يتميز أسلوب الإنتاج الرأسمالي بحركته الدائمة وقدرته على تجاوز تناقضاته المتلازمة ونزعته التوسعية وتدخلاته الدولية.

- تتميز حركة راس المال بمرونتها الاقتصادية – السياسية الناجمة عن تناقض مصالح طبقاتها الاجتماعية الفاعلة واشكال نزاعاتها السياسية – الاقتصادية المتنوعة.  

- المرونة الاقتصادية - السياسية المتجددة والمتعددة الاشكال مدت الطبقات الاجتماعية المنتجة برؤى سياسية تساوميه تتجاوب ومصالحها الطبقية الناشطة في أسلوب الإنتاج الرأسمالي.

- تماشياً مع ذلك أسعى الى متابعة التناقضات الاجتماعية الناتجة عن مراحل راس المال المختلفة بالترابط وكفاح طبقاته الاجتماعية.

- انطلاقاً من التناقض الأساسي في التشكيلة الاجتماعية الرأسمالية بين العمل وراس المال اندلعت نزاعات سياسية – اجتماعية بين مختلف الطبقات الاجتماعية الأمر الذي أضفى على فكر التشكيلة الرأسمالية السياسي طابع التبدل والتغيير والبحث عن الحلول الوسط التي تسمح بسيطرة راس المال السياسية على تناقضات التطور الاجتماعي.

اعتمادا على تلك الموضوعة الفكرية - السياسية اسعى الى متابعة تناقضات راس المال في مسار تطوره الكوني عبر المراحل التالية –

أولا – رأسمالية المنافسة وتناقضاتها الطبقية.

- سادت رأسمالية المنافسة تناقضات تناحرية بين الدول الرأسمالية الكبرى سادت خلالها نزاعات وحروب بين الدول الرأسمالية المتسيدة بهدف السيطرة على ثروات دول العالم الطبيعية الضامنة لتطور حركة راس المال وهيمنته الدولية.

 - المنافسة الرأسمالية بين الدول الكبرى ترافقت وشد طبقاتها الاجتماعية نحو الوحدة الوطنية بهدف انتصار راس المال الوطني في حروبه الخارجية، وبهذا السياق أثمرت المساومات الطبقية الى سيادة مفهوم الوطنية حيث استطاع راس المال الوطني بناء وحدة وطنية تحت شعار الدفاع عن الوطن وبناء دولة المواطنة الرأسمالية.

- صراعات راس المال الخارجية ارتكزت على وحدة وطنية أدت الى انتصار دوله الكبرى وتعزز قدراتها في بناء دولة المساومة الطبقية.

 ثانيا – رأسمالية المرحلة الاحتكارية.

- تميزت مرحلة الرأسمالية الاحتكارية بتلاحم الدولة واحتكاراتها الاقتصادية التوسعية عاملة على تحول مؤسساتها العسكرية الى أجهزة حربية للتوسع الخارجي.

- انتصار ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى اكسب التناقضات الوطنية - الدولية سمات جديدة تمثلت بكفاح الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية الهادف الى السيطرة على السلطة السياسية واستثمار التناقضات الدولية بين الرأسماليات المتنازعة على اقتسام العالم.

 - صراعات دول الرأسمالية الاحتكارية أدت الى نمو وانتشار الحركات والأحزاب السياسية الوطنية الرافضة للهيمنة الاستعمارية المتلازمة ونزاعات اجتماعية حول طريق التطور الاجتماعي.

 - انتشار الحركات والأحزاب السياسية الوطنية الرافضة للهيمنة الاستعمارية تكلل بظهور حركة التحرر الوطنية العالمية التي شدت الكفاح العالمي المناهض للهيمنة الكولونيالية.

 -اعتمادا على مناهضتها الهيمنة الاستعمارية اقامة فصائل حركة التحرر الوطني العالمية تحالفاً مع الدول الاشتراكية رافضة طريق التطور الرأسمالي.  

-  الدول الوطنية الناهضة تشاركت ونظم الدولة الاشتراكية في بناء أنظمتها السياسية بمفصلين أحدهما احتكار سلطة البلاد الوطنية وسيادة الحزب الواحد في الحياة السياسية مقرونة باضطهاد القوى السياسية، وثانيهما هيمنة قطاع الدولة العام على وسائل الإنتاج وتحريم الملكية الشخصية لوسائل الإنتاج.

-  نتيجة لتلك النهوج السياسية – الاقتصادية ظهرت دولاً وطنية بأنظمة استبدادية أغرقت البلاد بالإرهاب السياسي تحت شعارات مناهضة أسلوب الانتاج الرأسمالي.

- انهيار منظومة الدول الاشتراكية افضى الى سيادة وحدانية التطور الرأسمالي وما نتج عن ذلك من إعادة بناء العلاقات الدولية على أسس المنافسة الرأسمالية المتسمة بالنزاعات والحروب الإقليمية والتدخل بالشؤن الوطنية.

 - سيادة نموذج التطور الرأسمالي دولياً ترابط ودخول الرأسمالية مرحلتها المعولمة باعتبارها نسخة متطورة من الرأسمالية الاحتكارية وما نتج عن ذلك من تعدد مستويات تطور دول التشكيلة الرأسمالية العالمية وما ينتجه من نزاعات بين حق الدول في بناء سيادتها الوطنية بين الهيمنة والالحاق.   

ثالثاً –التشكيلة الرأسمالية العالمية وبنيتها الأيديولوجية.

- تتسم التشكيلة الرأسمالية العالمية بتعدد مستويات تطور دولها وما انتجه ذلك من تعدد ابنيتها الأيديولوجية المتسمة بكثرة من السمات اسعى الى التوقف عندها بتكثيف بالغ.  

1- الرأسمالية المعولمة وايديولوجيتها الكسموبولوتية.  

تتميز الرأسمالية المعولمة بنزعتها (الأممية) العابرة لمفهومي القومية والوطنية والساعية الى الهيمنة الدولية عبر بنائها مركزاً رأسمالياً (اممياً) عاملاً الى اعتماد السيادة الدولية لنمط الإنتاج الرأسمالي هادفاً الى الحاق الدول الوطنية بحركته التوسعية.

2– دول الرأسمالية المتطورة ونزعتها القومية.

- المستوى الثاني من الدول الرأسمالية يتحدد بالدول المتلحفة بالنزعة القومية الساعية الى مكافحة هيمنة دول الرأسمالية المعولمة، وبهذا المسعى تعمل دول الرأسمالية المتطورة على رعاية حركات اليمين المتطرف لغرض رفع الروح القومية ومناهضة دول الرأسمالية المعولمة.    

- حركات اليمين المتطرف تسعى بدورها الى (أ)منع الهجرة الدولية الى بلاها. (ب) تحجيم تعاونها مع الدول الوطنية. (ج) مناهضتها لقوى اليسار الاشتراكي.   

 - أخيرا نشير الى ان اليمين القومي الناهض في الدول الرأسمالية المتطورة يشكل ردا ايديولوجياً مناهضا للنزعة الكسموبولوتية التي تعتمدها المراكز الرأسمالية المعولمة.

3 – دول الوطنية الديمقراطية.  

- تسعى دول المستوى الثالث من التشكيلة العالمية الرأسمالية المتمثلة بالدول الوطنية وأغلب الدول الاشتراكية السابقة الى تبني مشروع الوطنية الديمقراطية المتمثل بالموازنة الطبقية في التشكيلات الوطنية وتوازن المصالح الدولية – الوطنية.

- استناداً الى ما تقدم يمكن القول ان التناقضات الرئيسية في التشكيلة الرأسمالية العالمية تكمن بين المراكز الرأسمالية المعولمة من جهة وبين دول مشروع الوطنية الديمقراطية من جهة أخرى وما يشترطه ذلك من بناء وحدة كفاحية بين الدول المناهضة لنزعات الرأسمالية المعولمة المتسمة بالتبعية والالحاق.

- النضال من اجل بناء عالم جديد يسوده السلام والمساواة يرتكز كما ارى على -

أولاً-- بناء علاقات دولية – وطنية تستند على المساواة بين السيادات الوطنية عاملة على مكافحة التبعية والتهميش.

ثانياً- اعتماد سياسة التوازنات الطبقية في الداخل الوطني تفضي الى شد كفاح التضامن الوطني - الدولي.

ثالثاً- بناء سياسة وطنية هادفة الى مكافحة ميول الطبقات الفرعية الهادفة الى التحالف مع العالم الرأسمالي المعولم على أساس التبعية والالحاق.

ان بناء عالم يسوده التعاون والمساواة يحتم على دول الوطنية الديمقراطية توحيد جهودها الدولية للحد من قوانين الرأسمالية المعولمة ونهوجها العسكرية التخريبية.

عرض مقالات: