اندلعت الحرب في اوكرانيا اثر استمرار و تصعيد الحكومة الاوكرانية لسياستها العنصرية ضد الروس في اقليم الدونباس، التي راح ضحيتها طيلة ثماني سنوات ماقارب الأثنين و اربعين الفاً من الروس القاطنين هناك، اضافة الى تدمير اجزاء واسعة من مدن الإقليم الذي يقطنه اكثر من خمسة ملايين نسمة . . على حد المصادر الروسية و قنوات البث المعروفة بحيادها بعدة لغات، التي اضافت بان روسيا قد رفعت مرات عديدة بمذكرات الى الامم المتحدة و البيت الابيض الاميركي و الاتحاد الاوروبي تطالبهم بالتدخل، و لم تتلقى منهم اي اهتمام . .
و يشير متخصصون بالشؤون الأوكرانية الى ان اوكرانيا الثرية و ذات الصراعات القومية و الدينية و الكنسية و العسكرية و احدى الدول النووية، اضافة الى وجود النزعات العنصرية فيها (التي استغلها هتلر في سنوات الاحتلال النازي) . . قد وقّعت على اتفاقية الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي مع جمهورية روسيا الوريث الشرعي للاتحاد عام 1991 بحضور ممثلين عن المانيا و فرنسا على اساس نزع الاسلحة النووية (باعتبار اوكرانيا خزان نووي كبير منذ زمن الاتحاد السوفيتي) و تحديد الطاقة العسكرية لها و ان تكون دولة محايدة يجري الحفاظ على امنها، كما تشير مدوّنات معهد السلام الالماني للامن و السياسة الدولية عام 2017 . .
و لاحظ مراقبون محايدون ان مشاكل الروس و الاوكرانيين استمرت و احدهما يتهم الآخر بالقيام بها ثم تطورت و اتّسعت من الجانب الاوكراني، بدفع و تشجيع من دوائر غربية و اميركية خاصة، دوائر ازدادت نفوذاً بفعل استثمارها اموالاً فلكية هناك، و من الجانب الآخر ازداد قلق الدولة الروسية على امنها من مؤامرات و فتن من الخارج، في خضم دورها المتنامي في الاقتصاد العالمي، و كان ان دعمت تمرد شبه جزيرة القرم و احتلتها و اعلنت الجزيرة عن انفصالها عن اوكرانيا و اجرت انتخابات شعبية اعلنت عن ذلك الانفصال و الانضمام الى الاتحاد الروسي . .
من جهة اخرى أُعلن عن توقيع اتفاقية مينسك 2015 بين روسيا و اوكرانيا بضمان المانيا و فرنسا، الزمت اوكرانيا بالالتزام بالحياد و جرى تثبيت ذلك في الدستور الاوكراني، و الزمتها بنزع الطاقة النووية و تحديد طاقتها العسكرية، و ضمان حقها بالانضمام الى الإتحاد الاوروبي . . و لكن و منذ مجئ الرئيس الاوكراني الحالي زيلينسكي للحكم بدعم غربي، ازدادت المشاكل اثر الدعوة و التحشيد للانضمام الى الناتو و الغاء فقرة التزامها بالحياد، اضافة الى المشاكل التي اشعل غالبيتها المنظمات العنصرية المعادية للروس (بعد رفع معاداتها للهنغار و اليونانيين و البلغار بفعل احتجاجات الاتحاد الاوربي لكونهم رعايا دول عضوة في الاتحاد الاوروبي) و في مقدمة تلك المنظمات (منظمة آزوف) . . التي غضّ النظر عن نشاطاتها زيلينسكي.
و لاحظوا بأن سياسة الولايات المتحدة للهيمنة و الانفراد بالسياسة و الاقتصاد العالمي اخذ يزداد اثر الانهيار المؤسف للاتحاد السوفيتي . . بعد ان عملت على تنفيذ سياسة خبيثة لسرقة و تحطيم روسيا و العمل على تحويلها الى دويلات متصارعة يسهل السيطرة عليها كما اوضح السياسي و الكاتب الروسي المعروف (يفغيني بريماكوف) في كتابه (حقول الغام السياسة)، بتحويل روسيا الثرية الى دولة بائسة تغرقها الديون . . لولا دعم المملكة العربية السعودية لها بقرض مالي هائل حينها دون فوائد في اواسط التسعينات !!
و مما يجدر ذكره، اهتمام المفكر و وزير الخارجية الاميركي الاسبق (هنري كيسينغر)، بروسيا الرأسمالية الاوليغارشية على النمط الغربي و زارها و تعرّف على ساستها ثم نشر مقالاً لافتاً في الواشنطن بوست عام 2014 بعنوان (تسوية الازمة الاوكرانية تبدأ من النهاية) اثر انفصال القرم عن اوكرانيا و التحاقها بروسيا، شدد فيه على (إذا ما أريد لأوكرانيا البقاء والازدهار، فلا يجب أن تكون في أي جانب ضد الآخر، بل يجب أن تعمل كجسر بينهما ـ بين الشرق و الغرب ـ) (يتبع)