انتقد الكثيرون النظام الانتخابي الحالي واعتبروه احد الأسباب الرئيسية لخسارة بعض الكتل والأحزاب، مقارنة بما حققته هذه الكتل والأحزاب عام 2018، متناسين او غير عارفين بان هذا النظام الانتخابي ليس بجديد على العراق، فلقد صادق المجلس النيابي العراقي بجلسته المنعقدة في 3 حزيران 1950على تقسيم العراق الى 72 منطقة انتخابية موزعة على متصرفياتها - محافظاتها الأربعة عشر، وكان عدد النواب 134 نائبا، 128 منهم للانتخاب العام و6 للأخوة المسيحيين، ثلاثة منهم في الموصل واثنان في بغداد ومقعد واحد في البصرة، وطبق هذا النظام على المجلس النيابي الذي تم انتخابه عام 1553، وعلى المجلس الذي تبعه عام 1958 والذي لم يجتمع بسبب تغيير نظام الحكم في 14 تموز 1958.

كان المجلس النيابي هيئة انتخابيه تمثيلية تؤلف على أساس نائب واحد عن كل 20 ألف نسمة من السكان الذكور الذين يحق لهم التصويت، ولم تكن هنالك حصة للنساء، لأنها أصلا لم يكن لها حق التصويت.  وتم تقسيم بغداد الى 13 دائرة انتخابية عدد نوابها 18 نائبا.

اما الان فلقد تم تقسيم بغداد الى 17 دائرة انتخابية، وعدد نوابها هو 69 نائبا عدا حصة الأقليات، وهي واحد للمسيحيين والأخرى للصابئة، منها على الاقل 17 مقعدا للنساء، وحصلت 13 نائبة على مقعد نيابي باستحقاقها التصويتي في 11 دائرة انتخابية، في حين لم تحصل النساء في ستة دوائر انتخابية على مقعد، لذلك يجب ان تصعد أربع مرشحات حسب حصة-كوته النساء وكما هو مقرر في قانون الانتخابات.

كانت نتائج النساء في هذه الانتخابات ممتازة مقارنة بالانتخابات السابقة، فلقد حصلت ثلاثة من المرشحات على اعلى الأصوات في دوائرهن وهن عائشة المساري في الدائرة السادسة، وعالية نصيف في الدائرة 11 ووحده الجميلي في الدائرة 14، إضافة لذلك صعدت مرشحتان اثنتان بأصواتهن في نفس الدائرة وهن عالية نصيف العبيدي ونسرين الحجيمي في الدائرة 11 وكذلك ليلى التميمي وسهيلة النجم في الدائرة 15، واذا دققنا في نتائج 2018، نجد ان من ضمن السبع عشرة نائبة فازت فقط ثلاث نائبات بأصواتهن وهن ماجدة عبد اللطيف الأولى في سائرون وانعام مزيد وترتيبها 14 في سائرون إضافة الى عالية نصيف وكان ترتيبها السابع في دولة القانون. اما الاخريات فلقد أصبحن نائبات بسبب الحصة النسائية.

ولقد حصلت 13 من النساء على مقعد لها حسب عدد اصواتها، وفشلت النساء في ستة دوائر على الحصول على مقعد لها، وكان من المفترض ان تجري عملية استبدال حسب المادة 16 البند خامسا من قانون الانتخابات، والتي تنص على ما يلي:

يتم توزيع كوتا النساء في حالة عدم تحققها وفق البند رابعا على النحو التالي:

أ- إضافة مقعد واحد افتراضي الى عدد النساء الفائزات لكل دائرة انتخابية.

ب- يقسم العدد الحاصل نتيجة العملية في الفقرة أ على العدد الإجمالي للمقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية لتحديد النسبة المئوية للفائزات من النساء في حالة الزيادة.

ج- يضاف مقعد واحد لعدد مقاعد النساء للدائرة الانتخابية التي حصلت على اقل نسبة مئوية.

د- إذا لم يتم استكمال العدد المطلوب لمقاعد النساء المخصصة للمجلس وفقا لما ورد في الفقرات أ، ب، ج سيكون هنالك عملية جديدة تبدأ من الفقرة أ مع حساب الزيادة التي حصلت مسبقا في الفقرة ج.

 سادسأً: تتم هذه العملية حتى يصل العدد الإجمالي للنساء الى العدد المخصص للمجلس.

انتهى الاقتباس، وهنا نجد ان عدد النساء الفائزات بأصواتهن هن 13 فقط ، لذلك عند تطبيق المادة خامسا اول مرة، سنرى بان اقل نسبة مئوية هي 20 بالمائة في الدائرة 12، لذلك ستحل السيدة ذات اعلى الأصوات من المرشحات وهي شيماء جعفر العبيدي من الكتلة الصدرية محل علي جاسم الغزي من الكتلة الصدرية، وبهذا سيصبح عدد السيدات 14  ولايزال هذا العدد اقل من 17، لذلك ستتكرر العملية من جديد، وفي هذه الحالة كان اقل الكسور هو 25 بالمائة في الدائرتين 1  و13 وهنا سيتم إحلال سعدة عادل الحسيناوي من الكتلة الصدرية محل رياض غالي مفتن من الكتلة الصدرية، وكذلك إحلال سناء عودة اللهيبي من تقدم بدلا من فوزي محمد حسين من المشروع الوطني، وبذلك يصبح عدد النساء 16، وهذا اقل من حصة النساء، لذلك سيتم اجراء الحسابات من جديد، واقل قيمة هي 33 وهي في الدوائر 8 و10 و16، وبما ان الحاجة هي لاستبدال مرشح فائز واحد، لذلك كان يجب اجراء قرعة لمعرفة الدائرة التي سيتم الاستبدال فيها، وهذا سوف لن يتم الا بعد استكمال النظر في الاعتراضات وموافقة المحكمة العليا على النتائج، وقد تتغير هذه النتائج بسبب التغييرات التي قد تحصل بسبب الاعتراضات، الا ان الامر تم على اعتبار انه من الضروري صعود امرأة واحدة من كل دائرة انتخابية، وهذا الامر لم يكن متواجدا في قانون الانتخابات، وهذا الامر يعتبر خرقا واضحا لقانون الانتخابات والذي حدد السيل الواجب اتخاذها عندما لا يستكمل العدد المطلوب في كل محافظة، وليس في كل دائرة انتخابية.

وقد أخطأت المفوضية العليا المستقلة عند إعلانها عن نتائج الانتخابات النهائية في البداية، واعتبرت بانه يجب ان تصعد نائبة واحدة على الأقل من كل دائرة، واشرت على مرشحة واحدة على الأقل في كل دائرة بانها فائزة، ولكنها تداركت الامر لاحقا، ورفعت إشارة الفائز على المرشحين لاحقا، وبعدها عادت لتجعل مرشحة واحدة على الأقل تصعد لمجلس النواب عن كل دائرة انتخابية.

نلاحظ ان عدد المترشحين للانتخابات كان عاليا وبلغ 912 متنافسا على 69 مقعدا، ولكنه قليل جدا بالمقارنة مع انتخابات 2018 حيث بلغ عددهم حينها 2201 مرشحا، وهذا الانخفاض كان بسبب النظام الانتخابي الجديد، والذي منع من ان المقاعد توزع حسب مجموع أصوات الكتل والأحزاب، بل حسب أصوات كل مرشح. لذلك انتهت حالة الأصوات المغالية التي كان يحصل عليها رئيس الحزب او الكتلة، ففي حين حصل نوري المالكي على اكثر من 102 الف صوت وسهل الامر لنائبة لها 2059 صوتا للصعود للبرلمان، وكذلك هادي العامري الذي جمع اكثر من 63 الف صوت وساهم في صعود نائبة لها 2375 صوتا، كما حصل مع ماجدة التميمي والتي حصلت على اكثر من 55 الف صوت وساهمت في صعود شيماء علي والتي جمعت 3716 صوتا فقط ونفس الشيئ تكرر مع حيدر العبادي الذي جمع ما يقارب من 60 الف صوت وساهم في صعود ندى شاكر والتي جمعت 1549 صوتا فقط، ونفس الشيء بالنسبة الى اياد علاوي والذي جمع اكثر من 28 الف صوت وساهم في صعود زيتون حمادي والتي جمعت 2968 صوتا، وجميع هؤلاء الرؤساء لم يشاركوا في هذه الانتخابات، لان النظام الانتخابي تغير، ولم يعد باستطاعتهم تحويل أصواتهم الى اخرين، لذلك نجد الان ان اعلى صوت حصل عليه مرشح هو حاكم الزاملي والذي جمع 23260 صوتا عن الدائرة الثانية وتلاه حسن كريم الكعبي من نفس الدائرة حاصلا على 21551 صوتا، واما اقل صوت حصل عليه فهو للنائبة مديحه حسن عذيب دبس المكصوصي من الفتح والتي رشحت عن الدائرة 8 وحصلت على 2462 صوتا، وصعدت حسب حصة - كوته النساء.

لقد رشح 40 شخصا من نواب 2018 السابقين في هذه الانتخابات اثنان منهم من خارج بغداد، وهم خالد العبيدي من تحالف النصر في نينوى والذي حصل على أكثر من 72 ألف صوتا عام 2018، ولكنه رشح نفسه على قائمة عزم في الدائرة السادسة وحصل على 4538 صوتا بعد الاعتراض، وأصبح نائبا وبفارق 3 أصوات عن عباس حسين الجبوري والذي كان في النتائج الأولية هو المرشح للمقعد النيابي. إضافة الى هيثم الجبوري والذي ترشح عن الدائرة 12 وحصل على 2275 صوتا فقط وبترتيب 16، علما بانه جمع عام 2018 على 6849 صوتا. وخسر 20 نائبا مقعده وكان أكثر الخاسرين للأصوات من نواب بغداد عبد الحسين عبد الرضا حيث انخفضت اصواته من أكثر من 34 ألف صوت عام 2018 الى 2786 صوتا الان، في حين حافظ 20 نائب على مقعده وكان أكبر الفائزين بأصوات جديدة هي عالية نصيف حيث ارتفعت اصواتها من 3327 عام 2018 الى 17811 صوتا عام 2021.

واظهرت نتائج الانتخابات بان توزيع الدوائر الانتخابية جغرافيا لم تكن عادلة، وكان هنالك تفاوت كبير بين عدد المقاعد المخصصة لكل دائرة انتخابية وبين عدد من يحق لهم التصويت في تلك الدائرة، ومن المعلومات التي وضعتها الهيئة المستقلة للانتخابات نجد بان الدائرة الثامنة مثلا، كانت فيها اعلى نسبة للناخبين الى عدد المقاعد، ففي حين ان عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت في هذه الدائرة هو 300762 شخصا أعطيت لهذه الدائرة 3 مقاعد، أي ان حصة كل مقعد في هذه الدائرة هو    100254 ناخبا  وهذا لا يشمل ناخبي الخارج وهذا الرقم كبير وكان من المفترض ان تعطى لهذه الدائرة اربع مقاعد، في حين ان الدائرة العاشرة والتي فيها عدد الناخبين هو 57408 كان لها ثلاثة مقاعد أيضا، وهذا تفاوت كبير بين حصة كل مقعد من أصوات الناخبين، وعلى المجلس النيابي القادم تعديل المناطق الانتخابية وتقسيمها بشكل عادل، والامر يتطلب اجراء تعداد سكاني، حيث كان من المفترض اجراء التعداد السكاني عام 2007، وهذا عرف جرى الاخذ به منذ العام 1937 حيث كان يجري تعداد عام كل عشر سنبن واستمر المر لغاية العام 1997، ولكن تم تأجيل الامر في كل مرة، ومضى اكثر من 25 عاما من دون تعداد عام للعراق. والامر الاخر المهم هو نسبة المصوتين في كل دائرة انتخابية، ونجد ان اعلى نسبة للتصويت كان في الدائرة الأولى وكانت النسبة46.24 بالمائة وتشمل هذه الدائرة مناطق المدائن وجسر ديالى والنهروان والوحدة، تلتها الدائرة 16 بنسبة 56.68 وتشمل الدائرة مناطق التاجي والطارمية والتحرير واقل نسبة كانت في الدائرة 15 حيث بلغت 26.05 بالمائة وتشمل مناطق البياع والعامل والسويب والاعلام والرسالة.

اما عدد الأصوات المستبعدة او غير الصحيحة فكانت متفاوتة بين دائرة وأخرى، حيث بلغت اكبر نسبة مستبعدة في الدائرة 12، حيث كان عدد المصوتين152519  في حين كان عدد الأصوات الصحيحة والتي استخدمت في الحسابات هي 98337 صوتا، أي تم استبعاد 54182 صوتا وهو يمثل نسبة كبيرة تصل لغاية 36 بالمائة من الاصوات وقد يكون احد الأسباب هو التصويت الخاص للمسيحيين والصابئة، اما اقل الأصوات المستبعدة فكان في الدائرة 9 حيث تم استبعاد 2325صوتا وهو يمثل 2.49 بالمائة وهو رقم معقول، وعلى المفوضية الإجابة عن سبب الاستبعاد الكبير للمصوتين في الدائرة 12 وكذلك في الخامسة حيث تم استبعاد 29 بالمائة من الأصوات.

 عند المقارنة بين نتائج الانتخابات الحالية والتي شارك فيها مليون واربعمائة وسبعون ألف ناخب تقريبا ولنتائج انتخابات عام 2018 والتي شارك فيها أكثر من مليوني شخص نجد ما يلي:

حصلت الكتلة الصدرية على 27 مقعدا في هذه الانتخابات مع ما مجموعه 323911 صوتا والذي يمثل 22 بالمائة من الأصوات، في حين حصلت نفس الكتلة والممثلة بسائرون في عام 2018 على 17 مقعدا فقط وبأصوات تساوي 467029 والتي تمثل 23 بالمائة من الأصوات، وحينها حصل رائد فهمي سكرتير الحزب الشيوعي على 19493، ولو قمنا باستبعاد اصواته عن نتائج 2018، سنجد ان الصدريين حصلوا على 22 بالمائة من الأصوات، أي ان نسبة أصوات الصدريين لم تتغير ولكن وبسبب تنظيم ناخبيهم وترتيب مرشحيهم، ارتفعت مقاعدهم من 16 الى 28 مقعد، مع بقاء نسبة أصواتهم هي نفسها، وسنجد بان الصدريين رشحوا 33 شخصا فقط نجح منهم 28 نائبا، أي ان نسبة نجاح مرشحيهم هي 85 بالمائة وهي اعلى نسبة بين جميع الكتل.

اما دولة القانون والتي فازت بثلاثة عشر مقعدا وجمعت 156880 صوتا والذي يمثل حوالي 11 بالمائة من أصوات الناخبين في بغداد، فهي كانت قد حصلت على 9 مقاعد عام 2018 وجمعت حينها على 237216 صوتا وهو يمثل حوالي 12 بالمائة من الأصوات، وهذا التغير منطقي جدا وقليل، أي انها حافظت على جمهورها، ولو انها قد رشحت 20 شخصا لم ينجح منهم سوى 12 شخصا، أي ان اختياراتها لم تكن موفقة مثل الكتلة الصدرية.

حصلت تقدم على 132312 صوتا عن ترشح 29 شخصا، فاز منهم 11 مرشحا فقط، وكان عدد النواب السابقين المترشحين حاليا سبعة، فاز منهم ستة نواب واحتفظوا بمكان في المجلس النيابي، أربعة من هؤلاء هم من ائتلاف الوطنية والأخران من تحالف القرار العراقي وتحالف بغداد، واللذان تم حلهما وتكون بدلا عنهم تحالفات جديدة تمثل عزم وتقدم من أكبر التحالفات الجديدة والتي تدعي تمثيلها للمكون السني، ومن غرائب الأمور انه في كل انتخابات تتشكل كتل جديدة تعتمد على تحالفات اشخاص يخوضون الانتخابات اعتمادا على نشاطهم الاجتماعي والعشائري، والامر يعود الى عدم تشكل أحزاب قوية تستطيع تجميع العراقيين بغض النظر عن انتمائهم الديني او القومي او الطائفي، وان استمر الامر على هذه الحالة فنحن سائرون على طريق التقسيم الطائفي والديني والقومي البغيض، وليس على أساس التوجه الوطني، والمعتمد على منهاج الحزب وفكره.

وكانت أسوأ إدارة لاختيار المرشحين هو في تحالف عزم، اذ ترشح عنها 40 شخصا، فاز منهم 7 فقط بمقاعد نيابية، علما ان مجموع اصواتها هو 115821 صوتا، والذي كان مفترضا ان تفوز بتسعة مقاعد، وكان اقل الأصوات التي حصل عليها مرشح من عزم هو 40 صوتا لأشواق فهد عن الدائرة 17، وفي الدائرة 12 رشحت 6 اشخاص كان مجموع أصواتهم 12595 ولم تفز باي مقعد، وكان من المفترض ترشيح شخصين فقط، فسي حين رشحت الكتلة الصدرية شخصين فقط وحصلا على الترتيب الخامس للمرشح علي جاسم محمد وحصل على 3920 صوتا، ثم شيماء بالترتيب السادس وحصلت على 3798، وحصلت شيماء على المقعد النيابي بسبب حصة - كوته النساء، أي ان الكتلة الصدرية حصلت على 7718 صوتا في هذه الدائرة، ومنها على مقعد نيابي مقارنة بعزم والتي حصلت على ما يقرب من ضعف الأصوات ولكن من دون مقعد، وفي الدائرة 13 رشحت عزم 5 اشخاص من ضمنهم امرأتان تتنافسان على نفس المقعد، وجمعت في هذه الدائرة 23771 صوتا، ولكن حصلت على مقعدين فقط، ولو انها رشحت امرأة واحدة فقط لكان بإمكانها الفوز بمقعد النساء بدلا من تقدم، والتي رشحت امرأة واحدة فقط.

وحقق المستقلون مفاجأة هذه الانتخابات، لان النظام الانتخابي الجديد يسمح بفوز المستقلين عكس النظام الانتخابي السابق والذي كان يشوبه الخلل في أكثر من جانب، اذ ترشح 139 مستقلا، فاز منهم خمسة بمقاعد نيابية، وهي نتيجة لم تحصل سابقا. والنائب حسن سعيد الربيعي من الدائرة 12 هو الوحيد من الفائزين المستقلين كان نائبا عام 2018 عن حركة إرادة، واعتقد بانه انسحب من إرادة بسبب التحاق إرادة بدولة القانون، وقد فاز مستقلان اثنان عن هذه الدائرة والمستقل الأخر هو حسين الربيعي، وكان اعلى الأصوات في هذه الدائرة من نصيب النائب السابق عن الوطنية غاندي الكزنزاني، والذي كان يترشح دوما عن الوطنية، ولكن سوء إدارة اياد علاوي لائتلافه جعل غاندي ينسحب من الوطنية ويلتحق بتقدم. وكان مجموع أصوات المرشحين المستقلين الخمسة وحصلوا على مقاعد نيابية هو 31749 صوت، علما بان 55 مرشحا مستقلا حصلوا على أكثر من ألف صوت، وهذه دلالة واضحة على استياء جمهور الناخبين من المرشحين المنتمين الى كتل وأحزاب، علما بان بعض المستقلين كان أداؤهم سيئا جدا، اذ حصل 84 مرشحا مستقلا على اقل من 1000 صوت، وكان مجموع أصواتهم هو أكثر من 39 ألف صوت، وحصل عيسى الشورتاني من الدائرة 13 على 21 صوتا فقط، وهو اقل الأصوات من بين المستقلين في بغداد.

