استبشر الشعب العراقي بفوز عدد من المرشحين المستقلين في الانتخابات البرلمانية العراقية الاخيرة، وكان قد مثل تنفس الصعداء، بسبب الاختناق والانحطاط في العملية الانتخابات، التي غالباً ما تحكمها قوانين أقل ما يقال عنها غير عادلة، ومصحوبة بتزوير نتائجها.. فحصل تصورلدى الناس بان هؤلاء طوق نجاة حيث عُقدت عليهم الامال كنافذة برلماية للتغيير. ولكن عند رصيف العبور إلى ضفة تشكيل الحكومة تبين أن أغلب النواب المستقلين قد فضحوا كذبة ادعائهم بالاستقلالية، وذلك بانحيازهم إلى صف رافضي عبور نهج المحاصصة المتكئون على ما اسموه بـ " بحصص المكونات” التي قد خيبت آمال من كان يترقبها الذين صدقوهم من ابناء تلك المكونات. بل لم يفلح هؤلاء المترقبون حتى على النجاة  بجلودهم التي سلخها الفقر والعوز والمرض والبطالة. زد على ذلك ضياع سيادة البلد.

              ان بنات وابناء الشعب يتساءلون عن ماذا دهى " المستقلين " إلى الكشف عن تدن وعيهم السياسي بهذا الشكل الفاضح من خلال انحيازهم والتخلي عن {استقلاليتهم} الصادم. حينما لم يدخلوا قاعة البرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية . بدعوى ان استقلاليتم قد تمثلت في هذا الامتناع . !! . الا أنهم تناسوا بأن عدم مشاركتهم في الجلسة البرلمانية تلك، هو اصطفاف جلي ومؤكد مع الطرف المعطل. في حين لو دخلوا قاعة البرلمان لا يعني المشاركة مع التحالف الثلاثي، ولا يعد انحيازاً إلى طرف " الاغلبية الوطنية "، انما مجرد تسجيل حضور ملزم وفق النظام الداخلي للبرلمان، بغية تحقيق النصاب ليس الا، حتى وإن امتنعوا عن المشاركة في التصويت حفاظاً على ما يزعمونه بالاستقلالية.

              وبعد ان تبين تجردهم عن استقلاليتهم، صدموا بوسع غضب وامتعاض الناس الذين علقوا الآمال عليهم وفي مقدمتهم ناخبوهم، جراء ما اصابهم من فقدان الصواب، الذي ترتبت على إثره خسارة معنوية كبيرة لهم.. بعد هذا الموقف غير المسؤول إزاء انقاذ الوطن، لابد من ان يأخذوا نفساً عميقاً لاعادة تقييم تصرفهم وتصويب خطاهم اللاحقة على طريق استكمال السياقات الانتخابية تحت قبة البرلمان المتصلة بتشكيل الحكومة. وليس الاستمرار بالتخبط تحت عنوان {المبادرات} التي في جوهرها إدارة الظهر لمسار التغيير الذي يدعون تبنيه. حيث ان المغالطات مداها قصير، و ان السيقان المرتجفة إبان ساعات المحن لا تنهض بأصحابها ولن تنجيهم من العواقب المحتملة.  بل ستسقطهم طالما بقوا في عتمة الرؤية. إن فرص الدهر التي تطرح أمام المرء لن تتكرر على الاغلب الأعم. فمن لا يتعامل معها بحنكة وحسابات واعية لابد ان تتعداه و يخسرها متحملاً تبعاتها الباهظة الثمن .

              فهل من المستقلين عليه ان يرعوي " مشتتات الحال ". ويغذ السير في ركاب قافلة الأغلبية الرامية نحو التغيير، وانقاذ الوطن من أزمته التي تكاد تنفجر بين لحظة واخرى، ومن دون ذلك سيمتلئ الافق بالكوارث، التي لا تعالجها غير ثورات الشعوب الغاضبة، وأمامنا شواهد لها في التاريخ القديم والحديث. اي انها ساحقة ماحقة وكأنها" تسونامي " جارف، او شبيهة بتجريف الادغال الضارة كي تصلح الارض للزرع وللضرع ولصنع حياة جديدة. ضمن صلب موسمها الموضوعي. وكذلك مشروطة بتوفر وحدة قواها المحركة، وثورية قيادتها المحنكة.

               

عرض مقالات: