لقد سطر الأمام الحسين بن علي عليه السلام أروع الملاحم البطولية وسمو عزة النفس وعظمة التضحية أمام مغريات الدنيا حينما كان الإسلام وعقيدته على المحك في السرقة جهارا نهارا أمام أعين المتخاذلين الذين داهنوا السلطة الدنيوية وباعوا ضمائرهم ودينهم وعقولهم لكن الحسين عليه السلام بمشروعه النهضوي أستطاع أن يؤلف القلوب النقية والضمائر الحية التي قدمت نفوسها قرابين للدين الإسلامي وعقيدته ووقفت مع قائدها ببسالة للذود عن العقيدة ضد الانحراف الفكري والعقائدي الذي عصف بالأمة الإسلامية ودينها والتي تبنته بنو أمية ومن خلفها في سياستها ضد الدين وأصحابه . علينا أن نغوص عميقا في كتب التأريخ الحقيقي المنصف لانتشال سيرة الثورة الحسينية والدافع لها بدراسة مستفيضة لخروج الحسين في هذا التوقيت الزمني والمكاني الحرج من تأريخ الأمة الإسلامية كي نستفيد منها ونستلهم الدروس والعبر من أهدافها ومبادئها لترجمتها على أرض الواقع بالفكر والأسلوب التطبيقي الذي خطط لها الأمام الحسين عليه السلام لديمومتها وصيانتها من التشويه والتحريف من خلال تشذيبها من الممارسات التي خالطتها عبر الزمن بفعل الجاهلين والحاقدين والمنتفعين من هذه القضية المباركة فالحسين عليه السلام ليس مناسبة دينية شعائرية سنوية ومظلومية يحتفل بها يستدر منها العطف والدمعة بقدر ما هي عبرة وفكرة وانتفاضة وصرخة على مدى الأيام ضد الجور والظلم وصحوة للضمير والعقل والنفس بالعطاء والجود بالغالي والنفيس حاملة للرسالة المحمدية بنظريتها لطاعة الله تعالى وخدمة المجتمع الإنساني جميعا فالثورة الحسينية ثورة على الظلم والجهل لا تحدها حدود ولا زمان تتجدد كل يوم وفي كل بقعة من العالم كونها نهضة إنسانية عالمية الفكر والتطبيق فالثورة الحسينية هي خط شروع منير الطريق نحو العدالة وتنقية النفوس التي أغرتها الدنيا بزخرفها وطريق غير معبد لكل من  أراد السير به فأن نصرت الحسين عليه السلام في زماننا هذا وفي ظل هذه التحديات التي يعاني منها أنصاره ومحبيه وشيعته من المسلمين وغيرهم من المؤمنين بالله تعالى علينا أن نعيد لهذه الشخصية الزكية الفذة ومن معه من الثلة المؤمنة من أنصاره ما علق بقضية خروجه وأهدافها وتزكيتها من الطعن الذي رافقها من أنها خروج عن طاعة ولي أمر المسلمين وشق عصا الطاعة لولي الأمر لأمر من الدنيا وتفريق الأمة الإسلامية بسبب قتله بسيف جده من خلال ما روج إليه من قبل أعدائها تشويها للحقائق من قبل دهناء السلطة خدمة لمصلحة الدولة آنذاك لذا من المنصف إظهار هذه النهضة ووضعها بين يدي العالم جميعا بحقيقتها الناصعة المعالم لبيان عظمة الحسين عليه السلام وأهل بيته وأنصاره لتقر عيونه وعيون جده رسول الله محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والتسليم وخصوصا ونحن في هذا الزمن الذي تكالبت علينا الأعداء والكثير من الذين لا يتقبلون كل ما ورد على لسان الموروث الإسلامي وتأريخه لما يحمله من مغالطات وناصبية وتهويل وتزوير ومبالغة للحقائق وشعائر بعيدة عن صورتها الحقيقية وأصبحت هذه الأمة لا تستسيغه ولا تهضمه كثيرا من العقول التي تعيش في عصر الانفتاح الفكري على الثقافات العربية والعالمية وبما أننا نعتز بتأريخنا وموروثنا وشخصياتنا فلا بد من الحفاظ عليها من التزوير والمبالغة والتعصب في الطرح والمضمون وهذا ينسحب على النهضة الحسينية المباركة فاليوم نحتاج إلى وقفة جادة وعملية لإبراز هذه النهضة بصورتها الحقيقية ومرادها وسيرتها المدفونة بين طيات الكتب المعتبرة المنصفة ووضعها تحت المجهر الفكري المعاصر لفلترتها وتوضيح معالمها وعظمتها ورصانتها ومنهجها الفكري الذي حملته هذه الرسالة فالواجب علينا اليوم أن ننصر الأمام الحسين عليه السلام من خلال النظرة المعاصرة وإعادة كتابة سيرتها بمنهج علمي تأريخي بإطار العقل والدليل والتنقيب تحت الأرض وبين الكتب وتنزيهها من الخرافات والتهويل الذي أبعدها عن مضمونها الحقيقي ومرادها وتضعيفها من قبل الجهلة والمتصيدين بماء العكر الذي أجرته أعداء الحسين عليه السلام

عرض مقالات: