منذ نشأة الحزب الحزب الشيوعي العراقي، وهو يجعل من الوطنية العراقية محركا اساسيا لجميع نشاطاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ويضعها في مقدمة أهدافه ونضاله الذي شمل كافة العهود بوجه الحكام، من أجل تحقيقها، فتمسكه بالعراق كان دائما الدليل على وطنيته، مفتخرا بانتمائه للعراق، طيلة مسار تأريخه النضالي الطويل. فعندما تتسع الفرقة بينه وبين تحقيق المصالح الوطنية للجماهير الشعبية، بما تفرضه ظروف الوطن نتيجة دخوله في تحالفات سياسية مع السلطة أو مع أحزاب تدعي ورقيا النهج الوطني تؤدي به الوقوع في فخ الانفصال عن وطنيته العراقية، في وقت نرى أن أحزاب شيوعية ليومنا هذا بقت متمسكة بمصالح شعوبها الوطنية، محققة انتصارات تفتخر بها وتتصدر العالم في كافة الاصعدة الاقتصادية والاجتماعية والعلمية، وأصبحت مواقفها تتصدر مهامها لنصرة الشعوب المناضلة من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. هناك امثلة لبلدان تقودها أحزاب شيوعية كالصين الشعبية، وفيتنام وكوبا وغيرها من بلدان امريكا اللاتينية التي وضعت سياسة أحزابها ملتصقة بمآرب شعوبها الخاصة، ولم تنصاع لمقررات الغير (سواء كانت داخلية أو خارجية)، لكونها تنظر لمصالح شعوبها الملحة، بعين ساهرة على تحقيقها. لذا تعززت مواقعها جماهيريا ودوليا، فالصين تحت قيادة الحزب الشيوعي لا زالت تحقق إنجازات في مختلف الصعد، يتطلع اليها الشعب الصيني وأحرار العالم بكل فخر واعتزاز، بينما شعب جزيرة الحرية كوبا لبى نداء زعيم الحزب الشيوعي الكوبي الراحل الكومندات فيدل كاسترو، عندما خرج متوجها الى خليج الخنازيز وهو ينادي الجماهير الشعبية للتصدي للغزو الامبريالي الأمريكي لكوبا، فخرجت وراءه الجماهير ، مؤكدتا حقيقة ربط مصير الوطن بمصالحه الوطنية العليا الملحة في ذلك الوقت، فانتصرت جماهير كوبا الشعبية على أعتى رأسمالية في العالم، ولهذا أصبحت كوبا مركز تجمع لقوى الديمقراطية في العالم. وهذا ما جرى في فيتنام وبعض دول أمريكا اللاتينية التي تحالفت فيها القوى الديمقراطية الحقة المتمسكة بوطنيتها لطرد حكام أحزاب يمينية استقوت بالإمبريالية العالمية في سيطرتها على الحكم، حيث قدمت لها المساعدة العسكرية واللوجيستية للوصول لحكم البلاد لتصبح ركيزة لتنفيذ أجنداته في الداخل والخارج، يُسيرها لتنفيذ مآربه على الصعيد الداخلي والدولي.
فانتكاسات حزبنا الوقتية لم تأخذ من الزمن وقتا طويلا، لكونه كان ملتزما بالأهداف الوطنية ومعتمدا في حل المسائل المتعلقة بحل الحقوق والواجبات للناس بموقف قربه من الوطنية العراقية الصرفة رافعا شعاراتها الملحة وغير مهتم بما تطرحه القوى التي تلتزم بوطنية ورقية اثبتت الوقائع عدم صدقها ومسايرتها لواقع الامور التي تجري في الشارع، من هنا نرى إن التشديد على مصالح الوطن العليا، التي قد توصل إلى التقاطع مع مواقف الكثير من الاحزاب التي تدعي الوطنية على الورق، وهذه الظاهرة سجلت في المعارك البطولية التي خاضها الحزب ضد حكام البلاد، حيث علمتنا الحياة على أنها خاضعة لتناقضات قد تكون في وقت ما كامنة، وتظهر بفعل حركتها وبفعل تغيير في مسار هذه التناقضات داخليا أو بفعل عامل خارجي . فالداخلية تجري لضمان مسار معين لشيء ما وهذا يُرسم من خلال التمسك بالنعرات الطائفية والمذهبية التي اتخذت طابعها الحاد الموقت النزعة، كما ساد ذلك بعد إسقاط الصنم عام 2003 ,وفي المواكب الحسينية (بالتطرف في اقامتها) وغير ذلك ما أكدته بعض المفاهيم التي تصب في هذا الاتجاه من قبل بعض الذين أنستهم كراسي الحكم وطنيتهم التي بسببها خاضوا النضال ضد الدكتاتورية ومن أجل الديمقراطية، ومع هذا بعد تسلمها الحكم سارت بجانب عدوة الشعوب امريكا وتحولت لركيزة لها في المنطقة.
فسياسة الحزب ارتبطت بمطاليب الشعب باسره وتؤكد أنها لا ترتبط بموقف معين، وتخدم المجتمع بأكمله، بالرغم من كونه يتعايش مع أحزاب أثبت الواقع أنها تتمسك بالوطنية لتبييض صفحاتها الدامية فحسب، لذا فهي تصهل بالوطنية ورقيا وإعلاميا، بينما تمارس حراكها المقرب من المستغلين، ويتصف بالبعد عن أهداف الجماهير، وخاصة في مجتمعات يسودها غياب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. ومع كل ما فات ذكره لم يقفل الحزب أبوابه في أي وجه كان، ممن أنخرط بوعي ونشاط في نضال الجماهير الشعبية العراقية. وأبدى استعداده، وإياها لان يربط مصيره بالنشاط الإبداعي للطبقة المعدمة لتحقيق العدالة الاجتماعية. لقد عرف التاريخ ولا يزال يشهد إلى الآن أن الحزب تبنى وقائع وطنية عراقية الانتماء، في مجتمع تمزقه التناقضات السياسية ومحط اطماع دول الجوار والدول الرأسمالية لما يملكه من ثروات، فيما لو اتيحت فرصة استغلالها وطنيا عراقيا لاحتل العراق مكانة مرموقة بين دول العالم.