصارهم ويقيمون (النياحة) وأن الشاعر (الناشئ الأصغر) كان يعقد مجالس النياحة وأحيانا بسببها تحدث اشتباكات بين الشيعة والسنة ونشوب حرائق في 346 هجرية وتم تعطيل صلاة الجمعة في مساجد بغداد، ماعدا مسجد براثا، وإلقاء القبض على جماعة من بني هاشم واعتقالهم في دار الوزير ويطلق سراح في اليوم التالي/ 53/ إبراهيم الحيدري/ تراجيديا كربلاء
  • العصر العباسي الاول ظهرت المذاهب الاربعة: الحنفية والمالكية والحنبلية والشافعية تحت قوس (أبناء السنة والجماعة) وبالمقابل تأثلت (شيعة علي).
  • يخبرنا أبن الجوزي: أن اللطم في عاشوراء بدء في منتصف القرن الخامس للهجرة.
  • هادي العلوي والتسنن: يرى العلوي أن التسنن في العراق ظهر في القرن الثالث الهجري في العراق وبدعم من المتوكل العباسي.
  • ظهور السلاجقة شجع التسنن واصبح التشيع محصوراً في العراق وإيران ولبنان.
  • البويهيون: في زمنهم تأسست دولة شيعية في العراق، وقام عضد الدولة ببناء ضريح كبير للإمام علي بن أبي في النجف وضريح للإمام الحسين في كربلاء وانتعشت مراسيم العزاء في المدينتين.
  • في العاشر من محرم 353 هجرية جرت لأول مرة احتفالات فريدة في بغداد في ذكرى استشهاد الحسين وبأمر من معز الدولة أغلقت الاسواق وتوقف الطباخون عن الطبخ وفرغت الاحواض والصهاريج مما فيها من الماء وسارت النادبات في شوارع بغداد سوّدن وجوههن حللن شعورهن مزقن ثيابهن يلطمن وجوههن وينشدن مرثية حسينية/ كامل الشيبي / الفكر الشيعي.
  • في القرن السابع للهجرة جرت مركزية العزاء الحسيني فقد أصبحت قراءة المقتل عادة متبعة في عاشوراء وكان الخليفة المستنصر بالله قد أمر المحتسب جمال الدين بن الجوزي (منع قراءة المقتل في يوم عاشوراء والإنشاد في سائر المحال بجانبيّ بغداد سوى: مشهد موسى بن جعفر)
  • نكاية بالأمويين والعباسيين ظهرت حالة شعرية حسينية أطلقوا عليها (شعر المكتمات) وكانت الريادة فيها للشاعر عبيد الله بن الحر الذي قبل أن يغادر الكوفة رأه الحسين وأرسل بطلبه، غير أنه غادر الكوفة ولم يعد إلا بعد مقتل الحسين وقد عرف كيف يتملص أثناء استدعاءه الى دار الامارة وهو داخلها. وهناك الشاعر إسماعيل الحميري

ودعبل الخزاعي ويزيد أبن مفرغ.

  • تطورت النياحة إلى قراءة (مقتل الحسين) لابن نما وكذلك مقتل ابن طاووس.
  • هناك تنويع تجاور مع النياحة، أعني (شعر المكتمات) حيث قرأ الشاعر إسماعيل الحميري قصيدة يرثي الحسين بها في حضرة الإمام الباقر / 56.

(*)

 الحكم العثماني

أثناء الاحتلال العثماني أصدر الولاة مراسيم منع وتحريم العزاء الحسني. فلجأ الشيعة إلى الطرق السرية وهي إقامة عزاء الحسين في البيوت وفي 22 حزيران 1802 هجم الوهابيون نهبوا ما في ضريح الحسين وهدموا قبره واستباحوا المدينة وسقط أكثر من خمسين شيعا في داخل ضريح الحسين ومئات القتلى في الصحن الحسيني وكان توقيت الهجوم الوهابي مع عيد الغدير.

(2) وبمؤثرية الهجوم الوهابي على كربلاء والنجف والبصرة حدثت نقلة في العزاء الحسيني مثل حيث المراسيم فصار العزاء يحتوي خطبا ثوريا تلهب الحماس في الناس وتفهمهم أن هذه الحملات المعادية تعيد ما جرى في كربلاء 61 هجرية.

(3) داود باشا الوالي العثماني في العراق (1817-1831) كان من المتشددين مع العزاء الحسيني بذريعة أن هذا العزاء وسيلة دعائية تقوم بها الدولة الإيرانية. وكان منع الوالي قيام أي شعيرة من شعائر العزاء الحسيني. هنا نقلة من مكانية جديدة بالتسلل التالي

حيث أنتقل العزاء من ظاهرة الأرض إلى باطنها، وفي هذه الصدد يخبرنا الباحث الكبير الدكتور علي الوردي (أضطر شيعة العراق إلى إقامة مجالس التعزية في السراديب بعيداً عن العيون والأسماع، كما اضطروا إلى ترك امرأة تدير الرحى في صحن الدار لكي لا يسمع المارة في الشارع صوت من يقرأ أو من يحضر مجلس العزاء/ص110/ ج2/ لمحات اجتماعية).

  • المتغير السياسي يحدث العكس. بعد الإطاحة بحكم المماليك في العراق 1831 أصبح علي رضا واليا على بغداد.

 ووعدهم الوالي الجديد ستكون مجالس العزاء على سطوح البيوت

في 21/ 3/ 1832 تقيم أحد العوائل الشيعية مجلس عزاء الحسين في بغداد العشرة الاولى من شهر محرم وبحضور الوالي علي رضا.

  • عزاء الحسين والعلاقات الدولية: في 1869 أصدر الوالي مدحت باشا مرسوما (يمنع إقامة مسيرات المواكب وهدد بمعاقبة من يقيم مجلس عزاء وحدث المنع في 1870 وهناك من يرى أن سبب الالغاء هو الثري الهندي إقبال الدولة وهو من سكنة الكاظمية، فقد هدد بسحب المبالغ الضخمة التي ساعد بها مدحت باشا لبناء مدرسة الصنايع ببغداد/ 67/ إبراهيم الحيدري)
  • ثم تبدأ مجددا مجالس العزاء وبموافقة الباب العالي. لأسباب سياسية. لم يتصالح الوالي العثماني والشاه الإيراني. موافقة الوالي سببها الخوف من الحاكم الألباني لمصر.

محمد علي باشا الكبير، الذي كان يتواصل مع عشائر العراق

والمدن العراق الكبيرة وخاصة المدن المقدسة.

  • هنا أعني في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. حدثت نقلة في المكان. وانتصبت مؤسسات شيعية بصيغة حسينيات
  • أولى الحسينيات في الكاظمية 1876
  • أولى حسينيات كربلاء لنزول زوار الحسين في 1906
  • حسينية الشوشوترية في النجف 1884
  • حاكم بغداد العسكري البريطاني أي هوب يغلق تياترو من اليوم الاول لمحرم حتى اليوم الثالث عشر ويعلن ذلك في جريدة (العرب) 8 تشرين الاول 1918 بالمقابل قدم وجهاء الشيعة والعلماء(تشكرا) للحاكم البريطاني في الجريدة نفسها
  • أقيمت التعزية بأشراف الحكومة البريطانية وبحراسة من قبل الجنود البريطانية وكانت الموكب يجري تشابيه يوم العاشر وقد وصفت كل ذلك لأول مرة في جريدة (العرب) البغدادية
  • النقلة الثانية أنه أن شيعة الكاظمية أقامت العزاء الحسيني في جامع (الخلاني) وفي التقارب الطائفي بين الشيعة والسنة متأت من لحظة الاحتلال البريطاني
  • من الجانب الرسمي أعلنت المملكة العراقية عطلة رسمية في الاول من محرم والسماح للشيعة بإقامة مراسيم العزاء.
  • عاشوراء 1927 صدامات بين الجنود والمواكب في صحن الكاظم وسقوط أربعة قتلى لسبب اخلاقي: تحرش أحد الجنود بإحدى النساء.
  • تحولت التعازي من الديني إلى المطالب الجماهيرية المشروعة، مما أدى في 1928 إلى منع المواكب الحسينية والتضييق عليها ويمنع دخول النساء لصحن الامام الكاظم
  • تعود المواكب والتطبير ويشارك ملك الاول في عاشوراء ويقدم كل أنواع المساعدات للمواكب وقدم هدايا للمثلثين والنائحين.
  • 1932 الحكومة تمنع المواكب يتوجه الناس لأقامت الشعائر في كربلاء.
  • لأسباب سياسية وليست دينية يمنع رئيس الوزراء ياسين الهاشمي: التعزية وعيا ً منه أن مواكب العزاء والنوحيات التي تلقى فيها لها دخل كبير في انتفاضة الفرات الأوسط

في 1935.

  • 1953 منع مواكب الكاظمية للمشاركة في زيارة الاربعين بكربلاء
  • في البصرة منع جمع التبرعات للمواكب وفرض رقابة مشددة على مواكب البصرة المتجهة إلى كربلاء.
  • في خمسينات القرن الماضي يكون المنع مركزا على مواكب البصرة وبخاصة مواكب التطبير.
  • بعد ثورة 14 تموز واصلت مجالس العزاء الحسني نشاطاتها المنبرية لكن عبد الكريم أصدر مرسوما يمنع مواكب التطبير فقط.
  • 1968 اصبح المقتل الحسني بصوت عبد الزهرة الكعبي يبث من إذاعة بغداد.
  • 1974 استحداث تقنين مكبرات الصوت وأوقات محددة للطم في صحن الكاظمية ولمدة ساعة. وقامت الحكومة بتعيين شاعر شعبي محدد لتقديم القصائد وكان القصائد تعرض على الرقابة الحكومية وكذلك تحديد شوارع معينة للعزاء
  • 1975 تدخلت السلطات الحكومية وطالبت الخطباء والشعراء

على الاشادة بمنجزات الحكومة و اغدقت الحكومة بعطاءات للشعراء والمسؤولين عن المواكب بين (15-20) دينار وقام البكر بتوزيع الاكراميات في مواكب الكاظمية

  • 1976 تمنع الحكومة مشاية أهالي النجف الى كربلاء وكان المشاية يرفعون صور المفكر محمد باقر الصدر ويهتفون (نصرٌ من الله وفتحٌ قريب) واحتل المشاية مركز شرطة وحطم المتظاهرون كل ما في المركز وواصل المشاية سيرهم تحيطهم الدبابات والجيش وميلشيات الجيش الشعبي ومع وصولهم خان النص تفجرت المجزرة بالذخيرة الحية والقصف بالطائرات الهليكوبتر وتساقط القتلى والجرحى
  • 23 شباط 1977 تنشر مجلة ألف صورة قادة التظاهرة وتفتري ضدهم وتنشر جريدة الجمهورية قرار المحكمة الخاصة. الرقم 215 والمؤرخ في 23 شباط 1977 بالحكم بإعدام ثمانية أشخاص وبالسجن المؤبد لخمسة عشر شخصا. والافراج عن سبعة وثمانين شخصا
  • 1980 تمنع جميع المراسيم الحسينية

 مسك ُ العزاء

 العزاء: فاعلية التشهير بالجريمة، لذا كان يمنع إقامة مجلس الفاتحة على الذين يقتلهم: طاغية العراق، لأن ذلك يدين القاتل. وهذا الدرس تلقفه الطاغية من الأمويين. فهم يرون في العزاء حركة احتجاج على جريمة قتل الحسين، لما تحتويه التعزية من فن الخطابة والقاء القصائد التي تعظّم دوره الشهيد. والعجيب أن الدولة العباسية كانت اشد عداءً لإقامة العزاء الحسيني

وتحول بمرور الوقت: عزاء عاشوراء أدانة لقتلة الراهن العراقي، وتمازج الديني بالسياسي وأصبح العزاء الحسيني في العراق لافتة سياسية تندد بالوضع الراهن. لذا صارت السلطات تخشاه خوفا على أقنعتها ومصالحها. وهكذا صار الحسن بطلا معاصر، وبعد سقوط الطاغية دخل العزاء نصا مصوراً من خلال الفضائيات الشيعة ومن خلال الموبايل أصبح ممكنا مشاهدة العزاء دون حضورك فيه.. لكل المقلق الآن أن العزاء الحسيني طرأت عليه عند البعض وهم أكثرية، مستجدات ترفضها أنظمة الوعي الجمعي العراقي. لأن الطارئ المستجد يتعارض مع السياقات الراسخة في العزاء الحسيني.

المصادر التي يغترف منها المبحث

  • ابن طاووس / الملهوف على قتلى الطفوف
  • تاريخ الطبري
  • أبن قتيبة/ الإمامة والرياسة
  • د. علي الوردي/ لمحات اجتماعية/ ج2
  • احسين مروة / النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية/ ج1
  • علي سامي النشار/الفكر الفلسفي في الإسلام/ ج2/ نشأة التشيع وتطوره
  • د. عبدالله إبراهيم/ المركزية الإسلامية
  • إبراهيم الحيدري/ تراجيديا كربلاء
  • حسين قاسم العزيز/ البابكية
  • عباس محمود العقاد/ أبو الشهداء الحسين بن علي/ ومن هذا الكتاب للعقاد نقلنا مفهوم (غلطة الشهداء)
  • بثينة بن حسن / الفتنة الثانية
  • سعيد عبد الهدي المرهج / بناء الحكاية التاريخية عند الطبري
  • رضوان السيد/ الأمة والجماعة والسلطة
عرض مقالات: