العراق الذي يحسب هامة الشرق العربي وعقله القادح، غدا العبث به سالكاً مباحاً لمن هب ودب للاسف الشديد. ففي زمننا الراهن على الاعم الاغلب لم يبق بلد لا يحكم بارادة شعبه مهما كانت خلافاته الداخلية، ولا احد من اطراف الخلاف يجرؤ على التفريط بمصالح اهله ووطنه لحساب مصالح القوى الاجنبية ما عدا العراق، الذي صار التفريط بقيمه وسيادته الوطنية شبيه بـ " ماء السبيل " رغم ما يمتلكه هذا البلد المستباح من كفاءات وطنية مخلصة وحريصة. ذلك ما يشكل مفارقة العصر التي تبدو من طراز فريد.

جاءت الانتخابات الاخيرة في 10\ 10 الشهرالماضي، مبرقعة مزوقة تغري البسيط والمغفل. لكنها لم تنطل على من في عقله شحنة وعي، ولديه بصيرة لحماية مصالح شعبه وارساء حياة مدنية كريمة له.

انتهت الانتخابات المتستر على عيوبها الفاضحة. وفي نهايتها هذه بدأت تتكشف النوايا المكشرة عن انياب الذئاب المفترسة، لكون الفريسة ما زالت عرضة للتقاسم بين المتحاصصين.. خسروا ولكنهم لم يتوانوا عن المطالبة بالعودة الى حلبة المشاركة في منظومة الهيمنة وتقاسم المال السائب. تحت شعار " التوافق "

كانت نتائج الانتخابات هذه المرة، مواربة الحال بين اعطاء الحقيقة للبعض  الفائز، وجبر خواطر للاخر الخاسر. ولكن ما اصيب في مقتل هو العرّاب ذاته لهذه العملية، حيث رسم لها هيكلاً زاهياً للشكل وخالياً من العدالة في المضمون، وبدافع الظن منه ان هذه الآليات المفبركة ستعود عليه بمزيد من الكسب، وكذلك ستوفر له الفررص للاستمرار بالنهب الا انه لم يحسبها جيداً. اذ  حصل العكس.

بعد المعاينة لطبيعة العلة، تجلى نضوج مستوى وعي الناس التي تلظت بنار تردي الحياة المعيشية، وتدهور الوضع الاقتصادي، والانحطاط الامني هذا ما ادى الى ان تدير الجماهير ظهرها لمستغليها وتنكفئ عن مخاض الانتخابات، لكن البعض من الطغمة الحاكمة تدارك حاله بخطاب يدغدغ مشاعر الناس وربما كان يمتلك ماكنة انتخابية مقتدرة ، وهذا ما ساعد على بقائه في الساحة.  

وعندما تتم متابعة هذا القش السياسي الخريفي المتساقط وهو يحاول العوم في مجرى دائرة اعادة حاله الى مواقع الحكم، حيث مازال يتشبث بمركب السلطة، التي يعتبرها القلعة المحصّنة لسلامته. ومن دونها الهلاك المحتم حيث تربص القضاء العادل له. هذا وناهيك عن غضب الناس الذي ظهر لهيبه وتأثيره الموجع للبعض بـ " نتائج المقاطعة " ولابد من ان نشهد رد الفعل من هؤلاء متجهاً نحو صنع الغام عند عتبة تشكيل الحكومة مجسداً بالتظاهر واطلاق الصواريخ، هذا وناهيك عن اللغم الاشد تأثيراً الذي سيظهرعلى اثر اقرار" المحكمة الاتحادية "  للنتائج النهائية .

 ومن ثمة ياتي التعطيل لتشكيل الحكومة. الذي صار نمطياً يتكرر في كل حين. حينما يتم التلاعب بـتحديد  { الكتلة الفائزة الاكبر }  مما سيصعب تحديد المدى الزمني لاستتباب الاوضاع. بمعنى ستبقى الحكومة في دولاب البحث عنها، مثل هلال العيد من خلال " مكروسكوب " وبغياب اية مشاعر او ادنى احساس لدى اصحاب القرار، بما سيجنيه الشعب العراقي من جراء هذه المقامرة بمصائر البلاد والعباد ..

عرض مقالات: