لا خلاف على أن حل القضية الفلسطينية هو أحد المفاتيح الرئيسة لاستقرار الأمن في المنطقة، وسيوفر واقعًا جديدًا، لا سيما على مستوى الرأي العام الشعبي، الأمر الذي يسهم في استدامة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وفي الحقيقة أن الممارسات العدوانية الإسرائيلية والخروقات التي ترتكبها وتقترفها سلطات الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني مستمرة ومتواصلة في تحد سافر لقواعد القانوني الدولي، وتواجه الجماهير الفلسطينية الظروف الصعبة القاسية والتحديات الجسيمة بسبب الاحتلال الإسرائيلي وممارساته العدوانية على الشعب والأرض والمقدسات في القدس.
لقد فشلت كل المحاولات الاحتلالية في تذويب هوية الشعب الفلسطيني وتصفية القضية الفلسطينية، كما فشل التعويل على تآكل هذه القضية بالتقادم، والجيل الشبابي الفلسطيني ممثلًا بأبطال الحجارة الذي ولد في اوج الانتفاضة الفلسطينية، رفع راية المقاومة والصمود والشهادة عاليًا، والتمسك بالحق في تقرير المصير، ولم يعد ممكنًا تجاهل حقه بإقامة دولته الحرة المستقلة فوق التراب الوطني، ودون توحيد الجهود الفلسطينية سوف تظل المشكلة الفلسطينية عائمة وسط صراع ثقيل، وسيبقى الشعب الفلسطيني يعاني أكثر أشكال القهر والاضطهاد.
وخلال العشر سنوات ونيف الماضية خفت الحديث عن القضية الفلسطينية في ظل صعود قضايا إقليمية على سطح المشهد السياسي مثل الملف النووي الإيراني وموجة الفوضى الخلاقة في الوطن العربي التي عرفت باسم "ثورات الربيع العربي"، والمؤامرة على سورية بهدف تفتيت الدولة السورية وضرب النظام السوري المناهض للتحالف الغربي الامبريالي، وبدا أن القضية الفلسطينية قد حكم عليها بأن تظل محصورة على خلفية الأولويات والاجندات الدولية، ولا سيما بعد التطبيع بين دولة الاحتلال وبعض الدول العربية الخليجية وفي مقدمتها الامارات العربية المتحدة، وبدء حقبة جديدة في المنطقة.
في الماضي كان اهتمام العرب بالمسألة الفلسطينية في اجنداتهم أكثر من الاهتمام بها الآن، بعد أن اتجه المطبعون العرب نحو إسرائيل، وتناسوا قضية العرب الأولى، القضية الفلسطينية.
إن المشهد الفلسطيني الراهن تتآكله الصراعات الداخلية، والانقسام المدمر يتواصل وبات أكثر حدة من ذي قبل، والعدوان الاحتلالي ضد شعبنا يتصاعد، والمواقف الامريكية الأوروبية تتسم بالميوعة والتأتأة والتناقض، دون أي فعل تأثيري في الواقع. وكذلك المواقف الدولية لا تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام باتجاه فرض الإرادة الدولية لتحقيق مطالب وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
شعبنا بات يدرك تمامًا أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن وحقوق الإنسان استنفذت جهودها ولم تحقق أي هدف من أهداف شعبنا، سوى التعنت الإسرائيلي وتعمق سياسة الضم والاستيطان في الأراضي الفلسطينية، وعلى ضوء ذلك فليس أمام شعبنا سوى خيار المقاومة الشعبية المشروعة لتحقيق طموحاته وآماله بالحرية والاستقلال، وذلك يتطلب قبل كل شيء تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام لمصلحة الوطن الفلسطيني وقضيته التحررية العادلة.