تتوالى تصريحات مفوضية الانتخابات والحكومة العراقية، ومعها المنابر الاعلامية للقوى الحاكمة والمتحاصصة، الماسكة بالسلطة، للتأكيد على نزاهة الانتخابات "المبكرة" المقبلة وحرصها على منع التزوير والتلاعب بنتائجها كما جرى في الانتخابات السابقة. وهي، في سياق ذلك وللتدليل على نزاهتها وإثبات حيادها الزائف، تعترف بأن تلك الانتخابات في 2018 شابها بالفعل قدر من الانتهاكات ومحاولات التلاعب والتزوير، ولكنها تدعي انها لا ترقى إلى مستوى يدعو للتشكيك بشرعيتها. 

وتشارك في هذه الحملة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، بتقديم ضمانات بأن المنظمة الدولية تراقب سير العملية الانتخابية بشكل فاعل وتسهر على تأمين سلامتها وخلوها من التلاعب والتزوير كما جرى في مرات سابقة. وهذا على رغم ان الأمم المتحدة كانت حاضرة ايضاً في الانتخابات البرلمانية في 2018، قبل الانتخابات وخلالها واثناء فرز وعد اصوات الناخبين من قبل المفوضية "المستقلة" حتى اعلان النتائج النهائية بعد اسابيع عدة، ولم تتردد في المصادقة على نتائجها آنذاك. 

لكن ما يجب أن يفعله رئيس الوزراء الكاظمي وبلاسخارت إذا كانا يريدان حقاً استعادة ثقة الناخبين، والمواطنين عموماً، الذين قرروا مقاطعة الانتخابات، هو الكشف فوراً ودون مماطلة وتسويف عن التقرير الخاص بالتحقيق في التزوير والتلاعب في الانتخابات التي جرت في 2018.. بدلاً من إطلاق وعود وضمانات فارغة ومواثيق شرف لا قيمة لها.

فلا يمكن للكاظمي أن ينكر اطلاعه على هذا التقرير، الذي اعترف مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات بوجوده، مؤكدا حقيقة أن المشاركة في انتخابات 2018 لم تتجاوز 22% بينما ادعت المفوضية الانتخابية "المستقلة" آنذاك انها وصلت إلى 44.5%.

أما بلاسخارت فإنها تعلم قطعاً بوجود هذا التقرير، لأن الأمم المتحدة ساهمت ايضاً بـ"مراقبة" العملية الانتخابية في 2018، كما تفعل الآن.

إن الاستمرار بإخفاء نتائج التحقيق في انتخابات 2018 من قبل الكاظمي وممثلة الأمم المتحدة في العراق لا يعني سوى التواطؤ مع القوى الحاكمة والفاسدة التي لجأت إلى التزوير والتلاعب بالانتخابات آنذاك، وتفعل الشىء ذاته مع الانتخابات "المبكرة" بوقاحة متناهية، لمصادرة ارادة الشعب وإعادة انتاج رموز المحاصصة والطائفية السياسية والفساد. 

إن على جميع قوى ونشطاء انتفاضة تشرين، وهم يستعدون لإحياء ذكراها الثانية، وكل المواطنين العراقيين الشرفاء أن يرفعوا أصواتهم عالياً للمطالبة بالكشف فوراً عن نتائج التحقيق في تزوير انتخابات 2018، ونشر التقرير الذي جرى التكتم عليه واخفاؤه عن الرأي العام أكثر من ثلاث سنوات.

وهو ما يجب أن يطالب به أيضاً المؤيدون للمشاركة في الانتخابات من المدنيين إذا كانوا حريصين فعلاً على نزاهة العملية الانتخابية، والاّ فانهم سيتحولون إلى شهود زور لمنحها شرعية زائفة.

فمن دون كشف تلك الحقائق، وفضح الجهات المسؤولة عن تزوير انتخابات 2018 والتلاعب بنتائجها وسرقة اصوات الناخبين، لن تكون الانتخابات القادمة سوى تكرار للمهزلة.

عرض مقالات: