من نافل القول أن العالم والمنطقة العربية مقبلان على مرحلة سياسية جديدة وهامة، سيعاد من خلالها بناء النظام العالمي عامة، ونظام منطقتنا بشكل خاص، وسيكون جملة من التغييرات الاستراتيجية، ومن المفترض ان تكون القضية الفلسطينية المهمشة حاضرة فيها وبقوة، ولا بد من تسوية القضايا العربية في اليمن والعراق وسوريا ولبنان والسودان وليبيا والمغرب العربي، فضلًا عن قضايا النزاع والصراع القطبي مع دول المنطقة سواء مع أيران أو تركيا او سوريا أو حزب اللـه، من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، ومنع نشوب حرب كونية ستحرق الأخضر واليابس.
ولعل انسحاب أمريكا من أفغانستان، ولاحقًا من العراق وسوريا وبقية أقطار المنطقة، من شأنه ان يفتح المجال لتغيرات وتحولات مختلفة سيكون لها انعكاسات وآثار مهمة على جميع الصعد والمحاور، وعلى مستقبل القضية الفلسطينية ودول المنطقة والسلم الأهلي وواقع القوى السياسية.
وفي حقيقة الأمر انه لا يوجد في الأفق حتى الآن أي أمل بإنهاء الاحتلال، وأي تسوية سلمية للقضية الفلسطينية، لا فلسطينيًا ولا عربيًا ولا كونيًا، والسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس هي سلطة مخنثة ومترهلة، وأصبحت طابور خامس لخدمة الاحتلال الإسرائيلي كشرط للحصول على الفتات من بعض الدول العربية والعربية، وهي جزء من الاجماع العربي المتواطئ مع سياسة السعودية ومصر، ومع دول التطبيع الخليجية.
والدور الحالي للسلطة الفلسطينية هو الحفاظ على حالة الهدوء وقمع المحتجين الرافضين لسياستها ونهجها واعتقال واحتجاز المتظاهرين من شعراء وأدباء ومثقفين، الذين يطالبون بتوسيع أفق وهامش حرية الرأي والتعبير.
من جهة أخرى يقف قطاع غزة على فوهة بركان، والوضع هناك معقد ومركب، ومصر التي قامت بإغلاق ممر رفح، تقوم بدور سافل لإذلال القطاع وتركيع المقاومة، وخدمة سلطة رام اللـه والمؤسسة الاحتلالية الإسرائيلية.
لا يموت حق وراءه مطالب، وشعبنا الفلسطيني بنسائه ورجاله شعب حر ومقاوم منذ فجر التاريخ، ضحى بالكثير من قوافل الشهداء والجرحى والأسرى، وهو لن يكل ولن يمل، ولن يتوقف عن النضال والكفاح المشروع حتى تنتصر قضيته، ويحقق أهدافه الوطنية العادلة بالعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. ولكن ذلك يتطلب وحدة الكلمة ووحدة الموقف والثبات وتعزيز الصمود والمقاومة الشعبية، وحماية المشروع الوطني الفلسطيني، وإقامة بديل ثالث لسلطة محمود عباس القمعية ولحركة حماس، واستثمار التضامن الدولي الذي تنامى وتصاعد إبان العدوان الإسرائيلي العسكري على قطاع غزة.