في حين حصلت الفتح على 3 مقاعد نيابية وبمجموع أصوات 69110 أصوات وبنسبة أصوات تبلغ حوالي 5 بالمائة، وتسبب انفصال حقوق عن الفتح وترشيحها لأشخاص لوحدهم بزيادة خسارتها، اذ حصلت حقوق على مقعد واحد وبمجموع 35106 أصوات، ولو جمعنا الكتلتين لكان مجموع أصواتهم 104 الف صوت وبأربعة مقاعد فقط وبنسبة 7 بالمائة من مجموع أصوات ناخبي بغداد، ولو قارنا هذه النتائج مع ما تحقق عام 2018، لوجدنا بان الفتح حينها حصلت على 10 مقاعد وبمجموع حوالي 265 الف صوت وهي تعادل 13 بالمائة من الأصوات، أي ان الفتح قد خسرت حوالي نصف أصوات جمهورها، واكثر من نصف نوابها، وعليها ان تحلل نتائج الانتخابات وسبب عزوف الناخبين عن التصويت لها، وهذا الامر ينطبق على غالبية الكتل الأخرى عدا عن الكتلة الصدرية ودولة القانون والتي حافظت على اصواتها وزادت من مقاعدها، واسوأ النتائج كانت للوطنية وائتلاف النصر وتيار الحكمة إضافة لقوى الدولة التي مثلت الكتلتين الأخريتين في هذه الانتخابات، والتي لم تحصل على أي مقعد في بغداد، في حين ان الوطنية حصلت على 9 مقاعد واكثر من 223 الف صوت عام 2018، والنصر على 8 مقاعد واكثر من 216 الف صوت والحكمة على 4 مقاعد واكثر من 100 الف صوت، والان حصلت الوطنية على 18780 صوت فقط، والنصر على 18533 صوت وقوى الدولة والتي مثلت الحكمة والنصر وحصلت على 43671 صوت، والسبب الرئيسي يعود الى ان نواب الوطنية التسعة، لم يترشح منهم سوى كاظم المنصوري عن الوطنية الان وخسر الانتخابات، في حين ترشح خمسة نواب من الوطنية الى كتلتي عزم وتقدم ونجحوا جميعا وبأصوات عالية، ولم يترشح اياد علاوي في هذه الانتخابات إضافة الى انسحاب نائب اخر، وترشح نائب اخر كان في الوطنية وانتقل الى دولة القانون ولكنه خسر، أي ان سبب خسارة الوطنية هو عدم تمكن اياد علاوي في اقناع نوابه بالبقاء في ائتلافه، وكان عليه الترشح عن المنصور، وكان من الممكن ان يحصل على مقعد، لكن فضل ان تترشح ابنته ولم تنجح. اما عن النصر فلم يترشح خمسة من نوابه الثمانية في هذه الانتخابات وترشح الثلاث نواب الاخرون عن كتل أخرى وخسروا جميعا، وهذا خلل داخلي اخر في تحالف النصر، اما تيار الحكمة فلقد ترشح اثنان من نوابه على قائمة قوى الدولة وخسروا، وشكل عبد الحسين عبد الرضا عبطان وزير الشباب سابقا تحالف اقتدار وطن لتصوره بإمكانه تجميع الشباب حوله وترشح عن الدائرة الخامسة، ولكنه خسر اصواته التي كانت تزيد عن 34 ألف صوت عام 2018 ليحصل على 2786 صوت فقط وبالترتيب العاشر في هذه الدائرة الان.

وفازت اشراقة كانون بمقعد واحد عن الدائرة 11، حيث حصل تقي ناصر على ما يقرب من 9 الاف صوت، ورشحت اشراقة كانون 10 اشخاص، جمعوا حوالي 20 ألف صوت، وهذا انجاز جيد المتظاهرين.

اما النائب السابق عن دولة القانون محمد شياع السوداني فلقد شكل تيار الفراتين، وانسحب عن دولة القانون واعتبر نفسه مستقلا عام 2020 املا في الحصول على ترشيح لرئاسة الوزراء حينها عندما قدم عادل عبد المهدي استقالته، وبعدها شكل تيار الفراتين وفاز بمقعد عن الدائرة السابعة وجمع 5533 صوتا، في حين حصل عام 2018 على 14326 صوتا.

واذا تمعنا النظر في أصوات المرشحين الذين حصلوا على أصوات عالية ولم يتمكنوا من الوصول للبرلمان سنجد على رأس القائمة المرشح عباس حسين الجبوري  من العقد الوطني والذي كان مرشحا للبرلمان عن الدائرة السادسة، وكانت مجموع اصواته 4535 مقابل خالد العبيدي والذي حصل على 4532 صوتا، ولكن بعد الاعتراضات ، أصبحت أصوات خالد العبيدي 4538 في حين لم تتغير أصوات عباس العبيدي، وهنا نجد بكل وضوح أهمية كل صوت، لان ثلاثة أصوات فقط سمحت لمرشح بالوصول للبرلمان. ، والحالة الأخرى القريبة منها هو الفرق بين أصوات النائبة ابتسام التميمي من الكتلة الصدرية في الدائرة 7 والتي حصلت على  4092 صوتا، وفازت على النائبة السابقة انسجام الغراوي من الحكمة، والتي رشحت تحت قائمة قوى الدولة وحصلت على 4062، أي ان الفرق كان 30 صوتا فقط.

وهنالك نتائج أخرى متقاربة في دوائر أخرى، ولكن ليس بمثل هذه الفروقات المتقاربة ففي الدائرة التاسعة كان الفرق بين النائبة ابتسام البديري من الكتلة الصدرية وحميد الزاملي من الفتح فكان 272 صوتا، ولو انها كانت ستفوز بسبب الحصة -الكوتة النسائية. وفي الدائرة العاشرة صعدت شيماء الدراجي من الكتلة الصدرية من المركز الخامس الى المركز الثالث بدلا من علي فيصل من دولة القانون، ولكن الفرق بين علي فيصل ومحمد الدليمي من عزم هو 190 صوتا فقط. وصعدت النائبة شيماء العبيدي من الكتلة الصدرية في الدائرة الثانية عشر من المركز السادس الى المركز الخامس بسبب حصة النساء، لتزيح علي جاسم من الكتلة الصدرية أيضا، ولكن هنا أيضا نجد ان الفرق بين علي جاسم والنائب المستقل حسين الربيعي هو 311 صوتا فقط.

في الدائرة الثالثة عشر صعدت النائية سناء عودة من تقدم من المركز الخامس الى الرابع لتزيح فوزي محمد احمد من المشروع الوطني، علما ان الفرق بين فوزي والنائب كريم يوسف أبو سدرة هو 158 صوتا فقط، وفي الدائرة الرابعة عشر نجد ان الفرق بين عبد الكريم علي عبطان من تقدم والمستقل ياسين محمد حمد هو 197 صوتا فقط، والفرق قليل جدا عن المرشح المستقل التالي حميد نجم هو 323 صوتا فقط، وأخيرا كان الفرق بين حامد المحياوي من العقد الوطني، والنائب حامد احمد القرغلوي كان 473 صوتا، وعند مقارنة هذه النتائج مع انتخابات 2018 والتي اعتمدت على نظام انتخابي مختلف، سنجد ان مثل هذه الحالات لم تكن شائعة مثل الان.

 اما المرشح حميد كاظم والحاصل على 7331 صوتا من أكثر المرشحين سوءا للطالع لأنه لم يستطع ان يصعد للبرلمان بالرغم من اصواته العالية، وينطبق نفس الشيء عل عمر عدنان من عزم والحاصل على 6191 صوتا ولم يحالفه الحظ اضا، إضافة لذلك هنالك ثمانية مرشحين حصلوا على أكثر من خمسة الاف صوتا، ولكن لم يضمنوا مقعدا لهم.

وكان اقل أصواتا حصل عليه نائب هو للمستقل حسين الربيعي من الدائرة 12 والذي حصل على 4231 صوتا، واستثنينا هنا أصوات النائبات اللائي صعدن للبرلمان بسبب حصة-كوته النساء.

 

 

أكاديمي مقيم في الامارات العربية المتحدة